المناظرة الفرنسية: الإعلام منقسم حول الفائز

22 مارس 2017
إيمانويل ماكرون وفرانسوا فيون قبل المناظرة (باتريك كوفاريك/فرانس برس)
+ الخط -
كان الجميع في فرنسا، من مواطنين وناخبين محتملين، وبطبيعة الحال، وسائل إعلام، ينتظرون المناظرة الأولى في الانتخابات، لتبيّن الرؤية، في ظلّ انتخابات رئاسيّة غير مسبوقة في تاريخ الجمهورية الخامسة، حيث التشويق على أشده والمفاجآت التي تتوالى ولا تتشابه، وحيث نسبة كبيرة من الفرنسيين لم تَحسم بعدُ لِمَن ستمنح صوتها الانتخابي. وتستمد هذه الانتخابات بعض تشويقها من وجود أربعة مرشحين لهم بعض حظوظ للصعود إلى الدور الثاني من الانتخابات، وهم إيمانويل ماكرون، ومارين لوبان، وفرانسوا فيون، وبونوا هامون. 


موقع "كوزور" الإخباري الذي يصدر مجلة شهرية تحمل نفس العنوان، رأى في المناظرة "كثيرًا من اللغط مقابل لا شيء، تقريباً". وأكد المقال أن المرشحين خلال ثلاث ساعات ونصف، لم يفعلوا سوى استعراض برامجهم. ويرى أن كل واحد منهم أدى دوره إلى درجة "الكاريكاتير"، وإن كان يرى بعض التمييز لميلانشون: "سلَّ نفسه من المجموعة، رغم خطابه الماركسي خارج الزمن ونزوعه المؤيد للمهاجرين، الذي لا يَحظى بشعبية لدى الفرنسيين"، يتبعه ماكرون "في بذلة المتفوق في مدرسة تجارة نحو العولمة السعيدة".
وينتهي المقال بسؤال: "وماذا لو كان الفائزون الحقيقيون في هذه الأمسية المرشحين الستة الذين حُرِموا من النقاش؟".


أمّا صحيفة "لاكَرْوا"، فأشادت بتطرق المرشحين إلى القضايا الأساسية. ورأت أن ما يقرب من 10 ملايين مشاهد فرنسي استمتعوا بنقاش حاد، أحياناً، بين المرشحين، خاصة الذي استهدف الأوفر حظاً، إيمانويل ماكرون، أو الذي استهدف مارين لوبان.
وتشير الصحيفة إلى أنّ المواجهة تركزت على محتويات برامج المرشحين، خصوصاً ما يتعلق بقضايا الأمن والهجرة أو العلمانية، وإن كان المرشحون مروا على "المسائل الاقتصادية" بسرعة، وهو ما سيعودون إليه، بالتأكيد، في مناظرتَيْ 4 و20 أبريل/نيسان، والتي سيحضرها باقي المرشحين، الذين غابوا عن مناظرة الإثنين.


أما "ليبراسيون"، فقد رأت في المناظرة أول اشتباك بين المرشحين، حيث تعرض فرانسوا فيون ومارين لوبان لهجمات هامون وميلانشون وماكرون.
ورأت الصحيفة في هذه المناظرة "رغبة من المرشحين الخمسة في النزول إلى الحلبة لكشف اختلافاتهم".


من جهتها، رأت صحيفة "لوفيغارو" اليمينية في المناظرة "خمس رؤى مختلفة عن المدرسة"، كما تطرقت للنقاش المحتدم الذي أثاره مقترح فيون بخفض سن الرشد إلى 16 سنة، والرفض الشديد للمقترح من قبل ماكرون وهامون.
كما أشارت الصحيفة التي تقف إلى جانب فيون، إلى الجدل العنيف الذي دار حول العلمانية والحجاب، وإلى تأويل قانون 1905 حول العلمانية. وأيضاً إلى النقاش حول تخليق الحياة السياسية في فرنسا، والتي وعد المرشح فيون، في حال فوزه بـ "وضع لجنة تقدم للبرلمان مقترحات حول الشفافية".


أما صحيفة "ويست فرانس" فرأت في المناظرة الأولى أول نقاش تخللته بعض الكلمات الصادمة. ورأت أنه "بعد بداية خجولة ومُؤدبة للمناظرة، لم يتردد المرشحون في مساءلة منافسيهم". 


(إيليوت بلونديت/فرانس برس)



أما موقع "أتلانتيكو" الإخباري، فنشر استطلاعاً للرأي عقب المناظرة أظهر أن 22 في المائة من الفرنسيين يأملون في ماكرون رئيساً لفرنسا، مقابل 20 في المائة لمارين لوبان و18 في المائة لمرشح اليمين فيون.
وفي قراءته للمناظرة رأى موقع أتلانتيكو، اليميني، أن "الفائز المرئي هو ماكرون" وأن "نصف الفائز الخفي هو فيون".
ورأى الموقع أن ماكرون يظهر باعتباره المرشح الذي أقنع أكبر قدر من الفرنسيين (38 في المائة)، تليه مارين لوبان وجان لوك ميلانشون بنفس النسبة 33 في المائة، ثم رابعا، فيون بنسبة 28 في المائة، وأخيرا هامون بنسبة 21 في المائة.
ويشير الموقع إلى أن إنجاز ماكرون الأكبر كان بين المتعاطفين مع الحزب الاشتراكي، إذ حاز على رضى 63 في المائة مقابل 56 في المائة لهامون. في حين أن فيون، كما يقول الموقع استطاع، بعد كل القضايا مع العدالة، أن يقنع ما يقرب من ثلاثة أرباع ناخبيه، أي 74 في المائة من المتعاطفين مع حزب "الجمهوريون".


موقع "ميديا بارت" الإخباري، قرأ في المناظرة الأولى: "خمسة مرشحين، كل واحد ظل في مكانه"، ورأى أن "قضايا ومتاعب فيون ولوبان مع القضاء ظلت في الدرج"، في حين أن "هامون كان غير مقنع، بشكل كبير، أما ميلانشون فكان هجوميا، فيما حاول ماكرون الاصطياد عن يمينه".


أما صحيفة "لوباريزيان" ذات الميول الشعبية، فرأت أن جان لوك ميلانشون هو الفائز في هذه المناظرة، ومنحت له سبع نقاط من عشر، يليه هامون بـ 6,5 من عشر، ثم ماكرون بـ 6 من عشر، ثم فيون ولوبان بـ 5,5 نقاط من عشر، لكلّ منهما.


وإجمالاً، فإن جميع وسائل الإعلام أشادت بهذه المناظرة "الكفيلة بإظهار برامج المرشحين الحقيقية"، وأيضًا بإظهار عناصر القوة والضعف في كل برنامج، وهو ما سيسمح للمواطن الفرنسي بالتصويت، وإن كان بعضها استهجن تغييب خمسة مرشحين آخرين من المناظرة، كشكل غير ديمقراطي، وهو ما سيتم تصحيحه في المناظرتين المتبقيتين.

أما مسألة اسم الفائز الذي يَظهر بعد كل مناظرة، والذي لا تتفق عليه وسائل الإعلام، فهو متعلق بالقرب الأيديولوجي والسياسي لهذا المرشح أو ذاك من هذا المنبر الإعلامي أو ذاك... فيما تبقى صناديق الاقتراع وحدها من يملك سر الحقيقة، النهائية.