على خطى جنودهم في سورية، نظمت شركتان سياحيتان روسيتان جولات لعشرات السياح الروس. وبعدما كان السائح الروسي قبل الثورة على نظام الرئيس بشار الأسد، يزور سورية أساساً في رحلات حج دينية تتبع طريق الرسل الذين نقلوا المسيحية من فلسطين إلى باقي العالم، باتت المدن المدمرة محجّاً للتعرف إلى "مجد العسكري الروسي وإنجازات الصواريخ والطائرات روسية الصنع".
ورغم تحذير وزارة الخارجية الروسية المواطنين الروس من زيارة سورية "لأي غرض من الأغراض"، موضحة أن البلاد تشهد "أعلى درجة تهديد إرهابي، وتمر منذ عام 2011 بأزمة سياسية وعسكرية حادة وصراع مسلح داخلي"، أعلنت شركتا "كلمنجارو" و"ميراكل" السياحيتان الروسيتان عن تنظيم رحلات للسياح، موضحة أنها تمكنت في عام 2019 من تنظيم رحلة واحدة ضمّت 50 سائحاً.
وسائل إعلام روسية سارعت إلى الترويج لخبر "انتعاش النشاط السياحي في سورية"، كدليل على نجاح العملية العسكرية الروسية في إعادة الأمن والاستقرار إلى الأراضي السورية، قبل أن تخرج وكالة السياحة الفيدرالية ببيان طالبت فيه منظمي الرحلات السياحية بوقف بيع الرحلات إلى سورية "لضمان سلامة السياح الروس"، داعية مواطنيها الموجودين في سورية إلى توخي "الحذر الشديد" في تصرفاتهم وتحركاتهم في جميع أنحاء البلد غير المستقرّ.
وبالاطلاع على برنامج رحلات شركتي "كلمنجارو" و"ميراكل" السياحيتين المنظمتين للرحلات إلى سورية، فإن السياح الروس يسافرون من موسكو إلى بيروت بالطائرة، ومن هناك ينتقلون إلى سورية براً بالسيارات أو الحافلات. وتبلغ مدة الإقامة في سورية 7 أيام، تشمل زيارة دمشق وحلب وحماة وقلعة الحصن في حمص، وتدمر ومعلولا، بالإضافة إلى مدينة صيدنايا بريف دمشق، وأوضحت الشركتان أن إدلب غير مدرجة في جدول الزيارة، نظراً لوقوعها تحت سيطرة الجماعات المسلحة.
ورغم وجود رحلتين جويتين مباشرتين أسبوعياً إلى اللاذقية ودمشق، الأولى تسيرها "السورية للطيران" وهي الشركة الوطنية، والثانية لشركة "أجنحة الشام" الخاصة، فضّلت الشركتان الروسيتان نقل السياح عبر مطار بيروت، ومعلوم أن شركة "أيرفلوت" الروسية أوقفت رحلاتها المباشرة أو العبور فوق مجال سورية الجوي منذ أغسطس/ آب 2012.
وفي حين لا تتجاوز تكلفة الرحلة السياحية الشاملة لتذاكر الطيران والإقامة في فنادق فاخرة لمدة 8 أيام إلى فرنسا الـ500 دولار، وإلى إسبانيا 600 دولار، أما إلى تركيا فلا تزيد عن 400 دولار، تبلغ تكلفة الجولة إلى سورية 1950 دولاراً أميركياً، لا تشمل ثمن تذكرة الطيران من موسكو إلى بيروت (360 دولاراً أميركيّاً).
وواضح أن الرحلات لا تجذب فقط هواة "سياحة المغامرات والمخاطر"، بل تتعداهم إلى ناشطين سياسيين ومدونين ورجال أعمال، وفي مقاطع فيديو نشرها إيليا فارلاموف الذي يدير قناة على "يوتيوب" يتابعها قرابة 1.2 مليون مشترك، يوثق "المغامر الروسي" الذي سبق أن زار أفغانستان وفلسطين وغيرهما من المناطق المشتعلة، رحلته إلى سورية، وفي فيديو تحت عنوان "كيف تغير الحرب المدن"، يتحدث فارلاموف عن مدن فارغة من دون سكان أو سياح، يتحدث عن نجاح محاولة دخول حمص المدمرة، بعدما كانت تعجّ بالحركة والحيوية. ويظهر في الفيديو مدون ومصور آخر اسمه، بيوتر لوفيغين، وهو يرتدي ملابس يبدو أنها مخصصة للجيش الروسي، ويرافقه في رحلته من بيروت إلى دمشق وحمص. وفي الفيديو المنتج بطريقة حرفية، يسخر المدونان من صور الأسد المنتشرة في كل مكان، كما يتجادلان مع مترجم سوري كان يرافقهما، ورفض الذهاب معهما إلى حلب وتدمر، ويقول "اذهبوا إلى حلب أو تدمر وحدكم”. ورداً على جواب من المصور الروسي: هل تريد أن تفوت هذه الفرصة؟، يقول المترجم السوري: “نعم، عندي أولاد، لا أريد أن أقضي باقي عمري في السجن”. ويروي فارلاموف في فيديو آخر، حصل على أكثر من 667 ألف مشاهدة، كيف استطاع عبور الحدود مع لبنان، والحواجز بدفع رشاوي لا تتجاوز 3 دولارات كحد أقصى، وما بين دولار ودولارين للحواجز المنتشرة حتى الفندق في قلب العاصمة دمشق، لتبلغ تكاليف "العبور السريع من دون تفتيش" 15 دولار، علما أن السائق اكتفى والاكتفاء بالاشارة إلى أنه ينقل سائحا روسيا. حتى يعبر الحاجز بسهولة.
ووفقاً لبيانات هيئة أمن الحدود في جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، زار 334 مواطناً روسياً سورية في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2019، وهذا العدد يزيد بثلاثة أضعاف عن العدد في العام السابق، ولا تتضمّن البيانات الروس الذين قصدوا سورية عبر لبنان أو دول أخرى. ولا تعدّ سورية تاريخياً وجهة مفضلة للسياح الروس. فمقابل أكثر من أربعة ملايين سائح روسي قصدوا تركيا في 2010، زار سورية نحو 50 ألف روسي.
اللافت أن وسائل الإعلام الروسية تعاملت مع الخبر بسخرية واضحة في العناوين، ففي "كوميرسانت" نقلت الخبر تحت عنوان "السياح يحجزون الجبهة". وتطرقت "نوفايا إزفيستيا" للخبر تحت عنوان "في أماكن المجد العسكري السياح الروس يرتاحون في سورية"، وتعد السياحة الدينية أكثر ما يجذب السياح الروس إلى سورية، وخاصة السياحة المسيحية.
اقــرأ أيضاً
ورغم تحذير وزارة الخارجية الروسية المواطنين الروس من زيارة سورية "لأي غرض من الأغراض"، موضحة أن البلاد تشهد "أعلى درجة تهديد إرهابي، وتمر منذ عام 2011 بأزمة سياسية وعسكرية حادة وصراع مسلح داخلي"، أعلنت شركتا "كلمنجارو" و"ميراكل" السياحيتان الروسيتان عن تنظيم رحلات للسياح، موضحة أنها تمكنت في عام 2019 من تنظيم رحلة واحدة ضمّت 50 سائحاً.
وسائل إعلام روسية سارعت إلى الترويج لخبر "انتعاش النشاط السياحي في سورية"، كدليل على نجاح العملية العسكرية الروسية في إعادة الأمن والاستقرار إلى الأراضي السورية، قبل أن تخرج وكالة السياحة الفيدرالية ببيان طالبت فيه منظمي الرحلات السياحية بوقف بيع الرحلات إلى سورية "لضمان سلامة السياح الروس"، داعية مواطنيها الموجودين في سورية إلى توخي "الحذر الشديد" في تصرفاتهم وتحركاتهم في جميع أنحاء البلد غير المستقرّ.
وبالاطلاع على برنامج رحلات شركتي "كلمنجارو" و"ميراكل" السياحيتين المنظمتين للرحلات إلى سورية، فإن السياح الروس يسافرون من موسكو إلى بيروت بالطائرة، ومن هناك ينتقلون إلى سورية براً بالسيارات أو الحافلات. وتبلغ مدة الإقامة في سورية 7 أيام، تشمل زيارة دمشق وحلب وحماة وقلعة الحصن في حمص، وتدمر ومعلولا، بالإضافة إلى مدينة صيدنايا بريف دمشق، وأوضحت الشركتان أن إدلب غير مدرجة في جدول الزيارة، نظراً لوقوعها تحت سيطرة الجماعات المسلحة.
ورغم وجود رحلتين جويتين مباشرتين أسبوعياً إلى اللاذقية ودمشق، الأولى تسيرها "السورية للطيران" وهي الشركة الوطنية، والثانية لشركة "أجنحة الشام" الخاصة، فضّلت الشركتان الروسيتان نقل السياح عبر مطار بيروت، ومعلوم أن شركة "أيرفلوت" الروسية أوقفت رحلاتها المباشرة أو العبور فوق مجال سورية الجوي منذ أغسطس/ آب 2012.
وفي حين لا تتجاوز تكلفة الرحلة السياحية الشاملة لتذاكر الطيران والإقامة في فنادق فاخرة لمدة 8 أيام إلى فرنسا الـ500 دولار، وإلى إسبانيا 600 دولار، أما إلى تركيا فلا تزيد عن 400 دولار، تبلغ تكلفة الجولة إلى سورية 1950 دولاراً أميركياً، لا تشمل ثمن تذكرة الطيران من موسكو إلى بيروت (360 دولاراً أميركيّاً).
وواضح أن الرحلات لا تجذب فقط هواة "سياحة المغامرات والمخاطر"، بل تتعداهم إلى ناشطين سياسيين ومدونين ورجال أعمال، وفي مقاطع فيديو نشرها إيليا فارلاموف الذي يدير قناة على "يوتيوب" يتابعها قرابة 1.2 مليون مشترك، يوثق "المغامر الروسي" الذي سبق أن زار أفغانستان وفلسطين وغيرهما من المناطق المشتعلة، رحلته إلى سورية، وفي فيديو تحت عنوان "كيف تغير الحرب المدن"، يتحدث فارلاموف عن مدن فارغة من دون سكان أو سياح، يتحدث عن نجاح محاولة دخول حمص المدمرة، بعدما كانت تعجّ بالحركة والحيوية. ويظهر في الفيديو مدون ومصور آخر اسمه، بيوتر لوفيغين، وهو يرتدي ملابس يبدو أنها مخصصة للجيش الروسي، ويرافقه في رحلته من بيروت إلى دمشق وحمص. وفي الفيديو المنتج بطريقة حرفية، يسخر المدونان من صور الأسد المنتشرة في كل مكان، كما يتجادلان مع مترجم سوري كان يرافقهما، ورفض الذهاب معهما إلى حلب وتدمر، ويقول "اذهبوا إلى حلب أو تدمر وحدكم”. ورداً على جواب من المصور الروسي: هل تريد أن تفوت هذه الفرصة؟، يقول المترجم السوري: “نعم، عندي أولاد، لا أريد أن أقضي باقي عمري في السجن”. ويروي فارلاموف في فيديو آخر، حصل على أكثر من 667 ألف مشاهدة، كيف استطاع عبور الحدود مع لبنان، والحواجز بدفع رشاوي لا تتجاوز 3 دولارات كحد أقصى، وما بين دولار ودولارين للحواجز المنتشرة حتى الفندق في قلب العاصمة دمشق، لتبلغ تكاليف "العبور السريع من دون تفتيش" 15 دولار، علما أن السائق اكتفى والاكتفاء بالاشارة إلى أنه ينقل سائحا روسيا. حتى يعبر الحاجز بسهولة.
ووفقاً لبيانات هيئة أمن الحدود في جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، زار 334 مواطناً روسياً سورية في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2019، وهذا العدد يزيد بثلاثة أضعاف عن العدد في العام السابق، ولا تتضمّن البيانات الروس الذين قصدوا سورية عبر لبنان أو دول أخرى. ولا تعدّ سورية تاريخياً وجهة مفضلة للسياح الروس. فمقابل أكثر من أربعة ملايين سائح روسي قصدوا تركيا في 2010، زار سورية نحو 50 ألف روسي.
اللافت أن وسائل الإعلام الروسية تعاملت مع الخبر بسخرية واضحة في العناوين، ففي "كوميرسانت" نقلت الخبر تحت عنوان "السياح يحجزون الجبهة". وتطرقت "نوفايا إزفيستيا" للخبر تحت عنوان "في أماكن المجد العسكري السياح الروس يرتاحون في سورية"، وتعد السياحة الدينية أكثر ما يجذب السياح الروس إلى سورية، وخاصة السياحة المسيحية.
وفي مقابل عشرات السياح الروس في معلولا وصيدنايا وشوارع دمشق، يبدو أن السياحة الدينية من حليف النظام الآخر إيران لم تنقطع. ويسجل وصول عشرات الآلاف من هواة "السياحة الدينية" في شوارع دمشق القديمة، والسيدة زينب وغيرها. سياحة يبدو أنها لن تجلب مليارات كانت تدخل إلى سورية قبل 2011، ولن تسهم في دعم إعادة الأعمال، وربما تعطل عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم. ويسجلون مقاطع فيديو توثق طقوساً غريبة عن السوريين قرب الجامع الأموي وفي سوق الحميدية، وفي المقابل، ذهب المدونون الروس إلى توجيه انتقادات حادة وساخرة مع ثقتهم بأنهم لن يعودوا إلى "سورية الأسد" بعد انتشار موادهم الفلمية عن بلاد مزقتها الحروب.