انتخابات برلمان كردستان: خطوة لحسم هوية الرئيس العراقي

30 سبتمبر 2018
انطلقت الانتخابات باقتراع عناصر البشمركة (يونس كيليس/الأناضول)
+ الخط -
يتوجّه أكثر من 3 ملايين ناخب كردي صباح اليوم الأحد للتصويت في انتخابات برلمان إقليم كردستان العراق، والتي يحتدم فيها التنافس بين عدد من الأحزاب الكردية، خصوصاً الحزبين الكرديين الرئيسين (الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني) على حصد أكبر عدد ممكن من المقاعد، فيما تُعدّ هذه الانتخابات خطوة مهمة في حسم منصب رئيس الجمهورية الذي يتصارع عليه الحزبان ذاتهما. ويتنافس في الانتخابات 28 كياناً سياسياً، يمثلها 773 مرشحاً، تابعين للأحزاب الكردية المختلفة، وعلى رأسها حزبا "الديمقراطي الكردستاني" و"الاتحاد الوطني"، ويتنافسون على 111 مقعداً، من بينها 11 مقعداً مخصصاً للأقليات الدينية والقومية وفقاً للكوتا.

ويؤكد مراقبون أنّ ملف رئاسة الجمهورية مرتبط بشكل وثيق بنتائج انتخابات برلمان الإقليم، فالحزب الفائز فيها ستكون حظوظه أوفر بالفوز أيضاً بمنصب رئيس الجمهورية. وقال النائب عن الجمعية الإسلامية الكردستانية، سليم همزة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحزب الديمقراطي الكردستاني تعمّد تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية، حتى يتم الانتهاء من انتخابات برلمان كردستان، معوّلاً على أن يحصل على نتائج كبيرة فيها"، موضحاً أنّ "خطوة الحزب هي محاولة لأن يثبت للعرب أنّه الأكثر شعبية في كردستان، وأن يكون الأقرب إليهم، ما يزيد من حظوظه في الحصول على منصب رئيس الجمهورية".

ولفت همزة إلى أنّ "هناك تنافساً شديداً للاستحواذ على المنصب بين الحزبين الكرديين الرئيسيين، على الرغم من أنّه لم يُخصص لأي منهما، بل هو من حصة الأكراد بشكل عام، وليس حصة لأي حزب معين"، معرباً عن أمله بأن "تكون نتائج انتخابات برلمان كردستان مغايرة لتوقعات الحزب الديمقراطي، وأن تقلب الطاولة عليه، وأن تصعد الأحزاب المعارضة". وشدّد على أنه "لا يمكن أن نقبل بسعي الحزب الديمقراطي للحصول على أغلب المناصب المهمة، وتجاوز حقوق الأحزاب الكردية الأخرى".

وبعد أن خسر "الديمقراطي الكردستاني"، منصب رئاسة الإقليم، الذي شغله مسعود البارزاني لسنوات طويلة، ومن ثم تم إلغاؤه، بدأ الحزب بالتحرك باتجاه تعويض هذا المنصب، برئاسة الجمهورية، فضلاً عن عدم التفريط بمناصبه الأخرى، مستغلاً حاجة التحالفات في بغداد إلى شريك كردي قوي.


واتهم عضو "الاتحاد الوطني الكردستاني"، غياث السورجي، في تصريح صحافي، الحزب "الديمقراطي" بأنه "المسؤول عن الانقسام بين الأكراد واختلافهم"، موضحاً أنه "لم يحصل تفاهم أو تشاور بين الكتل الكردية بخصوص الاتفاق على مرشح واحد لرئيس الجمهورية، وبالتالي سيقدّم الجميع مرشحيهم للمنصب". واعتبر ذلك "انعكاساً لحالة الانقسام السلبي بين الأحزاب الكردية، أمام الكتل والأحزاب الأخرى في بغداد وأمام العالم"، مشيراً إلى أنّ "المشهد اليوم مختلف عن الدورات البرلمانية السابقة، إذ كان الأكراد يحسمون موقفهم في كردستان، ومن ثم يقدّمون مرشحاً واحداً للتصويت عليه داخل البرلمان، والسبب اليوم هو الاختلاف بين الأكراد، بسبب سعي بعض الأحزاب وراء المناصب والمصالح الخاصة". وحمّل السورجي، الحزب "الديمقراطي" ورئيسه مسعود البارزاني، "مسؤولية هذا الانقسام، بسبب سعيه وراء المناصب والمصالح الخاصة".

في المقابل، أكد "الديمقراطي الكردستاني"، اقترابه من حسم منصب رئيس الجمهورية لصالحه. وقال القيادي في الحزب، فاضل ميراني، إنّ "كافة المؤشرات تصب في صالح أن يكون منصب الرئيس من حصة حزبنا". وأوضح ميراني، في حديث لعدد من الصحافيين، أنّ "وفداً رفيعاً من الحزب، برئاسة وزير الداخلية كريم سنجاري، سيقوم بمشاورات مع الأطراف العراقية بخصوص ملف رئاسة الجمهورية"، مضيفاً "لا يمكننا الحديث باسم المكوّنات الأخرى، لكن من الواضح أنّ المؤشرات تصب في مصلحة الحزب الديمقراطي".

وأظهرت نتائج غير رسمية حول التصويت الخاص في انتخابات برلمان كردستان التي انطلقت الجمعة، أنّ الحزب "الديمقراطي الكردستاني" يتقدّم على باقي الأحزاب المتنافسة. ويؤكد مراقبون أنّ رئاسة الجمهورية، أقرب إلى "الديمقراطي" منه إلى "الاتحاد الوطني" حتى الآن، خصوصاً مع نجاح الأول في استغلال حاجة الكتل العراقية في بغداد إلى الجهة الكردية الأقوى، لأجل المساومات السياسية. وقال الخبير السياسي، عباس اللامي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المساومات مستمرة بين الكتل السياسية في بغداد مع الحزبين الكرديين بشأن المنصب، وأنّ الحزب الديمقراطي الكردستاني، يعلم نقطة ضعف الكتل في بغداد، والتي تسعى إلى كسب الجانب الكردي الأقوى إلى صفها"، موضحاً أنّ "الحزب الديمقراطي، في حال حقق طموحاته في انتخابات برلمان كردستان، سيفرض شروطه على الكتل في بغداد، وسيحصل على دعمها لمرشحه لرئاسة الجمهورية، مقابل التحالف معها، بينما سيقبل الحزب الخاسر بأي شروط تُفرض عليه". وأشار إلى أنّ "المشهد قارب على الحسم، وأنّ حظوظ الديمقراطي هي الأكبر حتى الآن، إذا ما كانت هناك تغيرات معينة".