ارتفاع ضحايا مجزرة فضّ اعتصام الخرطوم لـ60 قتيلاً... ومواجهات بولاية النيل

05 يونيو 2019
المعارضة تتمسك بالعصيان المدني (إبراهيم حامد/فرانس برس)
+ الخط -
أعلنت لجنة أطباء السودان المركزية المرتبطة بالمعارضة، صباح اليوم الأربعاء، ارتفاع عدد القتلى إلى 60 قتيلاً منذ أن اقتحمت قوات الأمن مخيماً للمعتصمين أمام مقر وزارة الدفاع، الإثنين الماضي. فيما ذكر مراسل "العربي الجديد"، أن اشتباكات وقعت بين قوات تابعة للمجلس العسكري ومحتجين في مدينة ربك، عاصمة ولاية النيل الأبيض جنوب السودان.

وبحسب معلومات غير مؤكّدة، فإنّ اشتباكات مدينة ربك أسفرت عن سقوط 4 قتلى و18 جريحاً. 

من جهة ثانية، قالت لجنة الأطباء، في بيان نشر على موقع "فيسبوك"، إنّ القتلى سقطوا برصاص المجلس العسكري. وأضافت اللجنة في بيان لاحق، أنه تم حصر 40 جثة انتشلتها مليشيات تتبع للجنجاويد، أمس الثلاثاء، ونقلتها لجهة غير معلومة.

وأكد القيادي بقوى الحرية والتغيير أحمد الربيع لـ"العربي الجديد"، انتشال الجثث قائلا: "بعد انتهاء مجزرة فض الاعتصام ورصد إلقاء جثث في النيل، نشرت قوى الحرية والتغيير عدة فرق لترقب خروج الجثث"، موضحا أن الفرق رصدت انتشال 45 جثة، مضيفا: "قد يكون العدد أكبر، وما زالت الفرق ترصد خروج الجثث". وأشار الربيع إلى أن "بعض الجثث التي تم انتشالها كانت مصابة بأعيرة نارية وأخرى كانت متفحمة"، متوقعا أن تكون قد احترقت خلال حرق خيم الاعتصام.

المؤتمر الشعبي يدعو الأحزاب للاجتماع

وجه الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي الدكتور علي الحاج، اليوم الأربعاء، دعوة لكل الأحزاب السياسية، بما فيها قوى إعلان الحرية والتغيير، للاجتماع، اليوم، بدار الحزب في الخرطوم لمناقشة تطورات الأحداث في السودان والوصول لرؤية مشتركة حول المخرج من الأزمة الراهنة.
وقال المتحدث الرسمي باسم المؤتمر الشعبي الفاضل علي لـ"العربي الجديد"، إن "قادة الأحزاب أبدوا موافقتهم على الدعوة والمشاركة في الاجتماع"، مشيرا إلى أن الاجتماع سيعقد دون أجندة مسبقة، وأن الغرض الأساسي منه هو توحيد الرؤى لمواجهة التحديات الماثلة الآن.

من جهة أخرى، قال رئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان، اليوم الأربعاء، وفقا لوكالة "رويترز"، إن المجلس ما زال منفتحا "لتفاوض لا قيد فيه إلا مصلحة الوطن"، ويأتي التصريح بعد يوم من إعلانه أن المجلس ألغى كل الاتفاقات مع تحالف المعارضة وسيجري بدلا من ذلك الانتخابات خلال تسعة أشهر.


الحركة الشعبية: المجلس العسكري دمر العملية السياسية

من جانبه، وصف مبارك أردول، عضو وفد التفاوض من جانب قوى الحرية والتغيير والمتحدث الرسمي باسم الحركة الشعبية، بيان البرهان بأنه نوع من أنواع التهرب من العملية السياسية، قائلا لـ"العربي الجديد": "المجلس العسكري دمر العملية السياسية بارتكابه لمجزرة أمس الأول والتي راح ضحيتها نحو 100 قتيل".
وأضاف أردول أن "البرهان ألغى في بيان سابق العملية السياسية حينما ألغى الاتفاق بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، وهو يريد تكرار تجربة (الرئيس المخلوع عمر) البشير في قمع وضرب وإهانة الشعب السوداني، وسيواصل الشعب ثورته حتى يذهب الطغاة كما ذهب البشير".

وفي رده على تعهد المجلس العسكري بتوقيع اتفاقات سلام مع الحركات المتمردة، أكد أردول أن قوى الكفاح المسلح لا يمكنها الوثوق بالمجلس العسكري بعد تجربته في إلغاء الاتفاقات والتعهدات مع قوى الحرية والتغيير، مشيرا إلى أن تلك الحركات لن تجلس أو تتفاوض مع المجلس العسكري.
يذكر أن الحركة الشعبية إحدى الحركات التي تقاتل في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. 


وتصاعدت حدّة الأزمة بشكل غير مسبوق بين المجلس العسكري الانتقالي و"قوى الحرية والتغيير"، على وقع اتهام المعارضة للجيش بفض اعتصامها، الإثنين، أمام مقر القيادة العامة، والذي خلف عشرات القتلى والجرحى.

​وعاشت الخرطوم يوماً دامياً إثر قيام قوات الأمن السودانية بفض اعتصام المحتجين الموجودين أمام مقر قيادة الجيش في وسط العاصمة، مستخدمة الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع، ما خلف عشرات الضحايا.


ويوم أمس، الثلاثاء، رفض تجمع المهنيين السودانيين قرارات المجلس الانتقالي العسكري، التي تفضي لانتخابات عامة في غضون 9 أشهر، مجدداً "التمسك بالعصيان المدني الشامل والإضراب السياسي المفتوح منعاً للفوضى".

وقال تجمع المهنيين، في بيان مساء الثلاثاء: "عصياننا المدني الشامل وما يعززه من إضراب سياسي مفتوح، هو الحامي من الفوضى الشاملة".

وأضاف: "ننبه إلى أن الانتخابات المبكرة تعني تسليم السلطة من المجلس العسكري للمجلس العسكري نفسه".

واعتبر أن أي حكومة تأتي وفق هذا المخطط ستقنن للعنف والقتل، وستدار وفقاً لتوجهات المجلس العسكري، ولن تفلت البلاد من العنف والعنف المضاد.

وتابع: "عليه، فإننا في تجمع المهنيين نرفض كل القرارات المعلنة عبر السلطة جملة وتفصيلاً".

وفي وقت سابق، الثلاثاء، قرر المجلس العسكري الانتقالي برئاسة عبد الفتاح البرهان "وقف" عملية التفاوض مع قوى الحرية والتغيير، وتشكيل حكومة انتقالية لتنظيم انتخابات عامة في البلاد في غضون تسعة أشهر.

واعتبر تجمع المهنيين أن "المجزرة التي شهدها اعتصام القيادة العامة، والعنف غير المسبوق الذي قوبل به المعتصمون في عدد من المدن، فيهما إشارة جادة لمآلات الحال في السودان في الأيام القادمة، فالقتل والعنف سيصبحان المشهد المعتاد في الشوارع".

كما دعا تجمع المهنيين الدول والمنظمات لعزل ووقف التعامل مع المجلس العسكري والضغط عليه لتسليم السلطة بدون قيد أو شرط.

وجدد دعوته لأربعة إجراءات بارزة، هي: "العصيان المدني الشامل وإغلاق الطرق الرئيسية والجسور والمنافذ بالمتاريس وشل الحياة العامة"، و"الإضراب السياسي المفتوح في كل مواقع العمل والمنشآت والمرافق في القطاع العام والخاص"، و"التمسك والالتزام الكامل بالسلمية"، وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان.

إلى ذلك، فشل مجلس الأمن الدولي، مساء الثلاثاء، في إصدار بيان صحافي حول التطورات الجارية في السودان، بسبب اعتراض الصين ودعم روسيا لموقفها، بحسب ما أكده مصدر دبلوماسي رفيع المستوى لـ"العربي الجديد" في نيويورك.

وأكد المصدر أن الصين عللت اعتراضها بأن التطورات الأخيرة في السودان هي "شأن داخلي".


وكان مجلس الأمن الدولي في نيويورك قد عقد اجتماعا طارئا، ليلة الثلاثاء، بطلب من ألمانيا والمملكة المتحدة، لمناقشة التطورات الأخيرة على الساحة السودانية.

وعبّر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة للسودان، نيكولاس هيسوم، عن قلقه الشديد لتطور الأوضاع في الخرطوم. وجاءت أقواله بعد خروجه من قاعة الاجتماع المغلق، الذي استمر لأكثر من ساعتين، حيث قدم إحاطته أمام المجلس حول آخر التطورات على الأرض.

وأكد هيسوم أن المجتمع الدولي يتقاسم القلق حول تطورات الأوضاع في السودان، لكنه فضل عدم الخوض في التفاصيل، قائلا إن الأمم المتحدة ما زالت تأمل بعودة الأطراف إلى طاولة المفاوضات، وتؤمن بأن الحل ما زال ممكنا. وقال إنه سيتوجه إلى السودان "في القريب العاجل"، دون أن يحدد موعدا.