النجوم والشيخوخة

28 مارس 2015
عمرو دياب (العربي الجديد)
+ الخط -
ليس السؤال: لماذا لا يبدو الهرم على النجوم العرب؟ إنّه بالأحرى: لماذا يصغرون؟

عمرو دياب، نموذج مثالي، وهو لم يكتفِ بعمليات التجميل وتأخير عوامل الشيخوخة، بل بالغ أخيراً في نحت جسده، وفق قواعد فنّ "كمال الأجسام"، ليكون مرادفاً "لكمال الأوصاف"، الذي يسيطر على مخيّلة هواة البوب العربي. كيف لا ودياب يعتبر أبرز أيقونات جيل غنائي ارتكز على مظهره وصرعات شكله، من شعره إلى ملابسه إلى هيئات اعتبرت أحياناً صارخة وجريئة، تماماً كما هي هيئات مَن يقودون الموضة حول العالم.

كما يخشى معظم البشر الشيخوخة ومظاهرها، كذلك يفعل نجوم الفنّ العرب، وهم يبالغون في خوفهم بقدر تضخّم هوسهم بذواتهم وصورهم اللامعة وثرواتهم، فإيقاف الزمن وقهر الشيخوخة عملية مكلفة جداً، تحديداً لمن لديه نهم كبير إلى مفاجأة جمهوره، ومن تأبى عليه أناه أن يُظهر أيّ تراجع في شكله وعمره، كما في شعبيّته ونجاح أعماله، من دون الحاجة إلى التذكير بأنهم يعتبرون من أثرياء العالم العربي، بأرصدة تبلغ مئات ملايين الدولارات.

ليس دياب وحده من يهجس بالجسم المثالي، النجمات أيضاً، تحديداً من يعرفن أنّ الرياضة من أبرز مفاتيحها.

نحافة نجوى كرم ليست من تجويع أو نظام غذائي قاسٍ أو شفط دهون (كما هي نحافة إليسا مثلاً)، بل هي من هوس بالتمارين الرياضية يتخطّى ساعتين يوميتين. أي أكثر بكثير ممّا ينصح به أطبّاء الصحّة واللياقة البدنية. ولا تكتفي كرم في أن تبدو أصغر، بل أيضاً أجمل بما لا يقاس ممّا كانت تبدو عليه وهي شابة.

بينما يبدو راغب علامة أفتى من قبل، فإن عاصي الحلاني يُظهر اختلالاً في الحكم على نفسه وتقبّل عمره وأيضاً في تقدير جرعات حقن التجميل، حتّى أنّ جلد وجهه يبدو في صوره الأخيرة على حافة الانفجار!

ومعروف أنّ عمليات التجميل الخاصة بإزالة معالم التقدّم في العمر، معرّضة لفشلٍ قد تصل نسبته إلى مستويات كارثية، ولكن يبدو أنّ هناك من هم أكثر حظّاً من غيرهم، اذ ينجحون في تفادي سلبيات هذه العمليات، ويسلّمون أنفسهم لجراحين بارعين، نادري الأخطاء.

الحقّ أنّ المبالغة في طمس معالم التقدّم في العمر تبدو أحياناً هوساً نرجسياً بالشباب والجمال اللذين هما عنصران رئيسيان في مهن تعتمد على إعجاب الجماهير والطبقات الاجتماعية التي تقتصر علاقتها بعمليات التجميل على الحلم والتمنّي، وإسقاط رغباتها المستحيلة عليه.

بعيداً عن العالم العربي، في هوليوود مثلاً، لا نعدم أمثلة لمهووسين ومهووسات بعمليات التجميل، ولكننا نعثر على أمثلة نقيضة، أبرزها ميريل ستريب، التي أعلنت في أكثر من مناسبة فخرها بتجاعيدها، التي تعتبرها من ثروتها الشخصية.

كذلك لم يتردّد راسل كرو في زيادة وزنه بشكل ملحوظ لأجل دور سينمائي يستلزم هذا، بينما لا يضايقه أن يظهر عاماً بعد آخر بخطوط إضافية حول عينيه، اللتين لا تتأثران بتلك التجاعيد سلباً، بل تحافظان على بريقهما ولمعانهما المتّقد، ربما لثقة كرو بأنّ موهبته في طاقة روحه النافذة من عينيه، وليس من لونهما أو شكلهما أو مساحيق التجميل التي قد تضاف لهما.
المساهمون