ايواجه عمال الإنقاذ المتطوعون في سورية، والمعروفون بـ"أصحاب الخوذ البيضاء"، حملة إعلامية تضليلية تشوّه سمعتهم، وتصورهم أعضاء في منظمة إرهابية مرتبطة بتنظيم "القاعدة".
الحملة الإعلامية المضللة والمنظمة ضد "أصحاب الخوذ البيضاء" كشفت عنها صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، وأفادت بأن أبطالها ناشطون مناهضون للإمبريالية، مطلقو نظريات المؤامرة، ومتصيدون إلكترونيون مدعومون من الحكومة الروسية التي تدعم نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، عسكرياً.
من هم "أصحاب الخوذ البيضاء"؟
"أصحاب الخوذ البيضاء" معروفون رسمياً بـ"الدفاع المدني السوري"، وهي منظمة إنسانية تضم 3400 متطوع، من مدرسين ومهندسين وخياطين سابقين، بالإضافة إلى رجال إطفاء. ويتركز عملهم على سحب الأشخاص من تحت الأنقاض، ويعود الفضل إليهم في إنقاذ آلاف المدنيين السوريين في سورية.
كما كشفوا، عبر لقطات فيديو مباشرة، عن جرائم حرب ارتكبها نظام الأسد في سورية، وبينها الاعتداء الكيميائي في أبريل/نيسان الماضي. وتطرق فيلم وثائقي أنتجته منصة "نتفليكس" إلى عملهم وتضحياتهم، وحاز جائزة "أوسكار" وترشيحين لـ"جائزة نوبل للسلام".
وعلى الرغم من الإشادة العالمية بـ"أصحاب الخوذ البيضاء"، إلا أنهم يواجهون حملة إعلامية مضادة تديرها شبكة من الأشخاص يكتبون في مواقع إخبارية بديلة تكافح "أجندة وسائل الإعلام العريقة"، وفقاً لهم. وهؤلاء الأشخاص يشاركون وجهات نظر الحكومتين الروسية والسورية، ويجذبون جمهوراً هائلاً على الإنترنت، ويضخمون شخصيات يمينية متطرفة، ويحظون بمنبر على التلفزيون الحكومي الروسي، بالإضافة إلى جيشهم الإلكتروني على "تويتر".
نظريات المؤامرة تتصدر البحث عن "الخوذ البيضاء" على "يوتيوب" (يوتيوب)
"الحرب المهجنة"
حملة تشويه صورة "الخوذ البيضاء" تزامنت مع بدء التدخل العسكري الروسي في سورية، في سبتمبر/أيلول عام 2015، عن طريق دعم قوات الأسد بضربات جوية استهدفت المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة السورية، إذ بدأت وسائل الإعلام التابعة للحكومة الروسية، مثل "سبوتنيك" و"آر تي"، الادعاء زوراً أن تنظيم "داعش" الإرهابي كان هدف القوات الروسية الوحيد، وشككت في أخبار قصف البنية التحتية والمواقع المدنية.
آلة الدعاية نفسها حشدت الناشطين المناهضين للولايات المتحدة الأميركية، بالإضافة إلى المدونين والباحثين الذين يصفون "الخوذ البيضاء" بـ"الإرهابيين"، ومنحتهم منبراً للتعبير على القنوات التلفزيونية الروسية الحكومية، كما روجت لمقالاتهم على نطاق واسع.
وفي هذا السياق، وصف بروفيسور السياسة الدولية في "جامعة برمنغهام"، سكوت لوكاس، الحملة الشاملة بـ"بروباغندا الإثارة أو التحريض"، في حديثه لـ"ذا غارديان".
لماذا "أصحاب الخوذ البيضاء" تحديداً؟
يلعب "أصحاب الخوذ البيضاء" دورين أساسيين في سورية: عمل الإنقاذ، وتوثيق ما يحصل داخل البلاد بالكاميرات المحمولة والمثبتة على الخوذ.
وهذه اللقطات المصورة ساعدت "منظمة العفو الدولية" و"المركز السوري للعدالة والمساءلة" في تدعيم الشهادات المتلقاة من سورية، عبر "سكايب" و"واتساب" والمكالمات الهاتفية. وسمحت لهما بالتحقق من آثار الضربات الجوية، لمعرفة حقيقة استهداف المدنيين ومناطق الوجود العسكري ونقاط التفتيش العسكرية.
وفي هذا السياق، أفاد مدير الاستجابة للأزمات المتخصص في الشأن السوري في "أمنستي"، كريستيان بينيديكت، بأن "مساعدتهم ساهمت في دحض رواية الحكومتين الروسية والسورية، ما أزعج نظام الأسد والسلطات الروسية، والمروجين لدعايتهما".
يُشار إلى أن فيديوهات "أصحاب الخوذ البيضاء" وثقت اعتداء خان شيخون الكيميائي، في أبريل/نيسان الماضي، علماً أنه أسفر عن مقتل 83 شخصاً، معظمهم من الأطفال. وخلص محققو جرائم الحرب العاملون في الأمم المتحدة لاحقاً إلى أن نظام الأسد نفذ الاعتداء ضد الشعب السوري.
لكن الإعلام الروسي وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي التابعة لها لا تزال تثير الشكوك حول نتائج المحققين. وكرّر موقع "إنفووارز" اليميني المتطرف هذه الادعاءات، زاعماً أن الاعتداء شنّه "أصحاب الخوذ البيضاء"، واصفاً إياهم بـ"المجموعة التابعة لـ(القاعدة) والممولة من الملياردير جورج سوروس". وأبرز المشككين أيضاً المدونة البريطانية، فانيسا بيلي، الكاتبة والناشطة الكندية، إيفا بارتلت، والمحاضر الجامعي الأسترالي، تيموثي أندرسن.
الاستراتيجية الدعائية
الاستراتيجية الروسية حققت نجاحاً واسعاً في تشكيل رواية إلكترونية حول "أصحاب الخوذ البيضاء"، عبر استغلال خوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي والحسابات الآلية على "تويتر" (بوت)، وساهمت في إضفاء شرعية على و"توافقاً مصطنعاً" حول روايتها. واللافت أن القنوات الرسمية في روسيا، مثل حسابات سفارتها في المملكة المتحدة، شاركت رسومات تسيء إلى سمعة "أصحاب الخوذ البيضاء".
ووجدت تحليلات "ذا غارديان" أن الأنماط المستخدمة من قبل 14 ألف مستخدم "تويتر" أظهرت "شبهاً واسعاً" حول الرواية المتناقلة عن "الخوذ البيضاء"، وبينها حسابات شهيرة آلية مؤيدة للكرملين، وبعضها أُغلق كجزء من التحقيق الأميركي في التدخل الروسي خلال انتخابات عام 2016. وتبيّن أن حسابات أخرى أنتجت أكثر من 150 تغريدة يومياً.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني عام 2016، شارك المنقذون في "تحدي المانيكان" الذي لقي رواجاً واسعاً على الإنترنت، فنشروا فيديو يصوّر إحدى عمليات الإنقاذ وأرفقوه بالوسم المنتشر. إلا أن الفيديو انتزع من سياقه، واستخدم كـ"دليل" على أن المنقذين يفبركون عمليات الإنقاذ والضحايا لتشويه سمعة الحكومتين الروسية والسورية.
اقــرأ أيضاً
الحملة الإعلامية المضللة والمنظمة ضد "أصحاب الخوذ البيضاء" كشفت عنها صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، وأفادت بأن أبطالها ناشطون مناهضون للإمبريالية، مطلقو نظريات المؤامرة، ومتصيدون إلكترونيون مدعومون من الحكومة الروسية التي تدعم نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، عسكرياً.
من هم "أصحاب الخوذ البيضاء"؟
"أصحاب الخوذ البيضاء" معروفون رسمياً بـ"الدفاع المدني السوري"، وهي منظمة إنسانية تضم 3400 متطوع، من مدرسين ومهندسين وخياطين سابقين، بالإضافة إلى رجال إطفاء. ويتركز عملهم على سحب الأشخاص من تحت الأنقاض، ويعود الفضل إليهم في إنقاذ آلاف المدنيين السوريين في سورية.
كما كشفوا، عبر لقطات فيديو مباشرة، عن جرائم حرب ارتكبها نظام الأسد في سورية، وبينها الاعتداء الكيميائي في أبريل/نيسان الماضي. وتطرق فيلم وثائقي أنتجته منصة "نتفليكس" إلى عملهم وتضحياتهم، وحاز جائزة "أوسكار" وترشيحين لـ"جائزة نوبل للسلام".
وعلى الرغم من الإشادة العالمية بـ"أصحاب الخوذ البيضاء"، إلا أنهم يواجهون حملة إعلامية مضادة تديرها شبكة من الأشخاص يكتبون في مواقع إخبارية بديلة تكافح "أجندة وسائل الإعلام العريقة"، وفقاً لهم. وهؤلاء الأشخاص يشاركون وجهات نظر الحكومتين الروسية والسورية، ويجذبون جمهوراً هائلاً على الإنترنت، ويضخمون شخصيات يمينية متطرفة، ويحظون بمنبر على التلفزيون الحكومي الروسي، بالإضافة إلى جيشهم الإلكتروني على "تويتر".
نظريات المؤامرة تتصدر البحث عن "الخوذ البيضاء" على "يوتيوب" (يوتيوب)
"الحرب المهجنة"
حملة تشويه صورة "الخوذ البيضاء" تزامنت مع بدء التدخل العسكري الروسي في سورية، في سبتمبر/أيلول عام 2015، عن طريق دعم قوات الأسد بضربات جوية استهدفت المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة السورية، إذ بدأت وسائل الإعلام التابعة للحكومة الروسية، مثل "سبوتنيك" و"آر تي"، الادعاء زوراً أن تنظيم "داعش" الإرهابي كان هدف القوات الروسية الوحيد، وشككت في أخبار قصف البنية التحتية والمواقع المدنية.
آلة الدعاية نفسها حشدت الناشطين المناهضين للولايات المتحدة الأميركية، بالإضافة إلى المدونين والباحثين الذين يصفون "الخوذ البيضاء" بـ"الإرهابيين"، ومنحتهم منبراً للتعبير على القنوات التلفزيونية الروسية الحكومية، كما روجت لمقالاتهم على نطاق واسع.
وفي هذا السياق، وصف بروفيسور السياسة الدولية في "جامعة برمنغهام"، سكوت لوكاس، الحملة الشاملة بـ"بروباغندا الإثارة أو التحريض"، في حديثه لـ"ذا غارديان".
لماذا "أصحاب الخوذ البيضاء" تحديداً؟
يلعب "أصحاب الخوذ البيضاء" دورين أساسيين في سورية: عمل الإنقاذ، وتوثيق ما يحصل داخل البلاد بالكاميرات المحمولة والمثبتة على الخوذ.
وهذه اللقطات المصورة ساعدت "منظمة العفو الدولية" و"المركز السوري للعدالة والمساءلة" في تدعيم الشهادات المتلقاة من سورية، عبر "سكايب" و"واتساب" والمكالمات الهاتفية. وسمحت لهما بالتحقق من آثار الضربات الجوية، لمعرفة حقيقة استهداف المدنيين ومناطق الوجود العسكري ونقاط التفتيش العسكرية.
وفي هذا السياق، أفاد مدير الاستجابة للأزمات المتخصص في الشأن السوري في "أمنستي"، كريستيان بينيديكت، بأن "مساعدتهم ساهمت في دحض رواية الحكومتين الروسية والسورية، ما أزعج نظام الأسد والسلطات الروسية، والمروجين لدعايتهما".
يُشار إلى أن فيديوهات "أصحاب الخوذ البيضاء" وثقت اعتداء خان شيخون الكيميائي، في أبريل/نيسان الماضي، علماً أنه أسفر عن مقتل 83 شخصاً، معظمهم من الأطفال. وخلص محققو جرائم الحرب العاملون في الأمم المتحدة لاحقاً إلى أن نظام الأسد نفذ الاعتداء ضد الشعب السوري.
لكن الإعلام الروسي وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي التابعة لها لا تزال تثير الشكوك حول نتائج المحققين. وكرّر موقع "إنفووارز" اليميني المتطرف هذه الادعاءات، زاعماً أن الاعتداء شنّه "أصحاب الخوذ البيضاء"، واصفاً إياهم بـ"المجموعة التابعة لـ(القاعدة) والممولة من الملياردير جورج سوروس". وأبرز المشككين أيضاً المدونة البريطانية، فانيسا بيلي، الكاتبة والناشطة الكندية، إيفا بارتلت، والمحاضر الجامعي الأسترالي، تيموثي أندرسن.
الاستراتيجية الدعائية
الاستراتيجية الروسية حققت نجاحاً واسعاً في تشكيل رواية إلكترونية حول "أصحاب الخوذ البيضاء"، عبر استغلال خوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي والحسابات الآلية على "تويتر" (بوت)، وساهمت في إضفاء شرعية على و"توافقاً مصطنعاً" حول روايتها. واللافت أن القنوات الرسمية في روسيا، مثل حسابات سفارتها في المملكة المتحدة، شاركت رسومات تسيء إلى سمعة "أصحاب الخوذ البيضاء".
Twitter Post
|
ووجدت تحليلات "ذا غارديان" أن الأنماط المستخدمة من قبل 14 ألف مستخدم "تويتر" أظهرت "شبهاً واسعاً" حول الرواية المتناقلة عن "الخوذ البيضاء"، وبينها حسابات شهيرة آلية مؤيدة للكرملين، وبعضها أُغلق كجزء من التحقيق الأميركي في التدخل الروسي خلال انتخابات عام 2016. وتبيّن أن حسابات أخرى أنتجت أكثر من 150 تغريدة يومياً.
Twitter Post
|
وفي نوفمبر/تشرين الثاني عام 2016، شارك المنقذون في "تحدي المانيكان" الذي لقي رواجاً واسعاً على الإنترنت، فنشروا فيديو يصوّر إحدى عمليات الإنقاذ وأرفقوه بالوسم المنتشر. إلا أن الفيديو انتزع من سياقه، واستخدم كـ"دليل" على أن المنقذين يفبركون عمليات الإنقاذ والضحايا لتشويه سمعة الحكومتين الروسية والسورية.
Twitter Post
|