حان وقت الحقيقة: جاستن ترودو ليس عفوياً... ويحضّر بإتقان كل صوره الشهيرة

14 نوفمبر 2017
صور ترودو تغزو الأخبار (فيسبوك)
+ الخط -
قبل عامَين بدأ جاستن ترودو بإبهار الرأي العام. مع تسلمه رئاسة الحكومة الكندية. عرف الرئيس الشاب كيف يكسب الجمهور من خلال سلسلة تصرفات وصور "عفوية" تجعله مقرباً من الشعب الكندي، حتى باتت شعوب العالم تحسد الكنديين على رئيس حكومتهم.

لكنّ صحفا ومواقع كندية، وأخرى بريطانية بدأت تكشف أن كل هذه "العفوية" عند ترودو هي في الحقيقة مواقف محضّرة سلفاً. إذ نشرت صحيفة "غارديان" البريطانية تقريراً، تكشف فيه عن تفاصيل تحضير عدد من هذه الصور.

بعد أن تمت الإشارة إلى أن الصورة التي ظهر فيها ترودو وهو يركض بجانب مجموعة من المراهقين الكنديين المتجهين إلى حفلة موسيقية، تم التقاطها من قبل مصوره الرسمي، حيث بدأ بعض الكنديين يتساءلون عن سبب سقوط الإعلام في هذا النوع من الترويج وأعمال العلاقات العامة.

وأوضحت روبين أورباك، وهي كاتبة عمود في هيئة الإذاعة الكندية، أنه في السياسة يتم الإعداد حتى لأكثر الأشياء التي تبدو عفوية، حيث يكون هناك نوع من التنسيق المسبق فيما يخص ظهور السياسيين.

من ناحيتها شرحت المراسلة الصحافية آرون هاتشينز أنه لالتقاط صورة للحظة مرور ترودو مهرولاً بجانب المراهقين، يعني أن على المصور أن يركض مسبقاً وفق مسار مخطط له، وأن يجهز معداته لتحديد كادر الصورة المطلوبة بعناية، والتأكد من أنه جاهز لالتقاطها عندما يصل ترودو.

وعبّرت عن اعتقادها بأن تلك الصور كانت تبدو مجرد مصادفات في البداية، لكن الآن هناك تساؤلات عما اذا كانت مصطنعة.

ومع ذلك فإن تلك اللقطة لترودو انتشرت على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، وظهرت في عناوين الأخبار حول العالم.

وأصبح الإعلام في كندا والعالم متواطئاً في الترويج لما وصفته هاتشينز بـ"مشروع التفاخر" الذي يصنعه ترودو وفريقه.

فلو كانت هذه هي المرة الأولى التي تحول فيها وسائل الإعلام صورة لترودو إلى قصة، لكان ممكنا التسامح أكثر إزاء ذلك، لكن يبدو أن هناك شهية لا تنتهي تجاه الصور المتعلقة بهذا الرجل، بحسب قولها.

أما الكاتبة جيس براون فتعتبر جاستن ترودو علامة فارقة في وسائل التواصل الاجتماعي، واعتاد أن يوظف نفسه كجانب مشرق من دوامة الأخبار المريعة حول العالم، ففي كل أسبوع يغذي ترودو عجلة الأخبار، وتطغى صوره على آخر الأخبار في "فيسبوك" سواء وهو يداعب دببة الباندا، أو يعانق اللاجئين، أو يتم تصويره مصادفة في البرية.



 والنتيجة أن هذه الهيستريا الإعلامية تغطي أحياناً على أسئلة حاسمة حول حكومته، مثل كيف يمكن مواجهة التغير المناخي، ولماذا وقعت الحكومة صفقة مركبات عسكرية بقيمة 15 مليار دولار للمملكة العربية السعودية، رغم مخاوف المنتقدين من أن آل سعود يمكن أن يستخدموها ضد الشعب، وأسئلة أخرى تتعلق بوعود المساواة بين الجنسين وخاصة فيما يخص الهوة في الأجور، وتحسين ظروف النساء.

وليس مستغرباً أن يبذل فريق ترودو قصارى جهده لتكريس صورة معينة أو انطباع ما.

لكن الأمر لا يبشر بالخير فيما يتعلق بثقة العامة بوسائل الإعلام وسهولة استغفالها من قبل محاولات الحكومات بالتلاعب.

وتقع مسؤولية مهمة على عاتق الناس بالتمييز بين الأخبار والعلاقات العامة، فصورة التقطها مصور رئيس الوزراء ليست صدفة، وليست خبراً، "يجب أن نعرف ذلك بشكل أفضل"، بحسب قول الكاتبة أورباك.


(العربي الجديد)


المساهمون