صحيفة دنماركية تعتذر للاجئين

02 مايو 2017
ترحيب باللاجئين (العربي الجديد)
+ الخط -
في خطوة وصفها القراء بـ"الشجاعة والمهنية والسابقة في الصحافة الدنماركية"، تقدمت صحيفة "محافظة فيون" (Fyn Amts Avis) باعتذار صريح من طالبي لجوء، والقراء، عن تغطيتها، العام الماضي، مشاكل شهدها معسكر لجوء قصر في لانغلاند. وجرى إغلاق ذلك المعسكر، وتم توزيع قاطنيه من طالبي اللجوء تحت الثامنة عشرة، إثر عدد من المشاكل التي تضخمت في وسائل الإعلام إلى حد اتهام إدارة المعسكر أنها "غير قادرة على السيطرة على هؤلاء الصبية".

وما زاد الطين بلة في تناول الصحيفة لأوضاع هؤلاء اللاجئين، غير المصحوبين بأهل، أنها غطت بطريقة لا تتوافق وقوانين القضاء الدنماركي، القائل إن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، حين اختارت مع القراء أن تحكم على 5 من هؤلاء القصر بأنهم قاموا بعمليات اغتصاب واعتداء جنسي والتصرف غير اللائق في أحد مهرجانات لانغلاند الموسيقية.

واعتبرت الصحيفة، أن تغطيتها لم تكن مهنية بالقول "نحن نعتذر من القراء الذين اضطروا أيضاً لأخذ موقف تجاه تهم خطيرة ضد هؤلاء الخمسة بدون أسس (قانونية) كافية... فقد تبين أن هؤلاء أبرياء، بعد أن جرت محاكمتهم وأُسقطت التهم كلها ضدهم (في الشهر الماضي)".

واعترفت الصحيفة أيضاً أن طريقة تغطيتها لطريقة إدارة المعسكر من قبل بلدية لانغلاند "أدت إلى أن اتخاذ دائرة الأجانب (الهجرة) قراراً بإغلاقه ووضعه على أجندة الرأي العام كأولوية".

وعن طريقة تعاطيها مع التهم الخطيرة، اعتذرت الصحيفة عن أنه "ما كان يجب أن يسمح بإثارة ذلك الجدل على صفحاتنا بنشر رسائل قراء وآراء أصدرت الأحكام قبل القضاء، وبطريقة عممت على اللاجئين بحيث تجاوز الأمر المتهمين الخمسة حينه، إلى بقية اللاجئين وطالبي اللجوء".





(صحيفة محافظة فيون)


وكانت الصحيفة قد أفردت صفحاتها وموقعها الإلكتروني لآراء جد متطرفة في ما خص اللاجئين وبطريقة شبه يقينية عن أن هؤلاء مذنبون قبل أن يصلوا إلى قاعات المحكمة وتجري محاكمته والتثبت مما هو منسوب لهم.

وفي رسائل قاسية نشرتها الصحيفة حينها، دعا القراء، وتحديدًا يان موللر دامسو، الذي ذكرته الصحيفة في رسالة الاعتذار، إلى "طرد هؤلاء بسرعة". وأضافت الصحيفة "لقد أظهر ذلك (التهم المنسوبة والتي برئوا منها) ما نواجهه إذا ما بقي هؤلاء في البلد، ليس فقط أنهم سيكونون مكلفين اقتصاديًا بل إنهم بدءوا أعمالهم الإجرامية التي بالتأكيد ستسير نحو الإرهاب المحتمل".

إعادة نشر ما كتبه دامسو من قبل الصحيفة والاعتذار عن نشره بشكل مكرر اعتبرته "أحد أهم سبل مراجعة الذات في عملية صناعة الإعلام والصحافة".

واعتذرت أيضاً عن فتح صفحاتها لمديرة المركز السابق، سيس ايبي، التي قالت عن نقل هؤلاء المراهقين من المعسكر قبل التأكد من التهم "هذا (الاغتصاب المتهمين به) لا يمكن أن يكون مقبولاً ولذا يجري توزيعهم". وكذلك عن نشرها أقوال مدير مهرجان الموسيقى بعيد القبض على المراهقين "ما حدث لتلك الفتاة أمر فظيع". وأردفت "كان علينا أن نواجهه بأنهم لم يحاكموا بعد ولم تثبت عليهم التهم".

وأسفت الصحيفة بسبب "عدم ذهاب الصحف الكبرى والتلفزيون ووسائل الإعلام الأخرى على الصعيد الوطني، إلى إظهار واضح وكبير لتبرئة هؤلاء الفتية من التهم. ورغم ذلك فإنه شيء جيد أن تلك الصحف الكبيرة والقناة التلفزيونية لم تقع في ذات الأخطاء التي وقعنا فيها وقاموا باستخدام حاستهم المهنية في التغطية".


وذهبت إدارة تحرير صحيفة "اكسترا بلاديت"، والقناة الدنماركية، إلى الاعتراف بأنه "كان يجب أن نغطي التبرئة بطريقة أخرى".

واعترفت مديرة الأخبار في القناة التلفزيونية نايا نيلسن، أنه "علينا التعلم وأن نصبح أفضل... فهذا شيء سيء حقاً... وأؤيد هذا الاعتذار الصادق وننضم إليه".

أحد موظفي المركز المغلق كتب للصحيفة، من بين عشرات الرسائل التي وصلتها مؤيدة شجاعتها ومنتقدة بذات الوقت وسائل الإعلام، أنه "من الجيد قراءة هذا الاعتذار، لكنه وللأسف لا يعيد لنا وظائفنا التي فقدناها على الرغم من وجود بعض المشاكل مع هؤلاء الفتية إلا أنه لا أحد يستحق أن يحكم عليه في الصحافة كما جرى معهم".

واختلف قراء الصحيفة حول تأخرها في الاعتذار، وأن الاعتذار المتأخر أفضل من ألا يأتي.

المساهمون