باب الحارة..الاعتداء على الشأن السياسي

07 يونيو 2016
بدت سارة ملمة بالإسلام أكثر من سمعو (فيسبوك)
+ الخط -
كانت المشاهد الأولى، من الحلقة الأولى، كافية لنعرف الدرس التاريخي والوعظ الوطني الذي ينتظرنا من مسلسل "باب الحارة" بجزئه الثامن.

فكأن هذا المسلسل الذي حقق أرقاماً قياسيةً من حيث المشاهدة، وعدد سنوات العرض، أصبح وسيلة النظام السوري للوصول إلى العالم العربي، والتأثير فيه، إذ يشاهده الملايين خلال شهر رمضان.

ومن خلاله يبث النظام كل رسائله السياسية، وشعاراته التي يسعى جاهداً لإقناع العالم بها، من محاربة التطرف والإرهاب، إلى حماية الأقليات، الى رفض التدخل الخارجي وحرصه على "سيادة البلد".

فقصة حب العقيد معتز والفتاة اليهودية سارة، لم تكن إلا فصلاً من فصول رواية النظام، عن حمايته للأقليات، وعن وحدة جميع أبناء الشام في وجه العدو والغرباء الفرنسيين. كان هذا في الجزء السابع، أما في الجزء الثامن فأصبحت الرسائل مباشرة أكثر، من دون أي محاولة للتستر.

درس في المواطنة والدين من دون أي مجهود فني. فـ "سمعو" الإسلامي المتطرف الذي لا يعامل زوجته بطريقة جيدة، ويتخذ من الدين ذريعة للمعاملة السيئة، يرفض استقبال سارة اليهودية في منزله. يتصاعد المشهد الدرامي لتبدأ سارة بإلقاء درس ديني عن التسامح في الإسلام، فبدت ملمة بالإسلام أكثر من سمعو، الذي يعمل في خدمة الجامع.

لم يخل المسلسل في أجزائه السابقة، من الإشارات السياسية الواضحة، إلى محاولات "الآخرين" زرع بذور الفتنة بين أبناء الشام، الذين يعيشون في أمان وسلام واستقرار، حتّى يدخل "الغريب" بينهم، ليُكمل الجزء الثامن الحبكة  المستهلكة نفسها.

ورغم محاولات الجزء الثامن إدخال عناصر جديدة، القصد منها إظهار البيئة الشامية كبيئة منفتحة، فإن صورة المرأة الخاضعة والخانعة التي لا تملك حق أن تقبل أو تختار أو ترفض، ما يمس مصيرها، بقيت كما كرّسها المسلسل طوال أجزائه السابقة، ولم يفلح القائمون على العمل في تغيير هذه الصورة، لتتلاءم مع الصورة الجديدة، التي يريدها كاتب المسلسل.

بدأ "باب الحارة"كمسلسل اجتماعي مشوق، ما لبث أن وقع في فخ الاعتداء على الشأن السياسي، عبر استخدامه هو والقائمين عليه من الكاتب إلى المخرج إلى الممثلين، كدمى فاقدة لأي إرادة، ليصير وأمام كل الأهوال التي مرت وتمر بها سورية في السنوات الخمس الأخيرة، أقرب إلى مسلسل كوميدي يدعو إلى الرثاء من فرط سذاجته.




دلالات
المساهمون