الصحف العالمية بعد الاستفتاء التركي: تشاؤم وخوف على الديمقراطية

17 ابريل 2017
الاحتفال بنتائج الاستفتاء في إسطنبول أمس (بولنت كيليك/فرانس برس)
+ الخط -

سيطر التشاؤم على الصحف العالمية في مقالاتها بعد صدور نتيجة الاستفتاء على التعديل الدستوري في تركيا، أمس الأحد، علماً أن 51 في المئة صوتوا لصالح التعديل. واعتبرت معظم هذه الصحف النتيجة مقدمة لمزيد من الانقسامات في الشارع التركي وتهديداً للديمقراطية.

وبعد ظهور نتائج الاستفتاء، أمس الأحد، نشر الموقع الإلكتروني لشبكة "سي أن أن" الأميركية مقالة بعنوان "الديمقراطية التركية ماتت اليوم"، من إعداد المراسلة فريدا غيتيس.

واعتبرت غيتيس أن التصويت لصالح الاستفتاء سيؤدي إلى "انقسام أكبر في تركيا وديمقراطية أقل". ووصفت أردوغان بـ"الرئيس صاحب الكاريزما والمستبد الشعبوي الذي شكل نقطة محورية في الانقسام الحاصل في البلاد".


يذكر أن "سي أن أن" نشرت تقريراً موسعاً قبل يومين من الاستفتاء، بعنوان "فليحفظ الله أردوغان: داخل معقل الرئيس التركي"، من إعداد كارا فوكس. وركز التقرير على الدور الذي تلعبه مدينة قونية بالنسبة إلى الرئيس التركي، لافتاً إلى أن حوالي 75 في المئة من الناخبين في المدينة صوتوا لصالح "حزب العدالة والتنمية" في الانتخابات العامة، في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2015.

واستعان التقرير بمقابلات مع عدد من مؤيدي أردوغان في قونية الذين شددوا على أن مدينتهم لم تشهد تطوراً إلا في عهد أردوغان، ودعا معظمهم الله إلى حفظه، ومنهم استمدت الصحافية عنوانها.

ورأى التقرير أن عوامل عدة ساهمت في شعبية أردوغان في المدينة. فهي واحدة من المدن الأكثر محافظة في البلاد، وتسمى "قلعة الإسلام"، لذا فإن خطاب أرودغان الديني حظي تلقائياً بقبول كبير عند سكان قونية البالغ عددهم 1.2 مليون نسمة، علماً أنه رفع الحظر عن ارتداء الحجاب في المؤسسات العامة فيها في عام 2013.


أما صحيفة "تايم" الأميركية فنشرت مقالة بعنوان "فوز أردوغان في الاستفتاء يترك تركيا أكثر انقساماً من قبل"، بقلم جاريد مالسون.

اعتبرت الصحيفة أن نتيجة الاستفتاء ضمنت بقاء أردوغان زعيماً من دون منازع في تركيا في السنوات المقبلة، لافتة إلى أن هذه النتيجة تستدعي مقارنته بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وغيره من "الزعماء المتسلطين الشعبويين". 


صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية نشرت مقالة للكاتب كريس ستيفنسون، بعنوان "صلاحيات أردوغان الجديدة تثير المخاوف من زحف الاستبداد". واعتبرت الصحيفة أن الطبيعة غير المستقرة للبلاد مكنت الرئيس التركي من إبراز صورته القوية، ما سمح له بتوسيع صلاحياته.


"واشنطن بوست" الأميركية نشرت تحليلاً متوازناً نوعاً ما لنتائج الاستفتاء، استشهدت فيه بوجهات نظر عدة، وشددت على أنه "عندما يصبح النظام الجديد ساري المفعول، فسيكون التغيير الأكبر في السياسة التركية، منذ ظهور الجمهورية الحديثة بعد الحرب العالمية الأولى". التحليل جاء بعنوان "ماذا يعني انتصار أردوغان الضيق في الاستفتاء بالنسبة إلى تركيا"، ومرفقا بصورة للرئيس التركي مقسومة إلى نصفين، ويتوسطها عنوان عريض "الانقسام العظيم".


واتبعت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية النهج نفسه تقريباً، فنشرت تحليلاً بعنوان "أردوغان يحظى بصلاحيات واسعة في تركيا بعد انتصار ضيق في الاستفتاء"، بقلم باتريك كينغسلي. رأت الصحيفة أن النتيجة تكشف عن "بلد شديد الانقسام، وسط قلق النصف المعارض". وأشارت إلى أن حملة "نعم" المؤيدة للتعديل الدستوري حظيت بتغطية تلفزيونية أوسع، ورأت أن المعارضين لم يحظوا بـ " العدالة".


موقف "فورين بوليسي" قد يكون الأكثر تشاؤماً، إذ نشرت مقالة بعنوان "تركيا فلترقدي بسلام (1921-2017)"، من إعداد الكاتب ستيفن كوك، علماً أن عام 1921 يمثل تاريخ تشريع قانون التشكيلات الأساسية في البلاد في 20 يناير/كانون الثاني عام 1921.

اعتبر كوك أن النتيجة "أنهت فصلاً من تاريخ البلاد الحديث إلى الأبد"، كما تعني "رفض الشعب التركي للحداثة التي تصورها مصطفى كمال أتاتورك (مؤسس الدولة التركية) ومنح أردوغان وحزبه العدالة والتنمية تفويضاً لإعادة تنظيم تركيا بالقضاء على المبادئ التي قامت عليها الجمهورية التركية منذ 1921".

ورأى أن هذه التعديلات الدستورية "تعيد تركيا إلى نظام ما قبل أتاتورك، إلى دولة يشبه نظامها نظام الإمبراطورية العثمانية، وأن أردوغان سيتمتع بسلطات لم يتمتع بها أي رئيس تركي منذ سلاطين الإمبراطورية".

وخلص إلى أن الرئيس التركي "استبدل شكلاً من أشكال الاستبداد بآخر"، لافتاً إلى أن "تركيا تعيش منذ أتاتورك متصدعة وتتطلع للديمقراطية، لكن التعديلات الدستورية الجديدة ستغلق الباب في وجه هذا التطلع".


وفي سياق متصل، استبقت مجلة "ذي إيكونوميست" نتائج الاستفتاء، فعنونت غلاف عددها الأخير (15 أبريل/نيسان 2017) بـ "تركيا تنزلق نحو الديكتاتورية"، مرفقا بصورة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.


(العربي الجديد)

المساهمون