ريما سعد الدين... دُمى بالصنارة والصوف

20 ديسمبر 2018
تستلهم في تصاميمها فناً يابانياً (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -
تحاول الفنانة الفلسطينية ريما سعد الدين كسر القوالب النمطية لصناعة الدمى القماشية والبلاستيكية والدمى التجارية المُصنعة آلياً، بتصميم وصناعة الدمى الصوفية المُصنعة يدوياً مع إضفاء لمسات فنية تميزها عن غيرها.

وتصبغ الفنانة سعد الدين، من حيّ تل الهوا، جنوبي مدينة غزة، تلك الدمى بملامح تزيد من قيمتها الجمالية، إذ تطرز بالصنارة والخيطان الصوف كل زوايا الدمية، مهما كان حجمها، مع تغيير لون الصوف لإظهار التفاصيل والملامح.

ويتوزع عمل سعد الدين، وهي أم لخمسة أطفال وخريجة بكالوريوس تكنولوجيا معلومات من الجامعة الإسلامية وعملت مُدرِسة حاسوب وتكنولوجيا معلومات في إحدى المدارس الخاصة لمدة سبع سنوات، بين تصاميم من وحي خيالها، وأخرى حسب طلب الزبائن.

الفنانة ريما سعد الدين، والتي بدت مشدوهة بمختلف أنواع الفنون اليدوية والتشكيلية، قالت في حديث مع "العربي الجديد"، التي حلت ضيفة على معملها الصغير داخل منزلها، إنها توقفت عن العمل قبل ست سنوات للتفرغ لتربية أطفالها.

وأتاح وقت الفراغ بعد توقفها عن الدوام والعمل مساحة كبيرة لها لإعادة التفكير باستغلال هوايتها التي لم يسعفها وقتها خلال الدراسة أو الدوام بممارستها وتنميتها، ما دفعها إلى متابعة العديد من المواقع والفيديوهات التي يتم عرضها على موقع "يوتيوب"، لتعلم الفنون اليدوية والتشكيلية.

وتقول ريما: "خلال متابعة تلك المواقع ومقاطع الفيديو، لفت نظري التطريز، وتفاصيله الجميلة، وألوانه الزاهية، فقمت بالتركيز عليه من أجل تعلم تفاصيله، وطريقة حياكته، إلى أن أتقنته"، مبينة أنها قامت بتوفير المستلزمات الخاصة بالتطريز في ذلك الوقت، وصناعة عدد من القطع المطرزة، كانت أولها محفظة نسائية، وعدد من القطع الصغيرة والإكسسوارات.

وتوضح أن عملها حظي بثناء كبير من أهلها وجيرانها وأصدقائها، إذ قامت بإهدائهم قطعا متنوعة، إلى أن بدأ البعض بطلب قطع معينة بمقابل مادي، مضيفة: "بدأت قصتي مع التطريز هواية، إلى أن تحولت لعمل يدوي الصنع".

وتتابع قصتها مع التطريز بمختلف أنواعه، قائلة: "كنت مستمتعة لإتقاني التطريز، خاصة مع تشجيع من حولي، لكنني قمت بالبحث عن مميزات إضافية لهذا الفن، إلى أن وجدت فنا يابانيا يدعى Amigurumi، وهو فن ياباني لصناعة الدمى وتطريزها باستخدام الصوف والصنارة فقط".



وتوضح الفنانة سعد الدين أنها انجذبت لفن صناعة الدمى كونه فناً غريباً وغير تقليدي، ويمكنها من خلاله التميز عن غيرها من أصحاب المهن التراثية اليدوية، على الرغم من عدم إتقانها له في بادئ الأمر، إلى أن عاودت متابعة مقاطع الفيديو الخاصة بذلك الفن حتى أتقنته.
وتضيف ممازحة: "أول عروسة صوفية قمت بصناعتها كانت مضحكة، لم تكن متقنة بالشكل الاحترافي، ومع ذلك قمت بالاحتفاظ بها لنفسي، وتطوير العمل بشكل تدريجي إلى أن وصل للشكل المطلوب، والذي نال ثناء الجميع".

وتقوم سعد الدين بنشر أعمالها عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وتقول إنها أرادت تمييز تلك الأعمال الصوفية وصبغها باللون الفلسطيني، وخاصة أنها باتت تتقن التطريز، فقامت بدمج فن Amigurumi مع فن التطريز الفلسطيني، عبر تطعيم العرائس والدمى ببعض الملابس الفلسطينية المطرزة، موضحة أن ذلك ميز عملها عن الآخرين، وزاد من نسبة الإعجاب به.

وتضيف: "ألبست عرائس الصوف فستانا مطرزا بالألوان الفلسطينية التراثية التقليدية، كذلك ألبست دمية العريس كوفية فلسطينية مطرزة"، موضحة أنها أنتجت عددا من القطع المختلفة، كالحيوانات، الطيور، الأطفال، النساء، الرجال، الشخصيات السياسية، إلى جانب مجموعة من الأشكال الفنية المتعددة.

وتتلقى طلبات الزبائن عن طريق صفحتها الخاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنها توضح أن عملها للدمى لا ينحصر فقط في الطلبات والشخصيات التي يتم تحديدها من الزبائن، بل تصمم إلى جانب ذلك عددا من الأفكار الخاصة بها، والتي تقوم برسمها على ورقة خارجية وتبدأ بتطبيقها خطوة بخطوة باستخدام الصنارة والصوف، وحشوها بـ"الفايبر".


وأسعار تلك القطع والدمى تختلف حسب الحجم والذي يستهلك المزيد من الصوف والفايبر، إلى جانب التفاصيل والوقت المستغرق، وتحاول الفنانة الفلسطينية مراعاة الظروف الاقتصادية السيئة التي يمر بها قطاع غزة.

وتتمنى الفنانة سعد الدين التغلب على عدد من المشكلات التي تواجه عملها، وتتمثل في الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وانعدام الخامات المستخدمة والخاصة بهذا الفن، إلى جانب صعوبة التسويق خارج غزة، إذ يصلها عبر صفحتها عدد من الطلبات التي لا تستطيع تلبيتها بفعل الحصار الإسرائيلي وإغلاق المعابر.
دلالات
المساهمون