لم يتراجع زخم الاحتجاجات في لبنان، إذ واصل المواطنون، لليوم الرابع على التوالي اليوم الأحد، انتفاضتهم ضد السلطة الحاكمة في البلاد، في مختلف المناطق اللبنانية، بما في ذلك العاصمة بيروت، قبل إضراب عام ينتظر تنفيذه غداً الاثنين.
وقد بدأ اللبنانيون بالاحتشاد في ساحات الاعتصامات المركزية في أكثر من منطقة، بما في ذلك وسط بيروت منذ ساعات الصباح الأولى.
وبدأ الآلاف بالتوافد إلى ساحتي رياض الصلح والشهداء، بعدما كان العديد من الشبان قد قضوا ليلتهم السابقة في الساحتين، ليؤكدوا على مطالبهم التي تلخصها إحدى المتظاهرات لـ"العربي الجديد" بـ"القضاء على الفساد، وتطهير الدولة من الفاسدين"، فيما قال متظاهر آخر إنه "لا أوراق إنقاذية، ولا أخرى إصلاحية تعنيهم الآن، إنما إسقاط الحكومة".
من جهتها، واصلت القوى الأمنية حشد قواتها، إذ انتشر عناصر الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي وقوات مكافحة الشغب على مداخل وسط المدينة، التي أتتها حشود من مختلف المناطق بعدما كانت الطرقات قد افتتحت أمام القادمين من الشمال والجنوب، بينما طرقات أخرى بقيت مقطوعة صباحاً.
كما أعلن الجيش حجز جميع العسكريين في مراكز خدماتهم.
وبينما اعتاد جزء من المحتجين المشاركة الدائمة في التظاهرات المطلبية، فإن الاحتجاجات الأخيرة شهدت انضمام فئات جديدة لم تكن معتادة على التظاهر، تحديداً من الذين لديهم انتماءات حزبية.
على الرصيف في ساحة رياض الصلح وسط بيروت، حيث تتركز الاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام لليوم الرابع على التوالي، يجلس ريبال مرشد، الذي أتى من منطقة بحمدون شرق بيروت، مدخناً سيجارته بانتظار وصول أصدقائه من المنطقة نفسها.
الشاب العشريني كان ينتمي إلى الحزب "القومي السوري الاجتماعي"، قبل أن يقرر تركه لأنه "مشارك في السلطة، وبالتالي فاسد، كالآخرين"، بحسب ما يقول لـ"العربي الجديد".
ويضيف مرشد: "أمس قام الحزب التقدمي الاشتراكي بقمعنا في مدينة عاليه، وبدأ عناصره بترديد أن الساحة لهم، ولكن الساحات كلها لنا، والقضية اليوم ليست قضية إسقاط حكومة، إنما إسقاط سلطة فاسدة من رأس الهرم إلى أصغر مسؤول في هذه الدولة، جميعهم أجاعونا ونهبونا".
ويعلّق مرشد على تصريحات الزعماء اللبنانيين الذين يحذرون من الفوضى بحال سقوط الحكومة بالقول إنّ "الفوضى منذ زمن، ومن يحذّر منها هو من يخطط لها ويرسل مناصريه لضرب المتظاهرين والاعتداء عليهم، وهم يريدون جرّ تظاهراتنا إلى العنف، لكنّ الشعب اليوم استفاق".
حسن الموسوي أتى من الضاحية الجنوبية لبيروت مصطحباً معه زوجته وابنتيه. ويقول لـ"العربي الجديد": "لدي فتاتان صغيرتان، بعت صيغة زوجتي لكي أسجلهما في المدرسة، هل هناك أكثر من ذلك".
وعن مهلة الحريري يوضح: "كل هذا الأمر لا يعنيني، ولو أنني أثق بمهلهم وأوراقهم الإصلاحية لكنت الآن في منزلي وليس في الساحة أتظاهر. القصة ليست قصة أوراق، وإنما قصة وضع منهار. وهي ليست قصة تسوية (في إشارة إلى التسوية التي أتت برئيس الحكومة سعد الحريري إلى رئاسة مجلس الوزراء وبميشال عون إلى رئاسة الجمهورية) إنما تسويات، وكل شخص يريد مصالحه الشخصية والإقليمية قبل مصلحتنا".
ويضيف "نحنا نؤيّد السيد (حسن نصرالله)، ولكن نحن لسنا مع خطابه الذي ألقاه أمس، ولذلك نزلنا. نحن في لبنان جميعنا محزبون، وهذا أمر معروف، ولكن على الجميع أن يضغط على حزبه اليوم في الشارع، وإلا فسيواصل سرقته ونهبه بحجة أنه فوضه في الانتخابات".
أما جورج المنتمي إلى حزب القوات اللبنانية الذي استقال وزراؤه أمس من الحكومة، فيقول "ننتظر أن يتركونا كي نعرف كيف نؤسس بلدا جديدا. أنا أنتمي للقوات اللبنانية، وكنا ننتظر من الحكيم (في إشارة إلى سمير جعجع) أن يستقيل قبل الآن، وألا يدخل في حكومة إلى جانب (وزير الخارجية رئيس التيار الوطني الحر) جبران باسيل من الأساس".
سميرة خالد من منطقة الطريق الجديدة، من مؤيدي الحريري، لكنها ترى اليوم أنه "يذهب ضيعان"، وأنه "افترى على نفسه وأصبح كرتاً محروقاً".
وتضيف: "أولادي جميعهم بلا عمل، ولكي يعملوا عليهم أن يكونوا منتمين للأحزاب ولديهم واسطات، ولذلك نحن نريد اليوم تطهير هذه البلد من هؤلاء الفاسدين، وليس فقط إسقاط الحكم، لأن لهذه الأحزاب الفاسدة امتدادا وتغلغلا في مؤسسات الدولة".