اللاجئون وفرنسا: "ما العمل؟"

14 سبتمبر 2015
من التظاهرات الداعمة لللاجئين (Getty)
+ الخط -
في عدد بعيد عن الأدلجة والرومانسية وأقرب إلى التوثيق والإحصاء العلمي خصّصت أسبوعية "لو 1" (Le 1) صفحات عددها الـ 73 للاجئين والمهاجرين، وتساءلت في صفحتها الأولى "ما العمل؟" ودعت على لسان رئيس التحرير اريك فوتورينو إلى أوسع حملة للتعاضد الأوروبي الذي يكسر جدار الخوف ويعزّز إنسانية الشعوب الأوروبية.

في زاوية "صوت الشاعر" التي يديرها لويس شوفالييه اختار الأخير رائعة الشاعرة ايما لازاروس ( The New Colossus) المحفورة بالبرونز على تمثال الحرية في نيويورك؛ والتي أصبحت منذ العام 1883 دعوة لاحتضان اللاجئين والمحطمين في هذه الأرض. أضاف شوفالييه في قراءته للقصيدة "كانت لازاروس توجه الدعوة- بقولها أيها العرايا والمتعبون تعالوا إليّ- إلى المهاجرين الألمان الأشكيناز الذين فرّوا إلى العالم الجديد؛ وقصيدتها مستقاة من صلب الدعوة التي أطلقها عيسى المسيح لاحتضان الهاربين والجوعى والعراة". لكن ما يثير الجدل في تلك القصيدة هو التوجّه إلى يهود العالم للهجرة نحو فلسطين وطنهم الأصلي؛ ما اعتبره عدد كبير من النقاد دعوة معاكسة لتهجير الفلسطينيين؛ وهذا ما أغفله شوفالييه في نصه عن لازاروس.

من جهته كتب ألكسندر نجار "المأساة كما نراها من لبنان"، وقال: "أنا من لبنان، واحدة من الدول التي خبرت الحروب ومأساة اللجوء والنزوح، بعد 25 سنة من توقف الحرب الأهلية هنالك نازحون غير قادرين على العودة إلى مكان سكنهم الأصلي". . وسرد نجار كيف أنّ قاضي محكمة بيروت أصدر في يوم من الأيام قراراً، دعا فيه إلى طرد النازحين الذين احتلوا مرآباً تحت الأرض في إحدى مناطق بيروت، وقال نجار ساخرا "المضحك المبكي أنّ الدعوة أطلقها القاضي باسم الشعب اللبناني، تخيّلوا أنّ لبنانيين يطردون من بلادهم باسم شعب بلادهم!". علماً أن نجار نفسه كان قد نشر رسمة له، تحتوي على مختلف أشكال العنصرية ضد الفلسطينيين والسوريين، قبل فترة قصيرة فقط.

"الحصة الملعونة من حرب الجزائر"، هكذا اختار الطاهر بن جلون، الشاعر والروائي الجزائري، عنوان مقاله الأسبوعي في "لو 1". العنوان الذي يعبّر عن وجهة نظر الغالبية العظمى من الفرنسيين كما يقول بن جلون، يراه كثيرون أحد أبرز الجروح التي لم تندمل منذ اندلاع الحرب في الجزائر.

في المادة التي ضمّنها الكاتب قصة وصوله إلى فرنسا سنة 1971، تصوير للتشابك العنيف الذي ولد سنة 1973 إثر قيام أحد المختلين عقليا بقتل سائق باص محلي في مدينة مرسيليا، في ظلّ توافد المهاجرين إلى فرنسا، والتي سبقتها مشاغبات وحملات تحريض كبيرة قامت بها مجموعات اليمين الفرنسي، أبرزها مجموعة شارل مارتيل المتطرفة، التي أصدرت منشورا آنذاك يقول "لن يبق جزائري في فرنسا ما لم تبق أقدام سوداء في الجزائر".
وختم بن جلون مقاله "أصبح كل شخص غير مرغوب به هنا، وقد ساعد الخطاب الديماغوجي لليمين الفرنسي على تغذية النعرات العنصرية، فأضاع الفرنسيون حس الإنسانية في طلب الطبابة والمسكن...عليهم أن يعوا جيداً أنّ المهاجرين ليسوا سببا للبطالة، ليسائلوا حكومتهم عن النظام السياسي وعن زيادة الضرائب وعن الـ 35 ساعة عمل. الهجرة كانت دائما مصحوبة بأوهام مرضية، وأحكام مسبقة كانت العنصرية في وجهها الوحشي العامل الراعي لها".
دلالات
المساهمون