"نيويورك تايمز" والسعوديات... كشف حقائق أم تدخّل في الخصوصيات؟

07 نوفمبر 2016
تنوعت الكتابات للصحيفة الأميركية (فايز نورالدين/فرانس برس)
+ الخط -

تباينت تعليقات السعوديات حول دعوة صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية لهنّ إلى المشاركة في الكتابة عن حياتهن، بالتزامن مع عرض فيلم "نيويورك تايمز" الوثائقي "النساء أولاً"، والذي يتناول أول انتخابات سعودية سُمح فيها للنساء بالتصويت والترشح.

وأكدت مُعدّة التقرير، منى النجار، أنها حاولت، من خلال هذا الاستطلاع، الذي قوبل بهجوم من سعوديين، أن تسلّط الضوء على وضع المرأة السعودية مع نظام الولاية، كاشفةً أن أكثر من 6000 سعودية تجاوبن مع التقرير في أسبوع واحد، وكتبن عن حياتهن.

وقالت النجار: "أثناء تصوير الفيلم تحفّظت نساء كثيرات على الحديث عن حياتهن، خوفًا من ردود أفعال أقاربهن الذكور الذين يشرفون على كل جوانب حياتهن بصفتهم أولياء عليهن، لهذا أردنا أن نسمع أكثر عن مخاوفهن وإحباطاتهن وطموحاتهن".

وعرضت "نيويورك تايمز" نماذج من تعليقات السعوديات المشاركات، والتي كانت غالبيتها بأسماء مستعارة، مثل دوتوبس (24 عاما)، التي كتبت "لا يُسمح لنا حتى بالذهاب إلى السوبرماركت بدون إذن أو مرافق، وهذا شيء بسيط من القائمة الطويلة المريعة بالضوابط المفروضة علينا".

وفي الإطار ذاته، كانت جوجو (21 عاما) أكثر سخطاً، معتبرةً أن نظام ولاية الرجل يجعل حياتها جحيماً، وأضافت "نريد أن نقضي وقتاً مع صديقاتنا ونخرج لتناول الغداء، أشعر بأني يائسة". ولكن في المقابل، لم تعتبر نورا حياتها بائسة، وكتبت: "لا أمانع في الحصول على موافقة أبي في الأمور التي يجب أن يكون هو طرفاً فيها. هذه الروابط الاجتماعية القوية لن تتمكنوا أبدا من فهمها".

وأكدت "نيويورك تايمز" أن معظم الردود التي وصلتها ركزت على الاستياء من نظام ولاية

الأمر في السعودية، الذي يُجبر النساء على الحصول على موافقة قريب ذكر، سواء كان زوجا أو أبا أو أخا أو حتى ابنا، للذهاب إلى الجامعة أو السفر أو الزواج من شريك الحياة الذي لا يخترنه. في حين أنّ كثيرات كنّ أكثر تفهّما لوضعهن وراضيات به، ومنهن هند التي التقتها "نيويورك تايمز" في متنزه واشنطن سكوير في نيويورك، فأكدت أن "الغالبية لا تحتاج إلى إلغاء نظام الولاية"، وإنما "يجب أن نعلّم الرجل كيف يكون ولياً أفضل".

وفيما تعددت الشكاوى التي تقدمت بها السعوديات للصحيفة الأميركية، إلا أنها لم تخرج عن الإطار العام: المنع من السفر، والمنع من الدراسة، وحتى المنع من العلاج، مع أن هذه النقطة الأخيرة تم إلغاؤها قانونيًا.

وتقول سارة، وهي طبيبة في الـ42 من عمرها، "في كل مرة أريد أن أسافر يجب عليّ أن أطلب من ابني المراهق أن يسمح لي بالسفر". وتضيف ملك (44 عاماً)، وهي معلمة، "باب المدرسة التي أعمل فيها يُغلق من الصباح الباكر وحتى الظهر. ويقوم رجل بحراسة الباب، وحتى لو انتهت معلمة من دوامها، فإنها لا تستطيع المغادرة، الأبواب الحديدية تُبقي علينا كسجينات".

بدورها، اعتبرت ميمي (29 عاماً) دعوة "نيويورك تايمز" تدخلا في الشأن الداخلي لبلادها، وتساءلت "متى تكفّ الصحف العالمية عن التدخل في شؤون السعودية ونسائها ورجالها وأطفالها".

وكانت ردة فعل السعوديين أكثر غضبًا، بعدما دشنوا وسم "#لا_تقولون_للنيويورك_تايمز" يطالبن النساء بعدم المشاركة فيه.

وعن ذلك، تقول الناشطة الحقوقية منى أباعود، لـ"العربي الجديد"، "كما نركز على من سيفوز في الانتخابات الأميركية، من حق الصحف العالمية مناقشة قضايانا، فالعالم بات مترابطاً، وما أعجبني في دعوة "نيويورك تايمز" أنها لم تكن متحيزة، هي فتحت الباب، وطلبت من الجميع المشاركة، والكل قال رأيه، سواء كان معارضا أو مؤيدا، وحتى الانتقادات ذكرتها". وتضيف: "شاركت في إبداء رأيي، وفي تصوري ظهر التقرير جميلا وموضوعيا ومهنيا".

من جهتها، تؤكد أستاذة العلوم الاجتماعية، موضي الرويلي، أنه لا يمكن السيطرة على ما يقول الإعلام الغربي، ولهذا من الأفضل أن نتطرق نحن إلى الحديث عن أمورنا بدلاً من ترك الآخرين يتحدثون. وتقول لـ"العربي الجديد": "لم تتطرق أي صحيفة محلية عن حملة إلغاء الولاية، لهذا ليس من حق الإعلاميين السعوديين انتقاد "نيويورك تايمز" أو "ديلي ميل" إذا ما تحدثتا عنا، تماما كما تتحدث صحفنا عن طلاق أنجلينا جولي وبراد بيت". وتضيف: "علينا ألا ندسّ أنوفنا في التراب، ونتجاهل مثل هذه المطالبات، فلو فعلنا ذلك فهذا لا يعني أن العالم لم يسمع بها، أرجو أن نتعلم درسا مما حدث".

المساهمون