عقب نشر تحقيق "العربي الجديد"، "كورونا في ليبيا... تلاعب بأموال مواجهة الجائحة" شرقاً على يد الإدارة الموازية (حكومة الثني) وغرباً بواسطة حكومة الوفاق، أصدر خالد أحمد شكشك، رئيس ديوان المحاسبة (أعلى سلطة رقابية في ليبيا)، في 19 أغسطس/آب، القرار رقم 1 لسنة 2021، ينبّه فيه كل الجهات ذات العلاقة إلى ضرورة التقيّد بأحكام التشريعات النافذة التي تنظم حالة التعاقد عن طريق التكليف المباشر، وعلى الأخص المادتين 10 و68 من لائحة العقود الإدارية رقم 563 لسنة 2007.
ونشر "العربي الجديد"، في 15 أغسطس، تحقيقا كشف ووثّق حالات تلاعب بمخصصات مواجهة جائحة كورونا في ليبيا، بينما تعاني مراكز العزل الصحي من أوضاع تشغيلية سيئة، وعجز في مستلزمات فحص الفيروس.
ويؤكد قرار ديوان المحاسبة، على الأخذ بعين الاعتبار الوضع الذي تمر به البلاد، والذي يحتم على الجميع بذل كل الجهود للإسهام في المحافظة على مقدرات الدولة المالية، والتقيد بالقوانين واللوائح المنظمة لإجراءات التعاقد بشكل عام، وإجراءات التعاقد بطريق التكليف المباشر بشكل خاص.
وشدد القرار على أنه يتعين على الجهات، متى عزمت على التعاقد بطريق التكليف المباشر، التقييد بالآتي: الالتزام بالحالات المنصوص عليها في المادتين 10 و68 من لائحة العقود الإدارية. وإدراج الأسباب التي دعت إلى اللجوء إلى إجراء التعاقد بطريق التكليف المباشر، فضلا عن ضرورة اعتماد رئاسة الوزراء، باعتبارها المعنية من دون غيرها لتقدير حالات التعاقد بالتكليف المباشر، مع إحالة ذات الأسباب إلى ديوان المحاسبة، حال طلب الموافقة المسبقة أو اللاحقة للتعاقد.
وجرى التلاعب بمخصصات الخطة المالية لمواجهة كورونا، ومن ذلك- بحسب الوثائق والإفادات التي حصل عليها تحقيق "العربي الجديد"- عدم صيانة مراكز العزل في بعض المناطق، ومنها بلديات نالوت والزنتان وزوارة، رغم تخصيص مليار و29 مليون دينار (286 مليونا و679 ألف دولار) لمجابهة كورونا في غرب ليبيا، وكذلك تكليف سبع شركات خاصة في غرب ليبيا من أجل توريد احتياجات الجائحة، فاستنفدت مخصصاتها المالية التي حددتها الحكومة لها، دونما أثر على الواقع. بينما كلف ديوان "مجلس الوزراء" في شرق ليبيا 7 شركات أخرى، بتوريد معدات ومستلزمات طبية تجاوزت قيمتها خمسة ملايين دينار (مليون و111 ألف دولار) من دون إخضاعها للمراجعة من قبل ديوان المحاسبة، واستصدار الموافقة المسبقة بذلك بعد التأكد من إجراءات سلامة التعاقد، بالمخالفة لنص المادة رقم 1 من القانون رقم 24 لسنة 2013، والمعدل بالقانون رقم 19 لسنة 2013 بإعادة تنظيم ديوان المحاسبة، بالإضافة إلى تحويل الديوان، بتاريخ 2 إبريل/نيسان من العام الماضي، 300 مليون دينار (66 مليونا و669 ألف دولار) من بند المتفرقات بوزارة المالية والتخطيط إلى حساب الباب الثاني في ديوان مجلس الوزراء المتعلق بتغطية الاحتياجات اللازمة لمواجهة الجائحة، لكن صُرف منها 284 مليوناً في عشرة أيام فقط، مع أن هذا البند، وفقا لقانون اعتماد الميزانية للدولة للعام 2020، من البنود المركزية التي تتولى وزارة المالية والتخطيط الإشراف عليه والصرف من مخصصاته، بحسب تقرير صادر عن ديوان المحاسبة في شرق ليبيا بتاريخ 27 إبريل/نيسان 2020.
وعلى الرغم من أن الفقرة (أ) من المادة العاشرة من لائحة العقود الإدارية، تجيز التعاقد بالتكليف المباشر في حالات تقتضيها متطلبات الأمن الوطني أو حالة الطوارئ، كما يقول إبراهيم أبوحجر، الرئيس الأسبق لمكتب التشريعات والشؤون القانونية في هيئة الرقابة الإدارية، لكنه يؤكد لـ"العربي الجديد" أن تلك الحالة تم تقييدها بالفقرة (أ) من المادة 68 من ذات اللائحة، والتي تنص على أنه "بعد صدور الإذن بالتعاقد بطريق التكليف المباشر وفقا لأحكام هذه اللائحة، تتولى إجراءات التعاقد لجنة، تتكون من رئيس وثلاثة أعضاء من ذوي التخصص والخبرة، تشكلها الجهة مُصدرة الإذن، وتكون اجتماعاتها صحيحة بحضور جميع أعضائها، وتصدر آراءها بأغلبية الأصوات، وفي حالة التساوي يرجح الجانب الذي منه الرئيس، وتدون اجتماعاتها في محاضر".