دراما سورية واللعب في الحارات الافتراضية

12 مايو 2015
باسل الخطيب.. بعيداً عن المعركة (Getty)
+ الخط -

بعكس ما هو متوقّع، لم تتوقّف عجلة الدراما السورية منذ بداية الحراك الثوري إلى اليوم، سواء داخل أو خارج سورية، رغم المآسي والدمار والعوائق اللوجستية الكبيرة أمام عمليات الانتاج الدرامي والفني، من تأمين أماكن للتصوير ونقل المعدات والتنقل وأيضاً حساسية تناول الموضوعات السورية وغيرها.

وليس الأمر مصادفة أو مفاجأة، بل هو من صلب الواقع السوري المصرّ على متابعة حياته، وإن بخطوات أبطأ، بسبب الأحمال الثقيلة التي توشك أحياناً أن تطحنه، فاليوم، ومع دخول الأزمة السورية عامها الخامس، بينما ارتفعت وتيرة المسلسلات السورية التي تصوّر خارج سورية، تتابع حركة الإنتاج الدرامي داخل سورية دورانها، ولا تبدو أخطر أزماتها أمنيةً أو لوجستية، بل هي أزمة أخرى، وهي بمعنى ما أزمة جديدة - قديمة، تضخّمت نتيجة تداعيات الحراك السياسي، وما آل إليه الوضع العام في البلاد بين (الوطن والشعب)، فالانقسامات الحادّة التي خلّفتها الأزمة السورية بين صفوف الشعب السوري، انعكست بشكل مباشر على وضع العاملين في الدراما.

هذه الأزمة ليست كما يصرّح المخرج السوري، نجدة أنزور، منحصرةً في النصوص أو تراجع انتاجات القطاع الخاص، لأنّ كتّاب الدراما المبدعين في سورية كثيرون، وقد أثبتت تجاربهم السابقة قدرتهم على الخوض في أخطر المواضيع وأكثرها حساسية وخصوصية، بحنكة وسلاسة بعيدة عن الافتعال، والتحايل على الخطوط الحمراء أيضاً.

كما أنّ الأزمة ليست انتاجية، ولا تتعلّق بانسحاب القطاع الخاص، فيوم استغنت معظم شركات الانتاج الخاصة عن تنفيذ أعمالها داخل حدود سورية، لأسباب أمنية ولمواقف سياسية، واختارت الاغتراب النصّي والمكاني والموضوعي في بعض من أعمالها، والتجأت الى كتّاب ومخرجين وممثلين عرب وسوريين، يتناسبون وعقلياتها ومبادئها والسوق التي توزّع لها، قام القطاع الحكومي بتأسيس "المؤسسة العامة للإنتاج الاذاعي والتلفزيوني"، بهدف تمويل وإنتاج عدد من الاعمال الدرامية التلفزيونية والسينمائية، لمن تبقى في سورية من صّناعها، ممن يتفق وخطّها الدرامي وأهدافها، واضعاً بعين الاعتبار صعوبة تسويق أعماله، في هذه المرحلة، لمعظم المحطات الفضائية لأسباب سياسية لسنا في وارد الحديث عنها هنا.

فصام درامي
ما إن أنهت شركة "قبنض للإنتاج والتوزيع الفنّي" من تصوير مسلسلها "عناية مشدّدة" قبل أيام في دمشق، والذي كان العمل الأقرب لوصف الحال في سورية خلال الموسم الدرامي، حتى أعلن عن منع عرضه. تدور أحداث المسلسل بين عامي 2013 و2014، من خلال مجموعة من الحكايات الاجتماعية وقصص الحبّ، التي تدور أحداثها بين دمشق وطرطوس وبيروت، ويتطرّق العمل ليوميات المواطن السوري في ظلّ التحوّلات الاجتماعية والاقتصادية الحادّة التي فرضتها الثورة والأحداث الدامية التي تشهدها البلاد.

اقرأ أيضا:الدراما السورية تكابر على مصابها

العمل من تأليف علي وجيه ويامن الحجلي، واخراج أحمد ابراهيم أحمد، ومن بطولة عباس النوري وأيمن رضا وسليم صبري ويامن الحجلي ومرام علي وفادي صبيح ومهيار خضور... ولا يعرف بعد مصيره.

إذاً، هناك تزايد ملحوظ للإنتاج الدرامي في القطاعين الحكومي والخاصّ المنفّذ داخل سورية، ولكنّ هذا الانتاج ما زال، نصّياً وموضوعياً، بعيداً كلّ البعد عما يحصل في سورية اليوم، رغم أنّ السمة العامة للدراما السورية خلال العقدين الأخيرين، كانت جرأتها وتعرّضها للواقع المعاش.

مؤسسة "الانتاج الاذاعي والتلفزيوني" لديها هذا العام مجموعة من الأعمال التلفزيونية الدرامية تثبت ذلك، بداية من مسلسل "الحرائر" للمخرج باسل الخطيب، الذي يدور حول المرحلة التاريخية السورية الممتدّة بين 1915-1920، ويستحضر المخرج من خلاله حياة المناضلتين ضدّ الاستعمار الفرنسي، نازك العابد وماري العجمي، والعمل من تأليف عنود الخالد، ومن بطولة سوزان نجم الدين وندين تحسين بك. ويصور في حارات دمشق القديمة وفي استديوهات الصبورة، كما سيصوّر بعض من مشاهده في طرطوس ومشتى الحلو.

مسلسل "دامسكو" من اخراج سامي جنادي، المأخوذ عن قصة لسليمان عبد العزيز، وسيناريو عثمان حجي، ومن بطولة ايمن زيدان ومنى واصف ومحمد حداقي وغيرهم، هو عمل اجتماعي معاصر ضمن بيئة شامية، يحكي عن واحدة من أهم المهن التقليدية في دمشق، مهنة تجارة الخشب المرتبطة بالصدف والموزاييك. مسلسل "امرأة من رماد"، وهو التعاون الثاني للمخرج نجدة أنزور مع المؤسّسة العامة للانتاج الاذاعي والتلفزيوني، وتدور القصة التي كتبها جورج عربجي، حول سيّدة مصابة بمرض نفسي نتيجة حادث مؤلم، وهو من بطولة سوزان نجم الدين وصباح جزائري وسعد مينا.

مسلسل "حارة المشرقة" يستعرض من خلاله المؤلف أيمن الدقر والمخرج ناجي طعمة المشاكل الاجتماعية الاعتيادية، من دون التطرّق للأزمة السورية الراهنة، كما يسلّط الضوء على قضية الفساد، ويعالج موضوع الجاسوسية وتلاعب التجار.. كل هذا في حارة افتراضية أُطلق عليها اسم "المشرقة"، والعمل من بطولة سلاف فواخري وشكران مرتجى وأسعد فضّة وعبد المنعم عمايري.


كوميديا القطاع الخاص

في القطاع الخاص، تنتج شركة "أفاميا للإنتاج والتوزيع الفنّي" عملاً بعنوان "وعدتني يا رفيقي"، للمخرج نذير عواد، وهو عمل كوميدي من تأليف رازي وردة، ومن بطولة ليلى سمور وخالد حيدر ورباب كنعان. ويصور في إحدى حارات دمشق.

كما ستقدّم سلسلة "بقعة ضوء" مشوارها في الجزء 11، ويتابع المسلسل إضاءاته الكوميدية الساخرة على مشاهد من حياة المواطن السوري، يتمّ تصوير حلقات المسلسل في دمشق، وهو من تأليف مجموعة من الكّتاب السوريين ومن إنتاج شركة "سما الفنّ الدولية للإنتاج"، واخراج سيف الشيخ نجيب.

هذه أمثلة لمسلسلات تصوّر داخل سورية، وستعرض في رمضان القريب، وستكون تحت نظر النقّاد، الذين سيبحثون عن تأثّر مضمون وشكل هذه الأعمال اليوم، وقدرتها على المنافسة.

اقرأ أيضا:الدراما السورية..إذا جاءك الطوفان ضع ابنك تحت قدميك!
المساهمون