مصر: فيديو"الواقي" يتحول لحملة للدفاع عن السخرية وفضح الانتهاكات

27 يناير 2016
مواقع التواصل لا تزال تضج بالواقعة (فيسبوك)
+ الخط -

معسكران متواجهان: الأول داعم لحرية التعبير والسخرية والثاني يُفتّش عن عقوبة لـ"قليلي الأدب". هذا هو حال مواقع التواصل الاجتماعي في العالم العربي منذ يوم أمس، إثر فيديو الشابين شادي حسين وأحمد مالك، واللذين قدما في الذكرى الخامسة للثورة المصريّة، عدداً من الواقيات الذكرية لعناصر الأمن  لمناسبة "عيد الشرطة"، وذلك على سبيل السخرية.

في الجانب الأول، أطلق مستخدمون وسوماً مؤيدة لأحمد مالك وشادي حسين، وفيما أعلن مالك الاعتذار على صفحته على "فيسبوك" أمس، أكد شادي أنه لن يعتذر لأن "الدستور يكفل له حرية التعبير". وقال: "في ذكرى 25 يناير 2016 بقى في تواجد أمني رهيب في الشوارع مع تهديدات ووعيد لمن ينزل يتظاهر... محدش فعلا نزل وكله مقهور وكله استوعب اننا مش عارفين ننسى...طيب خلاص...انتو فعلا معاكم سلاح ومعاكم السلطة والقانون...بس كل اسلحتكم ديه احنا هنعمل منها نكت. كوميكس او فيديو صغير وكدة كدة انتو تقدروا تخطفونا من بيوتنا وتقتلونا في عز الظهر...بس مش هتقدروا تنكروا وجودنا ولا هتقدروا تنكروا انكم نكتة... بس نكتة سخيفة".


وتحوّلت القضيّة إلى إعادة كشف وفضح انتهاكات الداخلية بحق المتظاهرين خلال الثورة وما بعدها. وفي هذا الإطار، قالت الناشطة منى سيف: "شكرا انكم خليتوا 25 يناير 2016 زي ما المفروض يكون. يوم .. في أضعف حالاتنا بنسخره لسرد وتوثيق كل تفصيلة ممكنة عن وساخة الداخلية. وفي أقوى حالاتنا بننزل نواجهم ونسعى للتصدي لجرايمهم ووقفها". وفي نفس الإطار، قال بلال علاء: "ثم يا جماعة هو عشان قاتلين شوية من أصحابكم وخاطفين شوية تانيين خلاص تقلوا أدبكم؟". 




أما المخرج عمرو سلامة فكتب "لم نحاكمهم على الجد فحاكمونا على التهريج". وكتب الصحافي والحقوقي حسام بهجت: "إن حرية التعبير واجبة التطبيق ليس فقط بالنسبة للمعلومات والأفكار المطلوب استقبالها، أو التي ينظر إليها باعتبارها غير مؤذية أو التي تواجه بعدم المبالاة، وإنما أيضا بالنسبة لتلك المعلومات والأفكار التي تؤذي أو تصدم أو تزعج الدولة أو أي قطاع من سكانها" -- المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان". 


كما شارك الإعلامي الساخر باسم يوسف في الحملة، وقال على حسابه على "تويتر": "على فكرة من حرية الرأي انك تشتم الولاد دول وتقول عليهم عديمي الادب الخ، بس دولة بحالها تتحرك عشان تعمل راسها براسهم دي الاهانة لهيبة الدولة".

وكتب الفنان محمد عطية: "السخرية من السفاحين والقتلة ومغتصبي الحقوق حق لكل مظلوم انتهكت آدميته .. عجبا لقاتل يتأذى من سباب المقتول له أثناء قتله .. سنظل نسخر منكم يا مدعي الضمير والإنسانية حتى يدرك الجميع أن المواطن هو الأهم .. نحن الوطن".


وخلال برنامجه على قناة "الشرق"، تحدث الإعلامي معتز مطر عن الواقعة، ونشر صور انتهاكات الأجهزة الأمنية في مصر، مشيراً إلى أنّ اعتبار ما فعله الشابان "قليل الأدب لا ينفي أن الدولة مهزّأة وتستحق السخرية منها".

وقال المحامي الحقوقي نجاد البرعي عبر حسابه على "تويتر"، "باعتذار الفنان أحمد مالك عن موضوع الشريط الفكاهي اياه يكون الموضوع قد أغلق وننتقل لمناقشة موضوعات اكثر جديه". فيما قال ناصر أمين، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان: "هذا عمل ساخر ويندرج تحت إطار الأعمال الساخرة التي هي بالأساس جزء من حرية الرأي والتعبير، ولا يصل لمستوى الجريمة يعني". 

في ذات السياق، قال المحامي مالك عدلي خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي وائل الإبراشي،  إن فيديو أحمد مالك وشادي حسين المسيء للشرطة تعبير عن وجهة نظر وليس عيبًا، وحرية الإبداع ليس لها تعريف في القانون والدستور، ولكن الدستور يحمي الحرية، وما العيب في "الواقي الذكري"، هذا منتج يتم التسويق له على شاشات التلفزيون وعلى الإنترنت. 

واستكمل عدلي: "بتحاكموا مين؟ حاكموا نفسكم! هو ده أصلًا مجتمع فيه أخلاق، لما ناس في النواب سبوا ثورة يناير بالدين ومتحكموش، خالد يوسف متحاكمش على اللي عمله، الإعلامي اللي طلع عرض صور مخلة لمخرج مشهور في مجلس الشعب محدش كلمه، الإعلامي اللي نشر مكالمات سرية وبقى عضو مجلس الشعب محدش كلمه، لما تعلم الكبار الأدب يبقى العيال الصغيرة يتعلموا دولة قانون".

المقطع أثار أيضاً سخط واستياء العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي والشخصيات العامة، الذين اعتبروا الفعلة تندرج تحت إطار "قلة الأدب". حتى أن بعضهم طالب بعقاب الشابين بعقوبات تصل للحبس أو "التجنيد في الجيش" جزاء لاستهزائهم بقوات الشرطة.

قال الفنان هشام سليم في مداخلة هاتفية مع الإعلامي سيد علي، في برنامج "حضرة المواطن" إن "مالك يستحق حلق شعره، ويقوم بغسل دورات مياه السجن لمدة شهر، كعقاب على إهانته للشرطة، ولكي يتعلم تحمل المسؤولية تجاه الذين يقدمون حياتهم فداء للدولة، وعدم إهانة الأجهزة الأمنية". فيما وجهت الفنانة وفاء عامر انتقادها لأحمد مالك عبر صفحتها على فيسبوك قائلة: "الله يلعن أبو الحرية اللي تخليك تسخر من عسكري واقف يحميك".

أما الإعلامية مفيدة شيحة مقدمة برنامج "الستات ميعرفوش يكدبوا" فلم تكتف بالتعليق بشكل عادي ولكنها ادعت أن "شادي حسين وأحمد مالك، كانوا ضاربين حاجة وهما نازلين"، مؤكدة أنهما خسرا احترام الكثير من الجمهور اللي كان بيحبهم. كما علق الفنان تامر عبد المنعم عبر تويتر قائلاً: "الحمدلله أنتمي الى جيل محترم عنده ولاء حيّا العلم في المدارس ومالبسش بنطلونات ساقطة ولا جزم كونفيرس ولا تعاطى اكتر من سيجارة".

مالك بيومي نقيب الطيارين المصريين، والد الفنان أحمد مالك اتفق مع الرأي المؤيد لعقاب نجله، قائلا عبر حسابه على "فيسبوك": "أنا هنا من موقعي هذا أعلن سخطي الشديد وعدم رضائي وأسفي عما بدر من شخصية للأسف تحمل اسمي وأعتبر هذا عقوقاً للوطن أولاً وعقوق الوالد ثانياً وكلاهما عند الله كبير... حفظ الله مصر من السفهاء أمثال هؤلاء".

"الانتفاضة الأخلاقية" لم تنتهِ عند هذا الحد، فعلى الرغم من اعتذار الفنان أحمد مالك، عبر حسابه على فيسبوك، وإصدار شادي حسين بياناً يؤكد فيه أن الدستور يكفل له حرية التعبير، استمرت حملات السب لهما من الشخصيات العامة والإعلامية.

كما أكد أشرف زكي، نقيب الممثلين المصريين، في مداخلة تلفزيونية أن أحمد مالك سيتم إيقافه لحين الانتهاء من التحقيقات أمام لجنة التحقيق في نقابة المهن التمثيلية، لافتا إلى أنه "تم تعنيفه بشكل كبير وهو يشعر بحالة نفسية صعبة".

الفنان أحمد بدير كان الأكثر تشددا في التعبير عن استيائه مما فعله مالك، فعرض على الشركة المنتجة للفيلم، أن تحذف كافة اللقطات التي ظهر فيها المدعو، مقابل رد كافة المبالغ التي حصل عليها، مضيفًا خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي وائل الإبراشي، أنه أبلغ "هذا الأمر لنقيب المهن التمثيلية من خلال شكوى رسمية"، موضحاً أنه لا يقبل "توجيه الإهانة للشرطة والجيش ممن يسهرون على تأمين هذا الوطن".