"مراسلون بلا حدود":حرية الصحافة مهددة أكثر من أي وقت

26 ابريل 2017
خريطة تصنيف المنظمة (مراسلون بلا حدود)
+ الخط -
في نسخة عام 2017 من التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي تشرف عليه منظمة "مراسلون بلا حدود"، يُسجَّل تكرار مهول في الهجمات ضد وسائل الإعلام إلى حد الاستخفاف، فضلاً عن ظهور أباطرة يغيرون موازين القوى العالمية في زمن تطغى عليه مظاهر "ما بعد الحقيقة" والدعاية والقمع في عدة بلدان ومناطق، بما في ذلك الديمقراطيات.

هذا ما خلصت إليه منظمة "مراسلون بلا حدود" في تصنيفها للعام 2017، اليوم الأربعاء، والتي حذّرت من أنّ "حريّة الصحافة لم تكن قط مهددة على النحو الذي هي عليه اليوم".

وقالت المنظّمة "لم يسبق أن تعرضت حرية الصحافة لتهديدات بالوتيرة التي تشهدها حالياً، علماً أن المؤشر العام أضحى مرتفعاً أكثر من أي وقت مضى (3872). ففي غضون خمس سنوات، تراجع المعيار الذي تستخدمه مراسلون بلا حدود بنسبة تصل إلى 14 بالمئة، إذ سُجل خلال هذا العام تفاقم في وضع ما يقرب من ثلثي (62.2 بالمئة) البلدان التي تشملها الدراسة، بينما تراجع عدد الدول حيث تُعتبر حالة وسائل الإعلام "جيدة" أو "جيدة إلى حد ما"، وذلك بنسبة 2.3 بالمئة".


تصنيف الدول 

وبحسب التصنيف، فإنّ وضع الصحافة "خطير للغاية" في 72 من أصل 180 دولة يشملها الإحصاء، إذ يطغى على الخريطة اللونان الأحمر (وضع صعب) والأسود (خطير للغاية).

وتتمتع الصحافة بالحرية في 50 دولة فقط، في أميركا الشمالية وأوروبا وأستراليا وجنوب أفريقيا، بينما سجلت ست دول من أصل عشر تدهورا شديدا في وضع الصحافة.

وبحسب "مراسلون بلا حدود"، تشكل بلدان شمال أفريقيا والشرق الأوسط، التي تمزقها الصراعات، ليس فقط في سورية بل أيضاً في اليمن (166، +4)، أصعب وأخطر منطقة لكل من يرغب في ممارسة العمل الصحافي. ثم تأتي مباشرة خلفها أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى، علماً أن ما يقرب من ثلثي بلدان هذه المنطقة تحوم حول المرتبة 150 أو خلفها على جدول التصنيف.
وانضمت مصر والبحرين إلى "قائمة سجون الصحافيين" التي تشمل أيضا تركمانستان (178)، وسورية (177)، اللتين اعتبرتهما "أكثر دول عالم فتكاً بحياة الصحافيين". 

ونددت المنظمة بالوضع في إيران (165)، التي "تعتقل عشرات الصحافيين بشكل تعسفي".

وحلت الدول الاسكندينافية (النروج والسويد وفنلندا والدنمارك) في المرتبة الأولى، بينما حلت في المرتبة الأخيرة إريتريا وكوريا الشمالية "حيث يواجه أهالي البلاد خطر الاعتقال في أحد المعسكرات لمجرد الاستماع إلى محطة إذاعية أجنبية".

اما فرنسا فارتقت من المرتبة 45 (في 2016) الى 39 ولكنه "ارتفاع ميكانيكي بالأساس بعد التقهقر القياسي الذي سجلته البلاد في نسخة عام 2015 عقب مجزرة شارلي إيبدو"، مشيرةً إلى "مناخ يسوده العنف والكراهية على نحو متزايد" في فرنسا.

وفقدت بولندا (المرتبة 54)، تحت حكم ياروسلاف كاتشينسكي، ما لا يقل عن سبعة مراكز في تصنيف 2017. فبحسب المنظمة، "بعد تحويل الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون إلى أداة للدعاية، عمدت الحكومة البولندية المحافِظة إلى انتهاج أسلوب الخنق المالي للإجهاز على الصحافة المعارضة لتعديلاتها التشريعية". ومن جهتها، "خسرت المجر (71)، تحت حكم فيكتور أوربان، أربعة مراكز، مقابل 12 لتنزانيا (83)، التي يقودها جون ماغوفولي". 

وقالت RSF "أما في تركيا (155، -4)، فقد دفع فشل المحاولة الانقلابية ضد رجب طيب إردوغان بالبلاد نحو هاوية نظام استبدادي، علماً أنها أصبحت بمثابة أكبر سجن للإعلاميين على الصعيد العالمي". 

ولا تزال روسيا في عهد فلاديمير بوتين تراوح مكانها في أسفل الترتيب، حيث تقبع في المرتبة 148.

في آسيا، سجلت الفيليبين (127)، تحسنا بـ11 مرتبة بفضل تراجع عدد الصحافيين الذين قتلوا في العام 2016. ولكن "الوضع الحالي يُنذر بالأسوأ في ظل الشتائم والتهديدات التي يوجهها الرئيس رودريغو دوترتي إلى الصحافة بشكل مباشر وعلني".

كما يتعرض الصحافيون لتهديدات في أوزبكستان وأذربيجان وفيتنام ولاوس وكوبا والسودان وغينيا الاستوائية، بحسب التصنيف.



صحافة منهكة

وفي تحليلها بعنوان "صحافة مُنهكة في سياق ديمقراطي متدهور"، سلّطت المنظمة الضوء على خطر "التحول الكبير" الذي قد يشهده وضع حرية الصحافة، وخاصة في الديمقراطيات العتيدة. وأضافت "لا شيء يبدو قادراً على وقف تدهور الوضع الديمقراطي الذي بدأ في السنوات السابقة. ذلك أن هاجس المراقبة وعدم احترام سرية المصادر أمر يساهم في تراجع العديد من البلدان التي كانت حتى عهد قريب تُعتبر نموذجاً للحكم الرشيد، ومن أبرزها الولايات المتحدة (المرتبة 43، -2)، والمملكة المتحدة (40، -2)، وتشيلي (33، -2)، ونيوزيلندا (المرتبة 13، -8)، على سبيل المثال لا الحصر".

وقالت مراسلون بلا حدود "شكل وصول دونالد ترامب إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة ثم حملة انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي أرضية خصبة لدعاة (تقريع وسائل الإعلام) والمحرضين على الخطاب العنيف المعادي للصحافيين، حيث بات العالم يجد نفسه أمام عصر جديد تطغى عليه مظاهر التضليل والأخبار الزائفة في زمن (ما بعد الحقيقة). ففي عالم اليوم، كلما كانت الكلمة العليا من نصيب نموذج الرجل القوي والاستبدادي، إلا وصاحب ذلك تراجع في حرية الصحافة".

وقال الأمين العام للمنظمة كريستوف دولوار، إنّ "هذا التحول الذي تشهده الديمقراطيات يقض مضجع كل من يعتقد بأنّ قيام حرية الصحافة على أساس متين هو السبيل الوحيد لضمان سائر الحريات الأخرى".


(العربي الجديد)


المساهمون