لماذا يحتاج كل مواطن إلى هوية إلكترونية بدل النسخ الورقية الحالية؟

23 يونيو 2017
ستحل الهوية الإلكترونية مشكلة مليار شخص (الأناضول/Getty)
+ الخط -
يتعامل مئات الملايين من المواطنين حول العالم مع الإدارات الحكومية كل يوم، وفي كل المعاملات العامة أو الخاصة لا يمكن الاستغناء عن الهوية والأوراق الثبوتية.

وما يميز هذا النوع من الوثائق حتى الساعة أنها لا تزال نسخاً ورقية حقيقية فيزيائية غير إلكترونية، وبدونها يستحيل الاستفادة من أي خدمة حكومية، ولن ينال المحروم منها أي اعتراف من قبل الجهات الرسمية وغير الرسمية، لكن ماذا عن هويات إلكترونية؟

ناقش موقع "فينتشر بيت" التقني هذه الفكرة في تقرير تحليلي قال فيه إن مقابل أولئك الذين يتمتعون بهويات تقليدية مع مواطَنة كاملة وأمور ميسرة، يعاني المواطنون في أجزاء من العالم من عدم امتلاكهم لهويات لأسباب موضوعية جداً، "فلكم أن تتخيلوا لاجئاً هارباً من الحرب، بطبيعة الحال سوف يكون أخذ هويته معه آخر همه في وقت يقاتل فيه ليبقى على قيد الحياة". بينما قد يتعرض لاجئون آخرون إلى حذفهم من أرشيف الأنظمة، وهكذا يجد اللاجئ نفسه في بلد الملجأ دون أية هوية معترف بها من الجهات الرسمية.

لذا يقترح الموقع نموذجاً جديداً للهويات الإلكترونية، عبارة عن مجموعة من السمات والاعتمادات التي يتم تسجيلها إلكترونياً، والتي تكون مخزنة بشكل يحدد هوية الشخص دون الحاجة للاعتماد على قطعة من ورق، ويمكن استرجاع المعلومات في أي وقت، كما تسمح بسهولة تبادلها بين الحكومات والمؤسسات الرسمية والخاصة، ونفس الشيء ينطبق على الاستخدام في الإطار الشخصي. ليس هذا فقط، بل سوف تساعد هذه الطريقة الفئة الأكثر هشاشة على الاستمرار في حياتها وبناء الثقة المتراكمة تجاهها وبناء مستقبلها وضمانه.

ولن تعود فوائد هذه التقنية، إذا تم تطبيقها، على اللاجئين والضعفاء فقط، بل سوف تكون مفيدة لكل بشري في هذا العالم، يقول الموقع، إذ سوف تخلّص الناس من هموم الوثائق الثبوتية المختلفة من أجل إجراءات عادية مثل فتح حساب بنكي مثلاً، فذلك سوف يحدث بسهولة وسلاسة ودون الحاجة حتى لرؤية المعلومات الخاصة بالمستفيد. كما سوف تساعد هذه الطريقة على استخدام مختلف المنصات الإلكترونية دون الحاجة لتذكر الكثير من كلمات السر الطويلة والمعقدة.



وعلى مستوىً أعلى يمكن لهذه الطريقة الإلكترونية أن تغير مفهومنا للهوية البشرية بمعناها الواسع. فتقارب الحاجيات البشرية في العالمين الفقير والمتقدم سوف يجعل المعاملة على قدم المساواة، خصوصاً أن هذه الخدمة يمكن تطويرها أكثر فأكثر حتى تغيّر شكل الهوية كما نعرفه اليوم.

هذا ليس حلم يقظة أو خيالاً علمياً، بل إن التكنولوجيا الحالية توفر كل الإمكانات للقيام بذلك. فالقياسات الحيوية مثلاً تمكنها من توفير هويات دائمة وفريدة وخاصة بكل إنسان، وهو ما يزيد من الثقة بين المتعاملين ويزيل مخاطر العبث ويدفع نحو محاربة أشكال القرصنة. كما أن هذه الطريقة سوف تساعد الحكومات على الاعتماد على القياسات الحيوية من أجل تحسين حياة السكان وكفاءتهم، سواء على المستوى الحكومي أو غير الحكومي.

ويأتي ذلك في وقت تبدو فيه الظروف العالمية ميسرة لتحقيق هذا الهدف، فالعالم صار أكثر تواصلية، كما أن العالم صار أكثر مساواة من حيث فرص الحصول على جديد التكنولوجيا. إلا أن التكنولوجيا وحدها ليست كافية لحل مشاكل مليار شخص حول العالم يعيشون بدون هوية، فمشاكلهم مرتبطة أيضاً بالأنظمة والحكومات والسياسات، وهو ما يعني ضرورة تكاتف الجهود بين الحكومات والمنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة والقطاع الخاص من أجل تحقيق هذا الهدف، ومناقشة العراقيل ونقاط القوة والضعف، والانتقال إلى المرحلة التالية على أرض الواقع. مع توقعات بتنفيذ ابتكارات تكنولوجية قابلة للتطوير وآمنة ومستدامة.


(العربي الجديد)

المساهمون