نادي الرجال السري: عودة قوية لكريم عبد العزيز

11 فبراير 2019
كريم عبد العزيز: عودة كوميدية (فيسبوك)
+ الخط -
رغم نجاح "الفيل الأزرق" (2014) لمروان حامد، غاب الممثل كريم عبد العزيز عن السينما 5 أعوام كاملة. لذلك، كان الترقّب كبيرًا لجديده "نادي الرجال السري" (2019) لخالد الحلفاوي، العائد به إلى الكوميديا، وإلى شراكته الناجحة مع ماجد الكدواني للمرّة الأولى منذ 16 عامًا، علمًا أنّ الحلفاوي صانع كوميديا مختلف عن السائد في السينما المصرية. هذا الترقّب اهتزّ قليلاً لأن أيمن وتار ككاتب سيناريو اسم غير مشجِّع، ولأن الإعلان الدعائي ضعيف وثقيل. لكن عرضه السينمائي أثار مفاجأة سعيدة، إذْ ظهر الفيلم كوميديًا بشكل أفضل من التوقّعات كلّها، إلى درجة أنه يمثّل خطوة كبيرة لصنّاعه جميعهم. 

أول المستفيدين من التقدّم الذي يمنحه الفيلم لهم هو وتار نفسه. فيلماه السابقان "الكويسين" لأحمد الجندي و"الأبلة طم طم" لعلي إدريس (كلاهما إنتاج عام 2018)، ومسلسلاته أيضًا، متأثرة كلّها إلى درجة مزعجة بكتابة "اسكتشات" البرامج التلفزيونية، وتحديدًا "البرنامج" مع باسم يوسف (2011 ـ 2013). أعماله تفتقد الدراما والمنطق تمامًا، وتتحوّل إلى فقرات منفصلة لن يؤثّر حذف إحداها على مسار الأحداث إطلاقًا. في "نادي الرجال السري"، تعامل مع السيناريو للمرة الأولى كقصّة واحدة مترابطة لا كفواصل مضحكة، بدءًا من الإتيان بفكرة جديدة غير مقتبسة عن أفلام أجنبية، والاستفادة من الفرص والاحتمالات المضحكة كلّها لفقرة مأخوذة من فيلم أجنبي تتمثّل بمساعدة نادٍ سرّي لرجالٍ على خيانة زوجاتهم من دون كشفهم، مع عدم فقدان السيناريو للإيقاع والشخصيات المرسومة جيدًا، وكذلك للتطوّر المتماسك للأحداث، الذي يملك منطقًا بالنسبة إلى مناخ الفيلم.

صحيح أن هناك مَشاهد فائضة، وأن "نادي الرجال السري" يترنّح كثيرًا في فصله الثالث مع محاولته تقديم "رسالة جادّة" لا تتناسب وأسلوبه وطبيعته، إلاّ أن مشاكل كهذه بسيطة، لا تؤثّر في جودة السيناريو وقيمته.

بدوره، يتقدّم المخرج الموهوب خالد الحلفاوي كثيرًا. فمنذ بداية عمله عام 2015 في "زنقة الستات"، وفي أفلامه اللاحقة، تميّز الحلفاوي بقدرته على فهم دور المخرج في الفيلم الكوميدي: لا فواصل أو نكات أو عمل يعتمد على كاريزما بطله، بل عمل فني يهدف إلى الإضحاك، وله أصوله وأساليبه وإيقاعه. لكن مشكلة أفلامه السابقة كامنةٌ في عدم حصولها على نجاح جماهيري كبير، ولم يتمكّن هو من العمل مع أحد نجوم الصفّ الأول، كعادة الترقّي في السينما المصرية، إلى أنّ حقّق في "نادي الرجال السري" المعادلة الصعبة التي لا يشبهه فيها مخرج كوميدي آخر في العقد الأخير، باستثناء أحمد الجندي: احتفظ برؤيته وقيمته كمخرج ذي رؤية وأثر، وفي الوقت نفسه عمل مع نجمٍ مثل كريم عبد العزيز، من دون أن يفقد سيطرته على العمل، أو أن يضطر إلى التنازل كي يكون الفيلم في خدمة البطل.

أخيرًا، يحقّق الفيلم نجاحًا كبيرًا في شباك التذاكر المصري منذ بداية عرضه، ما يضمن استمرار الحلفاوي فترة طويلة في العمل، وأيضًا بدء مرحلة جديدة من سيرته كمخرج أفلام ذات ميزانيات أكبر ومردود تجاري أوسع.

ثالث المستفيدين من الفيلم كريم عبد العزيز نفسه، الذي خاطر كثيرًا في أن تكون عودته كوميدية بحتة، وليس عبر فيلم حركة، كما هو سائد في السينما المصرية حاليًا، فظهر بكامل لياقته الفنية وقدرته على الإضحاك، مستعيدًا بريقه الفني رفقة ماجد الكدواني، بعد فيلمين سابقين لهما معًا للمخرجة ساندرا نشأت، هما "حرامية في كي جي تو" (2001) و"حرامية في تايلاند" (2003). وكذلك مع غادة عادل، المتعاون معها مرة واحدة في "الباشا تلميذ" (2004) لوائل إحسان، مع إيجاد مساحة كافية لكل واحد منهما لتقديم شخصيته من دون منافسة، وهذا مع الممثلين الآخرين أيضًا، الذين لم يكونوا "ضيوف شرف" أو أدوات تجارية، كما يحدث في السينما المصرية حاليًا، فلكل واحد منهم دور مناسب لا ينسى، وأبرزهم الثنائي أحمد أمين وأكرم حسني.

نتيجة هذا كلّه منعكسة في إنجاز فيلم جيد فنيًا وناجح جدًا تجاريًا، يمثّل خطوة فعلية لكل العاملين والمشاركين فيه، وأبرزهم كريم عبد العزيز.




المساهمون