أسطورة النامازو والزلازل اليابانية

04 اغسطس 2017
تتأثر اليابان بالزلازل بشكلٍ مستمر (جيجي برس/فرانس برس)
+ الخط -
على مدار التاريخ والأرخبيل الياباني يعاني من زلازل دورية مدمرة؛ إذ إن 10 في المائة من النشاط الزلزالي في العالم يحدث في تلك البقعة الجغرافيّة. وبعض الزلازل يتبعها موجات "تسونامي" تكتسح المناطق الساحلية. وبالرغم من الطفرة التكنولوجية الفائقة في البلاد؛ لكنّ اليابانيين لا يزالون يتيهون فخراً بتراثهم التقليدي الذي يضمّ بين دفتي الذاكرة الجمعية ما قرره القدامى حول أسباب تلك الزلازل، ممثلاً في أسطورة "النامازو"، أي المسؤول الأول عن خلق الزلازل.
والنامازو قرموط أسطوري عملاق (سمكة السلور) يعيش في المياه العميقة تحت الأرض، ويسبح متنقلاً عبر البحار ومياه الأنهار، وتسبب حركته القوية الزلازل. ورغم ترويضه وكبحه من جانب إله الرعد "تاكيميكازوتشي- نو- ميكوتو"؛ فإنه لا يزال يمثّل قوةً لا يمكن الاستغناء عنها، فهو وإن كان باستطاعته التسبب في الدمار الشديد، هو أيضاً يستطيع أحيانًا أن يجلب الحظ الطيب، ويعيد توزيع الثروة بنفس الدرجة، بحسب تلك الأساطير.

يرتبط نامازو ارتباطًا وثيقاً "بإله الرعد"، كتابع له تحت الأرض. وكان هناك "إله زلازل" آخر يدعى "ناي- نو- كامي"، والذي ظهر في حوالي القرن السابع الميلادي، وأصبح فيما بعد مع "نامازو". ولكن في فترة ميجي (1868-1912) تم فصل "ناي- نو- كامي" مرة أخرى وأعطي شخصية مستقلة.
كان لدى "إله الرعد" حجر خاص يدعى "كانامي إيشي"، أي حجر التثبيت، فصنع حفرةً في الأرض ووضع بها رأس نامازو واستخدم الحجر لتثبيت الرأس وتقييد حركة القرموط العملاق، أو على الأقل الحدّ من وتيرة وشدة الزلازل. ويعتقد اليابانيون أن 15 سم من قمة هذا الحجر الهائل لا تزال بارزة فوق ضريح كاشيما في مدينة هيتاشي، ولدى اليابانيين قول مأثور في هذا الشأن: "حتى لو تحركت الأرض فلا خوف، فروح كاشيما تمسك بحجر التثبيت وتحفظه في مكانه".
وحتى تعطي الأسطورة لنفسها مجالاً في حالات التشكك فيها، تقول إن الإمبراطور توكوغاوا ميتسوكوني (1628-1700م)، حاول الحفر حول حجر كانامي ورؤية مدى عمقه، لكنّه تخلى عن فكرته بعد سبعة أيام من الحفر، بعد أن يئس من الوصول إلى الجزء السفلي من الحجر. لكن لسوء الحظ، فإن هذا الحفر أساء للتثبيت، وعندما يذهب "إله الرعد" إلى المؤتمر السنوي لجميع الآلهة في إيزومو؛ يتمكن القرموط من الحركة قليلاً فيسبب بذيله زلزالاً أو اثنين أشد من المعتاد. ومن تلك الرواية انتشرت فكرة وضع حجارة مماثلة لكانامي إيشي في الأضرحة، في محاولة لمنع أو تقليل الزلازل.
في الثقافة اليابانية القديمة؛ كان "سمك السلور" يمثل التجديد المنتظم للعالم، والمعروف باسم "يو- نوشي"، والذي رحب به الفقراء كفرصة لهز الطبقات الغنية، وإعادة توزيع ثرواتهم المتراكمة، وبدء بداية جديدة للجميع. أصبحت هذه الفكرة شعبية في أعقاب سلسلة من الزلازل في فترة إيدو (1600-1868) والتي كثيرًا ما خفضت مَن يملكون إلى مستوى مَن لا يملكون، ومنحت الفقراء فرصة لتحسين أحوالهم خلال الفوضى التي أعقبت تلك الكوارث.
وتحمل فكرة "يو- نوشي" الأمل في أن الفقراء سوف يرثون ثروة الأغنياء وتنعكس الأدوار في الحياة، وهذا يعني أن أسطورة نامازو ترتبط في بعض الأحيان بحسن الحظ، أو على وجه التحديد بالثروة المؤقتة. أما في الأضرحة والأماكن المقدسة الخاصة بالآلهة المحلية التي تخصص جانباً من جوانبها لنامازو؛ فتقول الأسطورة إن الناس يستطيعون اقتراض الأواني والأدوات منّا، ولكن نامازو سيجلب عليهم سوء الحظ الشخصي، إذا لم يعتنوا بهذه الأواني والأدوات ويعيدوها جيدة بعد الاستخدام.
وتعتبر أسطورة النامازو من الموضوعات الشائعة في اللوحات الفنية اليابانية، وتستخدم كأيقونات في منازل اليابانيين لمنع الزلازل الخطيرة، ولاستدعاء وطلب مساعدة الإله تاكيميكازوتشي، وحتى الآن لا تزال صور نامازو منتشرة على أجهزة الإنذار الرقمية التي تنتجها وكالة الأرصاد الجوية اليابانية للإنذار من الزلازل.

دلالات
المساهمون