حليمة محمد (60 عاما) خطوط وجهها ترسم ألوانا من المعاناة عاشتها في مسقط رأسها بدولة إريتريا فبدت واهنة، لم تجد أمامها سبيلا سوى الهروب صوب الحدود الغربية لاريتريا خوفا على أبنائها الخمسة من شبح الخدمة الوطنية الذي يفرضه النظام الحاكم بأسمرة على البنين والبنات ولا يتقيد بسقف زمني محدد، عابرة الحد الفاصل بين واقع أرهقها وحلم ترجوه.
لم تكن حليمة سوى واحدة من اللاجئات الإريتريات اللواتي لم يتوقف تدفقهن على الأراضي السودانية منذ مارس/ آذار 1967، عقب إعلان إثيوبيا إلغاء الحكم الفيدرالي وضم إريتريا لإثيوبيا مما أدى إلى نشوب حروب طاحنة حصدت أعدادا كبيرة من الطرفين، ومنذ ذلك التاريخ وقصص المعاناة العابرة للحدود لا نهاية لها.
لاجئو شرق السودان يحملون قصص مأساة تحوي فصولها أقسى مشاهد المعاناة والانتهاك لآدمية البشر. فالذين هربوا مكرهين من أوطانهم بحثا عن حياة أرحب؛ وجدوا أنفسهم فريسة لمجرمي الاتجار بالبشر، وإذا ما سلم اللاجئ من أولئك واجه قانون الهجرة الذي يصفه بـ (المتسلل) وفي بلدان أخرى يوصف بـ "المهاجر غير الشرعي"، وإذا ما نجا من تلك الأوصاف، وأصبح لاجئا، تتجدد معاناته مع الجهات المعنية بأمره؛ مثل: معتمديه إسكان اللاجئين (كور) والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR).
أعداد دخول اللاجئين من دول الجوار (إريتريا ــ إثيوبيا ــ الصومال) عبر الحدود الشرقية للسودان يصعب تدقيقها، إلا أن معتمد إسكان اللاجئين بالسودان حمد الجزولي أبو مروءة أفاد بأنها تتراوح ما بين 30 و40 لاجئا يوميا، فيما تفيد مصادر أخرى أن المعدَّل يتراوح ما بين 50 و80 لاجئا يوميا.
ومع ذلك تظل هذه الأرقام مقلقة إذا ما قورنت بمدى جاهزية مناطق
إيواء اللاجئين، إذ تجاوز عدد اللاجئين المتواجدين حاليا بولاية كسلا (شرق السودان) 10 آلاف و17 لاجئا خلال الأشهر الأولى لهذا العام، بحسب إفادات معتمديه إسكان للاجئين بالسودان.
للمعاناة عنوان
معاناة إنسانية بالغة القسوة داخل معسكرات اللاجئين بشرق السودان، تفيض بقصص حزينة وحكايات مؤلمة، ومع ذلك يتحمل اللاجئ تلك القسوة بحثا عن أمل خارج الحدود.
لملم لاجئة إريترية في العقد الخامس من عمرها مريضة بالسرطان، في مخيم (26) ظلت مع أطفالها الخمسة منذ أن دخلت الأراضي السودانية عام 2003، ورغم إعاقة ابنتها الكبرى فإنها تنتظر التوطين دون جدوى، بحجة أن هناك من هم أسوأ حالا منها ؟! ما جعلها تتساءل عن معايير الاختيار لبرامج إعادة التوطين؟
لم تكن حليمة سوى واحدة من اللاجئات الإريتريات اللواتي لم يتوقف تدفقهن على الأراضي السودانية منذ مارس/ آذار 1967، عقب إعلان إثيوبيا إلغاء الحكم الفيدرالي وضم إريتريا لإثيوبيا مما أدى إلى نشوب حروب طاحنة حصدت أعدادا كبيرة من الطرفين، ومنذ ذلك التاريخ وقصص المعاناة العابرة للحدود لا نهاية لها.
لاجئو شرق السودان يحملون قصص مأساة تحوي فصولها أقسى مشاهد المعاناة والانتهاك لآدمية البشر. فالذين هربوا مكرهين من أوطانهم بحثا عن حياة أرحب؛ وجدوا أنفسهم فريسة لمجرمي الاتجار بالبشر، وإذا ما سلم اللاجئ من أولئك واجه قانون الهجرة الذي يصفه بـ (المتسلل) وفي بلدان أخرى يوصف بـ "المهاجر غير الشرعي"، وإذا ما نجا من تلك الأوصاف، وأصبح لاجئا، تتجدد معاناته مع الجهات المعنية بأمره؛ مثل: معتمديه إسكان اللاجئين (كور) والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR).
أعداد دخول اللاجئين من دول الجوار (إريتريا ــ إثيوبيا ــ الصومال) عبر الحدود الشرقية للسودان يصعب تدقيقها، إلا أن معتمد إسكان اللاجئين بالسودان حمد الجزولي أبو مروءة أفاد بأنها تتراوح ما بين 30 و40 لاجئا يوميا، فيما تفيد مصادر أخرى أن المعدَّل يتراوح ما بين 50 و80 لاجئا يوميا.
ومع ذلك تظل هذه الأرقام مقلقة إذا ما قورنت بمدى جاهزية مناطق
للمعاناة عنوان
معاناة إنسانية بالغة القسوة داخل معسكرات اللاجئين بشرق السودان، تفيض بقصص حزينة وحكايات مؤلمة، ومع ذلك يتحمل اللاجئ تلك القسوة بحثا عن أمل خارج الحدود.
لملم لاجئة إريترية في العقد الخامس من عمرها مريضة بالسرطان، في مخيم (26) ظلت مع أطفالها الخمسة منذ أن دخلت الأراضي السودانية عام 2003، ورغم إعاقة ابنتها الكبرى فإنها تنتظر التوطين دون جدوى، بحجة أن هناك من هم أسوأ حالا منها ؟! ما جعلها تتساءل عن معايير الاختيار لبرامج إعادة التوطين؟
مأوى اللاجئة لملم بالمعسكر |
"من يدفع أكثر يجد طلبه قبولا أسرع وفي الدولة التي يختارها". قاعدة يراها برهان تخلي، لاجئ اريتري بنفس المخيم، وهي الحاكمة للعلاقة بين اللاجئ والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
إحدى اللاجئات حكايتها أكثر دراماتيكية، إذ حاولت الانتحار، بعد اختطاف زوجها من داخل المعسكر. وحين أبلغت مسؤول المعسكر اتهمها بالكذب، فيما ظلت أخرى مع طفليها في المعسكر منذ العام 2006، بعد اعتقال زوجها بإريتريا وقالت إنها تعرضت للاختطاف ثم للاغتصاب.
لاجئ آخر رفض ذكر اسمه أيضا خوفا من التضييق الأمني عليه، يعيش ظروفا نفسية سيئة، بعد محاولة اغتصاب زوجته أمام عينيه، الأمر الذي زاد تعقيد حياته في المعسكر وأقحمه في إشكاليات مع الجهات الأمنية التي اتهمها باستغلال النفوذ.
"انعدام الخدمات" شكوى متكررة على لسان اللاجئين بمعسكرات شرق السودان، وان توافرت الخدمات فهي غير لائقة للحياة الإنسانية حيث ندرة المياه، وقلة الطعام مع رداءته. ورغم تقديم اللاجئين مذكرة لمفوضية اللاجئين بمدينة (كسلا) احتجاجاً على الأوضاع المتردية بالمعسكر إلا أنها لم تجد أذنا صاغية بالإضافة إلى حالات الترويع المستمر نظرا للفوضى التي تعم المعسكرات والغياب شبه الكامل لتوفير احتياجاتهم من مأوى وتعليم وخدمات صحية.
الأمل في الحصن
أسلاك شائكة تحيط الأسوار المرتفعة حيث مقر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بكسلا، يؤمنها الحرس المتحفز لصد الجميع ان لم تصدهم تلك الأسوار، وبحسب سياسات المفوضية فإن شروط إعادة التوطين تصنف اللاجئين ثلاث حالات وهي الحالات الطارئة، التي قد يتعرض اللاجئ فيها لتهديد أمني حاد ومباشر إذا بقي في بلد اللجوء.
وفي هذه الحالة يتم إعادة توطينه في بلد ثالث في فترة لا تتجاوز أياما معدودة؛ هذا إن لم يكن خلال ساعات، والحالات العاجلة، وتخص ذوي الأمراض الخطيرة والمستعصية، التي يتوفر علاجها ــ فقط ــ في بلد اللجوء. وفي هذه الحالة يتم إعادة التوطين للاجئ في بلد ثالث في مدة أقصاها ستة أسابيع، وهنالك الحالات العادية، وهي أغلب الحالات الموجودة بالمعسكرات ويتم إعادة التوطين لهذه الحالة في مدة أقصاها 12 شهرا.
وبحسب إفادات الدكتور محمد حسن قاسم، رئيس المكتب الإقليمي للمفوضية السامية بشرق السودان ، في رده على الاتهامات والشكاوى ضد المفوضية، فإن:" المفوضية تقوم بالرعاية والاهتمام بما يقارب 68 ألف لاجئ منتشرين في 12 معسكرا مخصصا لهم"، موضحا أن اللاجئين الجدد يتم استيعابهم والمفوضية مسؤولة عن الخدمات الأساسية لأغلب تلك المعسكرات حيث تتعاون مع حكومة الولاية ودول إعادة التوطين لوضع حلول لمشكلة اللجوء؛ منها برنامج الاعتماد على الذات الذي تقوم المفوضية بالتعاون والتنسيق مع الشركاء في إنفاذه.
أما معتمدية إسكان اللاجئين (كور) فقد أكد معتمد إسكان اللاجئين بكسلا عبد العظيم أحمد على أن العلاقة بين المفوضية والمعتمدية علاقة تنسيق وتكامل، مشيرا إلى الدور الذي تقوم به المعتمدية في هذا المجال، وجهودها في تقديم كافة الخدمات المتاحة للاجئين، مع تأكيده على أنهم في المعتمدية:"ملتزمون بالإعاشة للاجئ في معسكر (ود شريفي) إلى جانب تأمين الخدمات والرعاية الصحية"، مشيرا إلى أنه مؤخرا أصبحت أسر كاملة تطلب اللجوء، بخلاف ما كان عليه الوضع سابقا، حيث كانوا يستقبلون حالات فردية.
هموم اللاجئين في شرق السودان لا تتوقف، ولا يميز أصحابها بين مسؤولية الدولة ودور المنظمات وتجاوزات الأفراد، غير أنهم يحمِّلون كافة أزماتهم للحكومة السودانية، أملا في حمايتهم من الاتجار بأحلامهم في مزاد الحياة
وفي هذه الحالة يتم إعادة توطينه في بلد ثالث في فترة لا تتجاوز أياما معدودة؛ هذا إن لم يكن خلال ساعات، والحالات العاجلة، وتخص ذوي الأمراض الخطيرة والمستعصية، التي يتوفر علاجها ــ فقط ــ في بلد اللجوء. وفي هذه الحالة يتم إعادة التوطين للاجئ في بلد ثالث في مدة أقصاها ستة أسابيع، وهنالك الحالات العادية، وهي أغلب الحالات الموجودة بالمعسكرات ويتم إعادة التوطين لهذه الحالة في مدة أقصاها 12 شهرا.
عبد العظيم أحمد علي |
وبحسب إفادات الدكتور محمد حسن قاسم، رئيس المكتب الإقليمي للمفوضية السامية بشرق السودان ، في رده على الاتهامات والشكاوى ضد المفوضية، فإن:" المفوضية تقوم بالرعاية والاهتمام بما يقارب 68 ألف لاجئ منتشرين في 12 معسكرا مخصصا لهم"، موضحا أن اللاجئين الجدد يتم استيعابهم والمفوضية مسؤولة عن الخدمات الأساسية لأغلب تلك المعسكرات حيث تتعاون مع حكومة الولاية ودول إعادة التوطين لوضع حلول لمشكلة اللجوء؛ منها برنامج الاعتماد على الذات الذي تقوم المفوضية بالتعاون والتنسيق مع الشركاء في إنفاذه.
أما معتمدية إسكان اللاجئين (كور) فقد أكد معتمد إسكان اللاجئين بكسلا عبد العظيم أحمد على أن العلاقة بين المفوضية والمعتمدية علاقة تنسيق وتكامل، مشيرا إلى الدور الذي تقوم به المعتمدية في هذا المجال، وجهودها في تقديم كافة الخدمات المتاحة للاجئين، مع تأكيده على أنهم في المعتمدية:"ملتزمون بالإعاشة للاجئ في معسكر (ود شريفي) إلى جانب تأمين الخدمات والرعاية الصحية"، مشيرا إلى أنه مؤخرا أصبحت أسر كاملة تطلب اللجوء، بخلاف ما كان عليه الوضع سابقا، حيث كانوا يستقبلون حالات فردية.
هموم اللاجئين في شرق السودان لا تتوقف، ولا يميز أصحابها بين مسؤولية الدولة ودور المنظمات وتجاوزات الأفراد، غير أنهم يحمِّلون كافة أزماتهم للحكومة السودانية، أملا في حمايتهم من الاتجار بأحلامهم في مزاد الحياة