ريهام سعيد.. إعلامي بثوب مخرج رديء

30 سبتمبر 2015
طفلة سورية لاجئة في مخيم للاجئين في تركيا (الأناضول)
+ الخط -
تتداخل المشاهد التي ضمها تقرير ريهام سعيد على قناة "النهار" عن السوريين في مخيمات لجوئهم، مع مشاهد سينمائية للدقائق الأولى من فيلم "دكانة شحاتة" حين يهجم الأهالي على القطار الممتلئ بالحبوب فيعترضون مساره وينهبون محتوياته. تختلط الصورة البرامجية التي اختارتها ريهام سعيد مع صورة سينمائية لخالد يوسف. تتقاطعان في ظاهرهما عند أناس حالهم حال "المضطر الذي يركب الصعاب" في محاولة مواجهة "الجوع الكافر"... أما في حقيقتهما، فكلتا الصورتين هي صناعة صاحبها بغض النظر كيف يقرأ كل منهما مضمون صورته.

نستطيع أن نفهم معنى أن يصنع السينمائي صورته، فهو يقدم رؤية درامية عن الواقع لابد أن يعيد تشكيل صورته وفق ضوابط فنية وجمالية وحكائية تخدم حدوته الفيلم، ولكن كيف تصنع ريهام سعيد صورة يفترض أن دورها كإعلامية يقتصر على نقلها كما هي، بوصفها الحقيقة بلا مونتاج ولا تجميل، ولكن ريهام تعيد ترتيب تفاصيل الصورة لتخرج بصورة أخرى مغايرة لا تشبه إلا الواقع الذي تفترضه هي في رأسها.

بلا شك سيبدو قاصراً الاكتفاء بالقول، إن هؤلاء الذين ظهروا في تقرير ريهام سعيد ليسوا كل السوريين. سيبدو مضحكاً أن نقول، إن هؤلاء الذين ظهروا في صورة خالد يوسف هم كل المصريين... ولكننا في الحالتين لا بد أن ندرك أن الحديث عن استثناء لا يغيب القاعدة، والتمسك بالقاعدة لا يلغي الاستثناء.

الأمر بالنسبة لريهام سعيد بدا مختلفاً، وهي تمارس نوعاً من التزوير في الصورة التي قدمتها، وزادت في الطين بلة، حين اختارت الارتجال الرديء تعليقاً على مشهد رديء صنعته بعناية... في تحليل الصورة ستبدو ريهام تقف وسط الشاحنة المحاطة بالناس من كل صوب، وهم يحاولون التقاط ما يمكن التقاطه من الكرتونات حول المذيعة المصرية، تلك الصورة بهذه التفاصيل تفترض أن ريهام سعيد دخلت المخيم، وهي تجلس في القسم الخلفي المكشوف من
الشاحنة والمخصص للبضائع لا لجلوس الناس، أو أنها اخترقت صفوف المهاجمين وصعدت إلى الشاحنة. وفي الحالتين ثمة ما يؤكد أنها تصنع الصورة، وما من عفوية من وقوفها وسط الشاحنة والمهاجمين إلا رغبة منها في أن تكون في بؤرة الصورة، حيث تؤكد نظريتها... وإلا ما معنى ألّا نجد عاملاً واحداً يقف إلى جانبها، يفترض أن يكون ليوزع البضائع أو ينزلها؟ هل دحلت شاحنة توزيع المساعدات بريهام وحدها والمصور فقط، الذي بدا مستريحاً، وهو يلتقط صور شاحنة يفترض أنها تتعرض لحالة "نهب" من أناس "جائعين" و"متوحشين" و"آثمين" كما تريدنا ريهام أن نرى دون أن تعلن عن كل ذلك علانية.

بعيداً عن الصورة، وبافتراض صحتها بلا صناعة أو تدخل درامي، نجد أن حال ريهام سعيد في قراءتها الساذجة للصورة تزوير للحقيقة. فلم تر ريهام سعيد في الصورة سوى النتيجة ولم تكتف بتغييب السبب وحسب، بل واختلقت أسباباً تخدم تراجيديا المشهد، المشهد الذي في رأسها لا المشهد الذي رأيناه، ريهام سعيد لم تتمسك بالاستثناء وغيبت القاعدة...إنها صنعت استثناء يخصها.. كُلّ ذلك لتوجيه رسائل سياسيّة للمصريين وتهديدهم "بمصير مماثل" في حال قاموا بثورة مجدداً.

المساهمون