"كوخ"... إعادة تدوير الأغصان

15 سبتمبر 2018
يقوم المشروع على إعادة تدوير الأخشاب(عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -
"لقمتك من فأسك وكلمتك من رأسك". مثلٌ احتذى به الشاب الفلسطيني مهند أحمد وعلِق في رأسه منذ أن كان صغيراً، إلى أن طبقه واقعاً بعد تخرجه في الجامعة، حيث لم يجد فرصة عملٍ مناسبة، حتى افتتح مشروعاً ريادياً ذاتياً، يساعده على توفير مصدر دخل خاص، هروباً من البطالة المتفشية في قطاع غزة.
أحمد (25 عاماً)، تخرج في تخصص الإدارة الصحية، وعجز عن الالتحاق بسوق العمل الشحيح في غزة، ثم في لحظة ما، أعاد لذاكرته الهواية التي كان قد بدأها في صغره وسبق أن عززها في السنة الماضية وهي تدوير الأخشاب لصناعة أشكال فنية منها، وتحاكي المشغولات اليدوية وقطع الأثاث والديكور وغيرها.
"كوخ" هو اسم المشروع الذي بدأه أحمد قبل نحو عام، والقائم على إعادة تدوير أغصان الأشجار واستغلالها واستثمارها في إنتاج مشغولات يدوية، حيث يجمع الشاب الغزّي الأخشاب بطرق مختلفة وحتى أنه يضطر لشراء بعضها، من أجل إنجاز أعماله داخل ورشة صغيرة يديرها في منزله شمال القطاع.
ويوضح أحمد، لـ"العربي الجديد"، أنه في فرصة ما، عرض عملاً له من تلك الخشبيات، وهو عبارة عن مرايا محاطة بديكورٍ من الخشب، وهي التي نالت إعجاب الزبائن، حتى بات عليها طلب، لتصبح الطريق إلى افتتاح مشروعه وصناعة تلك المنتجات والمشغولات اليدوية بحسب طلب الزبائن بمقابل مادي بسيط في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
وتجد أعمال أحمد سوقاً لها بين الغزّيين ممن يرغبون في الحصول على أعمال خشبية أو هدايا ومنتجات تذكارية، لكن الأوضاع المتردية التي يعيشها الفلسطينيون أخيراً، عصفت شيئاً من ذلك السوق، وهو الأمر الذي يصرح به الشاب، بأن حركة البيع على منتجاته تضاءلت عما كانت عليه في البدايات.
يرجع ذلك إلى سوء الأوضاع المعيشية والاقتصادية التي تردت مع تشديد الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، وتزامن ذلك مع فرض السلطة الفلسطينية إجراءات عقابية منذ شهر إبريل/نيسان 2017، زادت من حجم السوء الذي لحق باقتصاد غزة عموماً، وزاد من حجم العوز وفصول المعاناة التي يتعايش معها الغزّيون.
غير أن أحمد يستخدم أنواعاً عدة من الخشب وفقاً لما يتوفر بين يديه، وخاصة خشب الزيتون، لإنجاز الأعمال بحسب الطلب، ويبيعها بأثمان تتناسب مع الأوضاع الاقتصادية الجارية، ففي نظره يعد مشروعه الذي تعترضه عقبات عدة، طريقاً للهروب من ذلك الوضع ولربما البطالة التي تتفشى بأرقام قياسية في صفوف الغزّيين.
يتعامل أحمد مع إمكاناته البسيطة لترويج مشروعه، فقد أنشأ صفحتين خاصتين بـ"كوخ" عبر موقعي فيسبوك وإنستغرام، ينشر فيهما أعماله ويُسوق لها، وهي التي تحظى بإعجاب الزبائن الذين يطلبون مثلها، لكن الشاب يؤكد أن "العديد من هؤلاء يتراجعون عن طلباتهم بسبب الأوضاع الاقتصادية على رغم أن بعض المنتجات لا يتعدى سعرها خمسة شواكل".
ورغم تلك العقبات، يحاول مهند الاستمرار في مشروعه وتطوير أفكاره، حيث يتلقى طلبات ولو بسيطة على أعماله، فلديه إيمان بفكرته الريادية التي ربما توصله إلى شيء مما يطمح إليه، وهي التطلعات التي يبحث عنها قائلاً: "أتمنى أن يكون عندي مكان خاص أعرض فيه أعمالي وأسوق منتجاتي بشكل أكبر وتتحسن الأوضاع الاقتصادية وإيجاد فرصة عمل تناسب تخصصي الدراسي".
ويتجه الشباب الفلسطينيون إلى إنشاء مشاريعهم الخاصة بقدر استطاعتهم والتي قد تساعدهم على الهروب من البطالة التي ترتفع بين صفوفهم في قطاع غزة، إذ أظهر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة البطالة في غزة، من 39.8 في المائة إلى 61.2 في المائة خلال الفترة ما بين 2007 و2017، وهي السنوات التي يفرض فيها الاحتلال حصاره المشدد على القطاع.
فيما تظهر إحصائية حديثة من الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، أن أكثر من ثلث الشباب في غزة يرغبون في الهجرة إلى الخارج، حيث تدفع الأوضاع السائدة في القطاع الشبابَ لزيادة نسبة الرغبة لديهم في الهجرة، حيث بلغت 37 في المائة في غزة مقارنة بـ15 في المائة في الضفة.
دلالات
المساهمون