المازوت والغاز... هدايا السوريين الأثمن في عيد الحب

14 فبراير 2017
عيد الحب لمثل هؤلاء وليس لنا ( العربي الجديد)
+ الخط -





رغم الفقر والحرب، لم يزل بعض الشباب السوري، يرون في "14 شباط" عيداً للحب، ومناسبة يمارسون طقوسها. كما يراها بعض الباعة وتجار الحفلات، فرصة لكسر الجمود الذي يلف الأسواق السورية، بعد حملات التفقير التي يقودها نظام بشار الأسد.

لكن النسبة الأكبر من السوريين لم يعيروا اهتماماً للمناسبة، بعد أن طاول القتل والتهجير معظم الأسر السورية، وغلبت أعباء الحياة على المناسبات المستوردة، إذ يشغل الناس اليوم، وبعموم سورية، تأمين المشتقات النفطية التي تعاني الأسواق من ندرتها وتأمين الكهرباء "الأمبيرات" بواقع انقطاع التيار لأكثر من عشرين ساعة يومياً، حتى بالعاصمة دمشق التي يسيطر عليها نظام بشار الأسد.

ويقول صحافي متقاعد: "لا يزيد راتبي التقاعدي عن 40 ألف ليرة (نحو 80 دولاراً) وبالكاد يسد الاحتياجات الرئيسة لأسرتي، بواقع غلاء الأسعار 12 ضعفاً خلال الثورة وتحكم تجار الحرب بالأسعار، وفي مقدمتها، أسعار المازوت التي وصل سعر الليتر بدمشق لنحو 550 ليرة.

ويضيف الصحافي السوري الذي طلب عدم ذكر اسمه: "تراجعت المحال التي تبيع مستلزمات عيد الحب بدمشق "نسينا لون الورد ورائحته" ولم يعد الترفيه وحتى الحب ضمن برامج السوريين الذين يعانون الفقر والخوف ويتشهون على "الطعام والدفء والأمان".



ورداً على سؤال "العربي الجديد"، ولكن ثمة محال بدمشق تبيع وروداً وألعاباً حمراء، بل وحفلات لـ "إلياس كرم وعلي الديك ومطربين لبنانيين" يقول: أنا أتكلم عن الذين يشبهونني، ولا أعتقد أن من يشتري دباً بأكثر من راتبي أو من يحجز تذكرة حفلة لعلي الديك بنحو 60 ألف ليرة، يشبهني. مشيراً إلى أن الحرب التي أفقرت معظم السوريين، أغنت بعضهم من تجار الحرب وأولاد المسؤولين "وعيد الحب لمثل هؤلاء وليس لنا".
وتضيف المصادر، أن دمشق تشهد العديد الإعلانات عن حفلات موسيقية، لمطربين سوريين ولبنانيين، وتتراوح سعر البطاقة لحضور الحفلة، بين 60 و100 ألف ليرة سورية على حسب الدرجة ومكان الجلوس، فحفلة علي الديك بين 75 و40 ألف ليرة، وثمة حفلات لمطربين بمطاعم من فئة النجمتين، تتراوح سعر البطاقة بين 15 و20 ألف ليرة، عدا عن فاتورة الطعام.

ويقول طالب الحقوق بجامعة دمشق، يحيى عبود: "سأسهر على ضوء الشمع بالبيت وهي أول مرة نستفيد منها من انقطاع الكهرباء "نعيش الرومانسية مجاناً".

وتقول مصادر خاصة من دمشق لـ"العربي الجديد": "إن سعر الدب الأحمر يتراوح بين 30 حتى 100 ألف ليرة سورية، على حسب الحجم والقماش وبلد المنشأ، وسعر دب الباندا بنحو 50 ألف ليرة والدب البني بنحو 20 ألف ليرة، والوردة الحمراء بين ألف وألف وخمسمائة  ليرة".


ويشير عبود لـ"العربي الجديد" أن ثمة إقبالاً على شراء الهدايا وتذاكر الحفلات الفنية بدمشق، ولكن من أوساط محدودة تنتمي إلى الطبقات الغنية وأولاد التجار والمسؤولين، كاشفاً عن هديا من نوع جديد انتشرت بدمشق أخيراً، وهي عبارة عن "بيدونات" مازوت (وعاء بلاستيكي) مطلية باللون الأحمر كهدية بعيد الحب، أو إسطوانة غاز ملفوفة بشريط أحمر.



ويضيف الجامعي عبود 23 سنة، رغم انتشار اللون الأحمر ببعض شوارع وأسواق دمشق "الشعلان والصالحية والحمرا" إلا أن مظاهر عيد الحب أو الإقبال على شراء الهدايا هذا العام، أقل بكثر من الأعوام السابقة، بسبب الحزن والفقر الشديدين. ويبقى للسوريين بالمناطق المحررة، معاناة وظروف مختلفة بالمطلق عمّا يعيشه من هم تحت سيطرة الأسد، ففضلاً عن الفقر والحصار، ثمة محاكم شرعية تحكمهم هناك، وتمنع أية مظاهر مستوردة كعيد الحب.

ويقول محمد محيو من مدينة سرمين بإدلب: "أي عيد حب وأية سخافة بواقع ما نعيش، من فقر وعودة القصف والموت اليومي الذي نعيش "ما في أسواقنا ورود ودببة بل تعاني نقصاً بالسلع الاستهلاكية".

وحول نظرة المحاكم الشرعية لهكذا مظاهر، يضيف محيو لـ"العربي الجديد": "ينظرون لها على أنها تمثل بأفعال وسلوك الغرب وربما تصل عقوبتها للسجن، لا أحد يتجرأ على إحياء مناسبة عيد الحب، إن فرضنا أنه يملك ثمن هدية ".


والحال يختلف عند السوريين النازحين إلى تركيا، وتقول عبير من مدينة حمص: "نحن بحاجة للفرح وسأشتري وردة حمراء وأهديها لخطيبي "وأتوقع أن يشتري هو لي دباً أحمر"، مضيفة أن أسعار الورود الحمراء بساحة تقسيم بإسطنبول، ارتفعت خلال الأيام الأخيرة بين 5 و7 ليرات تركية.

وتقول  لجنة إحصاءات منتجي نباتات الزينة والمشاتل قبل الثورة، كانت سورية تستورد أكثر من 500 ألف وردة حمراء من الهند وكولومبيا وبسعر لا يقل عن الدولار لكل وردة، في حين يؤكد سوريون أن استيراد الورد توقف بعد الثورة وبات الاعتماد على إنتاج البيوت البلاستيكية بالساحل السوري وريف دمشق.

ونقلت مصادر إعلامية عن وزارة حماية المستهلك بدمشق: "إنه من الغريب أن نجد استغلالاً لهذه المناسبة"، مشيرة إلى أن عناصر الرقابة التموينية اعتادت متابعة ومراقبة الأسواق في هذه الفترة، وأضافت: بعد معرفة أن هنالك من يتاجر بالورود والهدايا البسيطة تم التوجيه بالدخول إلى الأسواق التي تشتهر ببيع هذه الهدايا للمطالبة بالفواتير ومحاسبة كل من يرفع الأسعار.

 

 

المساهمون