"تكاتك" للصحافيين السودانيين: مشروع يثير جدلاً

15 ابريل 2017
مشروع تمليك تكاتك للصحافيين (فيغولا فوتوغرافي)
+ الخط -
أثار مشروع "الصحافي المنتج" الذي أطلقة اتحاد الصحافيين السودانيين جدلاً واسعاً في الأوساط الصحافية، ولا سيّما أنّ المشروع يهدف لتمليك الصحافيين سيارات نقل صغيرة (تكاتك) وأخرى نصف نقل، بأقساط تصل إلى خمسة أعوام. ويرى صحافيون أنّ المشروع لا يتناسب مع المهنة، بالنظر إلى أنّ التكاتك تستغل كمركبات للمواصلات العامة ونقل البضائع. 

وعمد اتحاد الصحافيين لإطلاق مشروع "الصحافي المنتج" بالتعاون مع وزراة التنمية الاجتماعية بولاية الخرطوم، في محاولة لـ"تحسين وضع الصحافيين". إذ عمل على تمليك الصحافيين عربات "التكتك" ونصف النقل بمقدم عشرين ألف جنيه وأقساطٍ شهرية تصل إلى ألفي جنيهٍ، لمدة خمسة أعوام، إذ إنّ قيمة التكتك تصل إلى 105 آلاف جنيه، إلى جانب منحهم قروضا بمبلغ عشرة آلاف جنيه لإنشاء مشروعات صغيرة.

ويعيش معظم الصحافيين السودانيين أوضاعاً مزرية داخل المؤسسات، بالنظر إلى المرتبات المنخفضة التي قد تصل إلى ثمانمائة جنيهٍ، أي أقل من 60 دولاراً. فضلاً عن بيئة العمل، إذ يوضع الصحافي في آخر قائمة الألويات لدى الناشر.

وصوب صحافيون انتقاداتٍ لاذاعة لمشروع "الصحافي المنتج". ورأى البعض فيه إهانةً للصحافيين، وتأكيداً على الفقر المدقع الذي يعانون منه. واعتبروا خطوة الاتحاد بمثابة إفلاس عن التفكير في طرق مجدية لانقاذ الأوضاع المزرية للصحافيين، قائلين إنّ المشروع حوَّل الصحافي إلى طالب زكاة.

ويصف الصحافي علاء الدين محمود مشروع الاتحاد "بالخطوة الفارغة". ويؤكد أنّ مهنة الصحافي هي الصحافة نفسها، معتبراً أنّه "ليس من حق أي أحد البحث عن وظيفة أخرى له". ورأى أنّ "الأجدر باتحاد الصحافيين التركيز على تطوير مهنة الصحافة والإعلاء من قيمتها، والعمل مع عضويته داخل المؤسسات الصحافية لاستيفاء حقوقهم".



أمّا الصحافي محمد سعيد، فيرى أنّ المشروع أوضح بجلاء "حجم الكارثة التي يعاني منها الصحافيون السودانيون، ليُصنّفوا ضمن شريحة الفقراء ممن يستحقون الإعانات التي تتجود بها وزارة الرعاية الاجتماعية". ويؤكّد أنّ المشروع "لن يسهم في حل أزمة الصحافيين وأضاعهم". ويشدد سعيد على أنّ "الحل في إيجاد نقابة قوية تدافع عن حقوقهم وتحافظ على المهنة ورونقها". ويضيف "حقيقي المشروع مؤسف ومحبط في ذات الوقت. في رأيي الصحافي في حياته لم يكن مستثمرا".

ويرى رئيس تحرير صحيفة "الصيحة" السودانية، النور أحمد النور، أن "المشروع سيستفيد منه شريحة محددة بينهم غير منتسبين لمهنة الصحافة، بالنظر لضم قوائم اتحاد الصحافيين لعاملين في المؤسسات الحكومية". ويؤكّد أنّ "المشروع في حد ذاته قد يصرف الصحافيين عن مهامهم الصحافية".

ويشدد النور على ضرورة أن يُفكّر الاتحاد في مشاريع لها ارتباط بالعمل الصحافي وتزيد من مدخولهم وتنمّي داخلهم حسّ الابداع في ذات الوقت. ويوضح قائلاً: "الأهم من ذلك أن يفكّر الاتحاد في تحسين وضع الصحافيين داخل المؤسسات الصحافيّة عبر إقرار هيكل وظيفي يرتقي فيه مهنياً وصولاً لمنصب رئيس التحرير". ويضيف "الوضع الحالي في الصحف لا تعالجه مثل تلك المشورعات التي تعتبر إسعافية".


على المقلب الآخر، يؤيّد صحافيّون خطوة الاتحاد ويرون أنّ من شأنها أن تسهم في حلّ جزء من الضائقة المعيشية التي يعاني منها الإعلاميّون. إذ ينتظرون أن تحرك سيارات النقل الصغيرة تلك للعمل في السوق لنقل البضائع والركاب وبالتالي أن تُحقق دخلاً شهرياً بنحو ثلاثة آلالاف جنيهٍ، أي حوالي 160 دولاراً.

وتصف الصحافية سارة تاج السر الخطوة بـ"الظريفة"، بالنظر لضعف المرتبات التي يتقاضاها الصحافيون. وترى أنّه يمكن أن تسهم في تحسين الدخل. ولكنها تتخوّف من أن يفشل الصحافيون في تسديد الأقساط الشهرية، وبالتالي أن يصبحوا عرضةً للسجن، لا سيّما أنّ بعضهم قد لا تكفي مرتباتهم لتسديد الديون، خصوصاً إذا تعرّضت السيارة لعطب ما، أو حتى فشلوا في تأمين المبلغ المطلوب شهرياً.


ويدافع رئيس اتحاد الصحافيين، الصادق الرزيقي، عن المشروع. ويرى أنّ من شأنه أن يخفف عن بعض الصحافيين حالة العوز. ويحتجّ الرزيقي على مهاجمة المشروع من قبل بعض الصحافيين الذين يصفهم بـ"قصيري النظر" و"غير الواقعيين".

ويقول الرزيقي لـ"العربي الجديد": "الأرزاق قدر رباني والإنتاج ليس عيباً. نحن نعلم أوضاع الصحافيين وأنّ الحد الأدنى للأجور بالمؤسسات الصحافية ضعيف، وأن بعض المؤسسات غير قادرة على الإيفاء بالتزاماتها تجاه الصحافييين". ويؤكد أنّ المشروع "يستهدف أصحاب الدخول الضعيفة من الصحافيين فضلًا عن العاطلين من العمل، ممن فقدوا وظائفهم بعد إغلاق مؤسسات لأسباب متعددة، إلى جانب من هاجروا لمهن أخرى بسبب العجز أو المرض".

ويضيف رئيس اتحاد الصحافيين "هي مشروعات حيوية مشروعة وليس فيها منقصة وعيب ليعمل الصحافي على زيادة دخله عبرها". ويشدد على أنّ "أي حديث غير ذلك هو حيلة العاجز وتبريرات لمن لا يستطيعون تقديم شيء"، مضيفاً "كبار الصحافيين بجانب ناشرين تقدموا للاستفادة من مشروع الصحافي المنتج لأنه ليس فيه عيب".

ويشير الرزيقي إلى أنّ التحدي الذي يواجههم هو عدم التزام المؤسسات الصحافية بلائحة الاجور التي أقرها مجلس الصحافة والمطبوعات (حكومي). ويؤكّد أنّ الاتحاد قدّم حزمةً من المشاريع بجانب سيارات "التكتك" و"نصف النقل"، مضيفاً "جميع المشروعات متاحة للصحافيين ويمكن أن تمول من البنوك التي عقدنا معها اتفاقات بمبالغ كبيرة بما فيها إصدار صحيفة، وكلّ حسب دخله".



دلالات