تتجه حركة النهضة التونسية إلى طرح مبادرة جديدة لجمع الفرقاء السياسيين والاتفاق على بنود جديدة قد تكون مختلفة عما طرحته مبادرة رئيس الجمهورية ضمن وثيقة قرطاج 2، خاصة في ظل تأزم الوضع السياسي في تونس، وعدم تمكن وثيقة قرطاج 2 من تجميع الفرقاء والخروج بعد الشلل الكبير والتجاذبات التي تسببت بها النقطة 64 المتعلقة بإقالة رئيس الحكومة يوسف الشاهد.
ويبدو أنّ حركة النهضة بدأت تستشعر المأزق الذي وصلت إليه وثيقة قرطاج 2، وبالتالي شرعت في الاستعداد للأخذ بزمام الأمور وطرح البديل السياسي الذي قد يساهم في تقريب وجهات النظر وامتصاص الاحتقان الحاصل، في ظل تمسكها بالاستقرار ومساندتها بقاء الشاهد من جهة، وفي ظل رغبتها في المحافظة على التوافق الذي يجمعها بحلفائها.
وأعلن القيادي في حركة النهضة ورئيس لجنة الطاقة في البرلمان، عامر العريض، اليوم الأربعاء، أن رئيس الحركة راشد الغنوشي يقوم بمبادرة لجمع الفرقاء حول اتفاق ببنود مختلفة، وأنه سيتم إعلان تفاصيل الاتفاق من قبله "لأنه المعني بهذه المبادرة"، حسب قوله.
وقال العريض، في تصريح إذاعي، إن "الحركة تتوقع أن تقود هذه المساعي إلى نتائج، سواء كانت كثيرة أو قليلة، إلا أنها ستحقق نتائج".
وأوضح رئيس كتلة حركة النهضة، نور الدين البحيري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّه عندما يحين الوقت للإعلان عن أي مبادرة جديدة وتتهيّأ لها الظروف والتفاعل الإيجابي معها سيتم ذلك، مبيناً أن "الشغل الشاغل للحركة هو إيصال تونس لبر الأمان، وإنجاح الانتقال الديمقراطي، وتوحيد الصفوف من مجتمع مدني ومنظمات وطنية وأحزاب، وأن تكون النهضة عنصراً للوحدة، بعيداً عن المصالح الحزبية الضيقة، خاصة أنهم ليسوا مع شخص ضد شخص، بل مع المصلحة الوطنية والاستقرار".
وحول إن كانت هذه المبادرة ستكون بالتوازي مع وثيقة قرطاج 2، قال البحيري إن وثيقة قرطاج 2 "هي خيار وطني، حصل حولها إجماع، ووقع اختلاف في نقطة، وكل طاقات الحركة وتفكيرها سيكون حول تعزيز الوحدة الوطنية"، مبينا أنّ "النهضة تريد تفعيل النقاط الواردة في وثيقة قرطاج 2 وتحقيق الوحدة الوطنية، بدل الانقسام والتمسك بخيارات الإصلاح والتعالي عن الحسابات الجهوية والحزبية، من أجل تونس ومن أجل إنجاح التجربة الديمقراطية".
وأكد البحيري أن "الحوار سيكون طريقا للحل ولاحترام الرأي المخالف ولتغليب المصلحة الوطنية"، مشيرا إلى أن "هذا ما أكده رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ورئيس حركة النهضة في اجتماعهما الأخير".
وبين المتحدث ذاته أنّ النقطة التي حصل حولها خلاف سيتم تجاوزها بالحوار، والنخب النقابية والحزبية لديها من النضج والاستعداد ما يكفي ليجعلها قادرة على الوصول إلى حلول، وهو ما أثبتته التجربة، والنهضة ستكون طرفا مجمعا ومساعدا على الوحدة الوطنية".
وأضاف رئيس الكتلة البرلمانية لحركة النهضة أن "تونس تواجه تحديات أمنية وعسكرية، وأساسا مكافحة الإرهاب والفساد، وجلها تشكل تهديدات جدية على مستقبل الانتقال الديمقراطي في تونس، ولا بد من تضافر الجهود لكي تكون تونس نموذجا في الديمقراطية السلمية"، مشيرا إلى أن "الوحدة ضرورية، ولا يمكن لأي طرف أن ينجح بمفرده".