لعلّ السؤال الأبرز، الذي تُثيره لائحة الترشيحات الرسمية لأفلام "أوسكار" 2020 (13 يناير/كانون الثاني 2020)، يكمن في سبب منح "جوكر" لتود فيليبس 11 ترشيحاً، لأنّ كثيرين يرون أنّه غير مستحقّ هذا العدد الكبير، قياساً إلى قيمته السينمائية العادية، التي يتفرّد واكين فينيكس فيها، لبراعته الاستثنائية في تأدية دور الجوكر، العدو اللدود لـ"باتمان". ومع أنّ ارتياحاً كبيراً ينتاب مهتمّين بالسينما، بفضل نيل "الإيرلندي" لمارتن سكورسيزي 10 ترشيحات، تماماً كـ"حدث ذات مرة... في هوليوود" لكوانتن تارانتينو و"1917" لسام مانديس، إلاّ أنّ التساؤل مشروعٌ بخصوص تفوّق "جوكر" على الأفلام الثلاثة تلك بعدد الترشيحات، الذي ربما ينسحب على الجوائز أيضاً، علماً أنّه نال 4 ترشيحات رسمية لجوائز "غولدن غلوب" الـ77 (5 يناير/كانون الثاني 2020)، فاز بجائزتين اثنتين منها فقط، في فئتي أفضل ممثل في فيلم درامي، حصل عليها واكين فينيكس، وأفضل موسيقى، حصلت عليها هيلدور غوينادوتّي (هذه الفئات نفسها مُرشّحة لـ"أوسكار" أيضاً، ضمن الـ11 ترشيحاً).
المقارنة النقدية، التي تفرضها مناسبةٌ كهذه (تُمنح جوائز "أوسكار"، بنسختها الـ92، في 9 فبراير/شباط 2020)، تعكس فرقاً كبيراً في القيم السينمائية بين الأفلام الأربعة هذه، لصالح اشتغالات سكورسيزي (الترشيح التاسع له كأفضل مخرج) وتارانتينو (الترشيح الثالث في الفئة نفسها) ومانديس (ترشيحان اثنان)، علماً أنّها المرّة الأولى التي يحصل فيها تود فيليبس على ترشيحٍ كهذا. سكورسيزي يحصل على جائزة أفضل مخرج عام 2007، عن "المُرحَّل" (2006)، بالإضافة إلى جائزة أفضل فيلم. بينما يحصل تارانتينو على 3 تماثيل "أوسكار"، اثنان منها في فئة أفضل سيناريو أصلي، عن فيلمي "بالب فيكشن" (1994) و"دْجانغو غير المقيَّد" (2012)، علماً أنّ The Hateful Eight، المُنجز عام 2015، حاصلٌ على "أوسكار" أفضل موسيقى، بفضل اشتغالات إنّيو مورّيكوني. أما سام مانديس، فحاصلٌ على "أوسكار" أفضل مخرج عن "جمال أميركي" (1999) في نسخة العام 2000.
المقارنة النقدية تكشف أنّ هناك رغبة هوليوودية عارمة تستمرّ في الترويج لـ"جوكر"، غير المحتاج أصلاً إلى مزيدٍ من الترويج. فنجاحه التجاري كبيرٌ (مليار و68 مليوناً و915 ألفاً و502 دولار أميركي إيرادات دولية، منذ بدء عروضه التجارية في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2019، مقابل ميزانية تبلغ 55 مليون دولار أميركي فقط)، رغم انتقادات كثيرة توجَّه إليه، جرّاء فراغٍ يُعانيه في جوانب عديدة، باستثناء الأداء الباهر لواكين فينيكس. لكنّ ترشيحات أخرى ينالها الفيلم في فئات تقنية وفنية عديدة تبدو مقبولة، رغم نيل أفلام سكورسيزي وتارانتينو ومانديس ترشيحات فيها أيضاً، وأبرزها: أفضل موسيقى وميكساج ومونتاج وأزياء وماكياج وديكور وتصوير، بالإضافة إلى السيناريو، في جانبيه الأصلي (تارانتينو ومانديس) والمقتبس (فيليبس وسكورسيزي).
للأرقام أهمية بالنسبة إلى كثيرين، من دون أنْ تحول الأرقام دون التنبّه النقديّ إلى الجماليات السينمائية المختلفة. هؤلاء الكثيرون ينتظرون 9 فبراير/شباط المقبل لمعرفة "النتائج النهائية" لـ"أوسكار 92"، قبل تفرّغهم لمتابعة يومياتهم، بانتظار موعد العام المقبل. ولعلّ غالبية هؤلاء يتناسون أنّ للسينما جوائز أخرى، لن تكون أقلّ أهميّة من "أوسكار"، وإنْ تكن جوائز "أوسكار" أكثر شعبيّة عالمية، تليها مباشرة جوائز "سيزار" (المُعادل الفرنسي لـ"أوسكار")، التي تُعلَن نتائجها الرسمية في الحفلة الـ45، في 28 فبراير/شباط 2020.
بين الأفلام الأربعة تلك، يتفرّد "الإيرلنديّ" بأن إنتاجه عائدٌ إلى المنصّة الأميركية "نتفليكس"، التي يزداد حضورها، عاماً تلو آخر، في المشهد السينمائي الدولي، والتي تبدو أكثر انفتاحاً على عرض إنتاجاتها في الصالات السينمائية التجارية، إمّا كسباً لمزيد من المُشاهدين، وإمّا رغبةً في التنافس على الجوائز، وأبرزها "غولدن غلوب" و"أوسكار". وفي مقابل ميزانية تبلغ 159 مليون دولار أميركي (بحسب IMDb)، المعروض على شاشة المنصّة منذ 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، تُحقِّق عروضه التجارية تلك 961 ألفاً و224 دولارا أميركيا فقط، بينما تُشير "فارايتي" إلى أنّ 17 مليوناً و100 ألف مُشاهد أميركي تابعوا الفيلم على "نتفليكس"، في بلدٍ (الولايات المتحدّة الأميركية) يضمّ 60 مليون مشترك في المنصّة. وتُشير المجلة الأميركية نفسها إلى أنّ 18 بالمائة فقط منهم شاهدوه كاملاً (210 دقائق) في اليوم الأول لعرضه، متفوّقاً بذلك على "إل كامينو" (2019) لفينس غيلّيغان بـ11 بالمائة، في اليوم الأول لعرضه، في 11 أكتوبر/تشرين الأول 2019.
التنافس، الذي تُغذّيه شركات إنتاجية وشبكات ضغط وترويج، مستمرّ في ممارسة "ألاعيبه" المعهودة في هذا المجال، وهذا مشروعٌ، فالاستديوهات محتاجة إلى مراكمة الجوائز، لتحسين مواقعها الإنتاجية، ولرفع عدد المُشاهدين أيضاً، إذْ يُعرف أنّ للجوائز الممنوحة للأفلام المُرشّحة، أثناء عروضها التجارية، دوراً إيجابياً في ذلك. وإذْ يتفوّق "جوكر" بإيراداته الدولية، فإنّ فيلمي "1917" و"حدث ذات مرّة... في هوليوود"، اللذين تبلغ ميزانية كلّ واحد منهما 90 مليون دولار أميركي، لا تزال إيراداتهما الدولية، لغاية الآن، أقلّ من نصف مليون دولار أميركي: فللأول 66 مليوناً و672 ألفاً و784 دولارا أميركيا إيرادات دولية، منذ بدء عرضه في 25 ديسمبر/كانون الأول 2019؛ وللثاني 372 مليوناً و432 ألفاً و296 دولارا أميركيا إيرادات دولية، منذ 25 يوليو/تموز 2019.
اقــرأ أيضاً
والتنافس يشتدّ بين فيلمي سام مانديس وكوانتن تارانتينو في فئة أفضل فيلم، بعد فوز الأول بـ"غولدن غلوب" أفضل فيلم درامي، والثاني بـ"غولدن غلوب" أفضل فيلم موسيقي أو كوميدي، في حين أنّ لـ"أوسكار" جائزة واحدة في هذه الفئة، هي "أفضل فيلم".
مع "غولدن غلوب"، يبدأ موسم الجوائز التي تمنحها مؤسّسات سينمائية في دول مختلفة. ومع "أوسكار"، يشتدّ التنافس والتوقّعات، بانتظار النتائج.
المقارنة النقدية، التي تفرضها مناسبةٌ كهذه (تُمنح جوائز "أوسكار"، بنسختها الـ92، في 9 فبراير/شباط 2020)، تعكس فرقاً كبيراً في القيم السينمائية بين الأفلام الأربعة هذه، لصالح اشتغالات سكورسيزي (الترشيح التاسع له كأفضل مخرج) وتارانتينو (الترشيح الثالث في الفئة نفسها) ومانديس (ترشيحان اثنان)، علماً أنّها المرّة الأولى التي يحصل فيها تود فيليبس على ترشيحٍ كهذا. سكورسيزي يحصل على جائزة أفضل مخرج عام 2007، عن "المُرحَّل" (2006)، بالإضافة إلى جائزة أفضل فيلم. بينما يحصل تارانتينو على 3 تماثيل "أوسكار"، اثنان منها في فئة أفضل سيناريو أصلي، عن فيلمي "بالب فيكشن" (1994) و"دْجانغو غير المقيَّد" (2012)، علماً أنّ The Hateful Eight، المُنجز عام 2015، حاصلٌ على "أوسكار" أفضل موسيقى، بفضل اشتغالات إنّيو مورّيكوني. أما سام مانديس، فحاصلٌ على "أوسكار" أفضل مخرج عن "جمال أميركي" (1999) في نسخة العام 2000.
المقارنة النقدية تكشف أنّ هناك رغبة هوليوودية عارمة تستمرّ في الترويج لـ"جوكر"، غير المحتاج أصلاً إلى مزيدٍ من الترويج. فنجاحه التجاري كبيرٌ (مليار و68 مليوناً و915 ألفاً و502 دولار أميركي إيرادات دولية، منذ بدء عروضه التجارية في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2019، مقابل ميزانية تبلغ 55 مليون دولار أميركي فقط)، رغم انتقادات كثيرة توجَّه إليه، جرّاء فراغٍ يُعانيه في جوانب عديدة، باستثناء الأداء الباهر لواكين فينيكس. لكنّ ترشيحات أخرى ينالها الفيلم في فئات تقنية وفنية عديدة تبدو مقبولة، رغم نيل أفلام سكورسيزي وتارانتينو ومانديس ترشيحات فيها أيضاً، وأبرزها: أفضل موسيقى وميكساج ومونتاج وأزياء وماكياج وديكور وتصوير، بالإضافة إلى السيناريو، في جانبيه الأصلي (تارانتينو ومانديس) والمقتبس (فيليبس وسكورسيزي).
للأرقام أهمية بالنسبة إلى كثيرين، من دون أنْ تحول الأرقام دون التنبّه النقديّ إلى الجماليات السينمائية المختلفة. هؤلاء الكثيرون ينتظرون 9 فبراير/شباط المقبل لمعرفة "النتائج النهائية" لـ"أوسكار 92"، قبل تفرّغهم لمتابعة يومياتهم، بانتظار موعد العام المقبل. ولعلّ غالبية هؤلاء يتناسون أنّ للسينما جوائز أخرى، لن تكون أقلّ أهميّة من "أوسكار"، وإنْ تكن جوائز "أوسكار" أكثر شعبيّة عالمية، تليها مباشرة جوائز "سيزار" (المُعادل الفرنسي لـ"أوسكار")، التي تُعلَن نتائجها الرسمية في الحفلة الـ45، في 28 فبراير/شباط 2020.
بين الأفلام الأربعة تلك، يتفرّد "الإيرلنديّ" بأن إنتاجه عائدٌ إلى المنصّة الأميركية "نتفليكس"، التي يزداد حضورها، عاماً تلو آخر، في المشهد السينمائي الدولي، والتي تبدو أكثر انفتاحاً على عرض إنتاجاتها في الصالات السينمائية التجارية، إمّا كسباً لمزيد من المُشاهدين، وإمّا رغبةً في التنافس على الجوائز، وأبرزها "غولدن غلوب" و"أوسكار". وفي مقابل ميزانية تبلغ 159 مليون دولار أميركي (بحسب IMDb)، المعروض على شاشة المنصّة منذ 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، تُحقِّق عروضه التجارية تلك 961 ألفاً و224 دولارا أميركيا فقط، بينما تُشير "فارايتي" إلى أنّ 17 مليوناً و100 ألف مُشاهد أميركي تابعوا الفيلم على "نتفليكس"، في بلدٍ (الولايات المتحدّة الأميركية) يضمّ 60 مليون مشترك في المنصّة. وتُشير المجلة الأميركية نفسها إلى أنّ 18 بالمائة فقط منهم شاهدوه كاملاً (210 دقائق) في اليوم الأول لعرضه، متفوّقاً بذلك على "إل كامينو" (2019) لفينس غيلّيغان بـ11 بالمائة، في اليوم الأول لعرضه، في 11 أكتوبر/تشرين الأول 2019.
التنافس، الذي تُغذّيه شركات إنتاجية وشبكات ضغط وترويج، مستمرّ في ممارسة "ألاعيبه" المعهودة في هذا المجال، وهذا مشروعٌ، فالاستديوهات محتاجة إلى مراكمة الجوائز، لتحسين مواقعها الإنتاجية، ولرفع عدد المُشاهدين أيضاً، إذْ يُعرف أنّ للجوائز الممنوحة للأفلام المُرشّحة، أثناء عروضها التجارية، دوراً إيجابياً في ذلك. وإذْ يتفوّق "جوكر" بإيراداته الدولية، فإنّ فيلمي "1917" و"حدث ذات مرّة... في هوليوود"، اللذين تبلغ ميزانية كلّ واحد منهما 90 مليون دولار أميركي، لا تزال إيراداتهما الدولية، لغاية الآن، أقلّ من نصف مليون دولار أميركي: فللأول 66 مليوناً و672 ألفاً و784 دولارا أميركيا إيرادات دولية، منذ بدء عرضه في 25 ديسمبر/كانون الأول 2019؛ وللثاني 372 مليوناً و432 ألفاً و296 دولارا أميركيا إيرادات دولية، منذ 25 يوليو/تموز 2019.
والتنافس يشتدّ بين فيلمي سام مانديس وكوانتن تارانتينو في فئة أفضل فيلم، بعد فوز الأول بـ"غولدن غلوب" أفضل فيلم درامي، والثاني بـ"غولدن غلوب" أفضل فيلم موسيقي أو كوميدي، في حين أنّ لـ"أوسكار" جائزة واحدة في هذه الفئة، هي "أفضل فيلم".
مع "غولدن غلوب"، يبدأ موسم الجوائز التي تمنحها مؤسّسات سينمائية في دول مختلفة. ومع "أوسكار"، يشتدّ التنافس والتوقّعات، بانتظار النتائج.