رحل البراء أشرف: قبل من يحب وقبل الثلاثين

06 سبتمبر 2015
رحل قبل "ما يريد" (تويتر)
+ الخط -
"وأريد، لو أنني أرحل عن العالم قبل الذين أحبهم. كنت محظوظاً بحيث لم أجرب فقد الأحبة كثيراً. أخاف هذه اللحظات. أخافها أكثر من خوفي من رحيلي الشخصي. وأرجو، لو كان رحيلي سهلاً، سلساً. بسرعة دون ألم يخصني أو يخص الذين سيملكون وقتاً وقلباً للتألم على رحيلي. وأريد أن يسامحني بعض الأشخاص، ويحبني بعضهم، ويكرهني بعضهم، على أن تكون الأفعال السابقة حقيقية جداً، لا زيف فيها ولا ادعاء".

كلمات وداع وأمنيات تحققت على حافة الموت، تركها الكاتب الصحافي والمدون المصري، البراء أشرف، الذي وافته المنية صباح اليوم الأحد، إثر تعرضه لنوبة مفاجئة، نُقل على إثرها للمستشفى، وأغمض جفونه للأبد.

كان حمزة شقيق الراحل، أعلن وفاة البراء على صفحته الخاصة على "فيسبوك"، وخيم الحزن على أصدقاء البراء ورفاق دربه من الصحافيين والمدونين والناشطين، وامتلأت صفحاتهم على "فيسبوك" بكلمات الرثاء والتعازي والترحمات.

كان البراء أحد أبرز الكتاب الشباب بجريدة "المصري اليوم" المصرية، ثم توقف عن كتابة المقالات الصحافية منذ 2010، وحتى 2014، ثم عاود الكتابة في موقع "مصر العربية"، بشكل دوري ومنتظم، وحمل مقاله الأول فيه عنوان "أبو علاءهم، وأبو علائنا"، في يوم وفاة الناشط الحقوقي الراحل، أحمد سيف الإسلام، فضلاً عن كتاباته لـ"العربي الجديد".

كتب أشرف خلال العام الماضي حوالي ثمانين مقالاً، كره منها ثلاثة لأسباب لم يعلن عنها، فيما أحب عشرة، وهناك عشرون أخرى نسي كتابتها من الأساس، حسبما دون سابقا على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر".

وفي آخر كتاباته، اعتبر الراحل أن عودته للكتابة المنتظمة أهم قرار أخذه في آخر خمس سنوات في حياته، فطالما حمل شعار "الكتابة هي المنقذ"، وفي ذكر شكر من وصفهم بـ"الجنود المجهولين، أصحاب الدعم والتحفيز، ولجنة القراءة السرية، التي لا بد أن تقرأ النسخة الأولى لأي مقال قبل نشره.. ولإدارات المواقع والصحف التي استضافتني طوال عام كامل".

وفي مقاله بعنوان "عما أريده من العالم قبل بلوغي الثلاثين"، قال أشرف:

"وأريد أن أفهم الحب، لأنه معقد جداً جداً، أفهمه أولاً، ثم أجده لاحقاً، فلم أعد متأكداً من أني صادفته سابقاً، من فرط تعقيده وغموضه وتركيبه، لو أن الحب بسيط. لو!

وأريد أن أحتفظ بذاكرتي، النسيان يواجهني الآن، يهاجمني بشكل مبكر جداً، أنسى الأماكن، والبشر، والمواقف، لا أريد أن أنسى لاحقاً أي شيء جميل، وأن تستمر صداقتي بأصحاب الذاكرة القوية، يذكرونني وأذكرهم.

لحظة! لا أريد حتى أن أنسى الألم. لا أريد أن أنسى بشكل عام.

أريد مزيداً من الحكايات. ذات النهايات السعيدة، وأريد لو أن ما سبق في حكايتي، محدود الأخطاء والخسائر.

وأود لو أتخلص عموماً من القلق والنزق، الحقد والحسد، الشر والشره، الكره والكسل، وأريد لو أبتعد عن القتل، قاتلاً، مقتولاً، أو شاهداً عليه. لو يختفي القتل عموماً، هذه مسألة مفيدة للعالم لو يعلم، تخصه أكثر مما تخصني.

وأريد، لو أن كل ما أريد، لا يزعج أحداً سواي. لا يؤذي غيري. لو أن الناس عموماً تنبسط، وتظل مبسوطة، لو أن السعادة متاحة للجميع".

ثم رحل البراء، قبل أن يتحقق له ما يريد، عله يتحقق في عالم آخر.

 اقرأ أيضاً: فاشل، فاسد، قاتل