وطلب رئيس الوزراء العراقي رسمياً من البرلمان إقالة محافظ نينوى ونائبيه، مبيناً في رسالة وجهها إلى مجلس النواب بهذا الشأن، أن سبب طلب الإقالة هو الإهمال والتقصير الواضحان في أداء الواجب والمسؤولية، ووجود تحقيقات تثبت التسبب بهدر المال العام، واستغلال المنصب الوظيفي.
إلى ذلك، باشرت خلية الأزمة التي شكّلها عبد المهدي لإدارة الأمور التنفيذية في الموصل بشكل مؤقت أعمالها، وفقاً لمصدر محلي مطلع قال لـ "العربي الجديد" إن الخلية وجّهت القوات الأمنية بالبحث عن المتورطين والمتسببين بحادث غرق العبّارة، ولا سيما مالك الجزيرة السياحية، وصاحب العبّارة، مبيناً أن التحقيقات جارية مع عدد من العمال المسؤولين عن إدارة وتشغيل العبّارة.
وبيّن المصدر أن الخلية تعمل على التأكد من المعلومات، التي تحدثت عن انتماء مدير الجزيرة السياحية التي غرقت فيها العبّارة لجماعة مسلحة متنفذة تعمل في نينوى.
من جهته، أكد محافظ نينوى نوفل العاكوب أن مدير الجزيرة السياحية موجود الآن في محافظة دهوك بإقليم كردستان، وأنه ينوي السفر إلى تركيا، موضحاً في تصريح صحافي أن مدير الجزيرة ادعى في وقت سابق أنه يعمل مع مليشيا "عصائب أهل الحق"، التابعة لـ"الحشد الشعبي"، لكنّ ادعاءه كاذب بحسب قول المحافظ.
إلى ذلك، اعتبر عضو تحالف "الإصلاح" علي الشمري، أنّ "حادثة عبّارة الموصل ستكون اختباراً للحكومة العراقية وقدرتها على محاربة الفساد"، مبيناً خلال حديثه مع "العربي الجديد"، أنّ "الجميع بما فيهم الشارع العراقي، يترقبون النتائج والوعود التي أطلقتها الحكومة لمحاسبة المقصرين في الحادثة".
وأكد أنّ "النتائج يجب أن تكون عاجلة، وأن لا تقيّد ضد مجهولين أو أشخاص خارج البلاد، أو ترمى على موظفين صغار في الجزيرة السياحية التي وقعت الحادثة فيها"، مشيراً: "هناك مخاوف حقيقية من تسويف القضية، وعدم محاسبة المسؤولين عنها، وعلى الحكومة أن تثبت موقفها، وتستغل السخط الشعبي وتعلن حربها على الفاسدين".
ويؤكد مسؤولون أنّ مواجهة حيتان الفساد في العراق باتت أمراً صعباً للغاية، بسبب قوة الجهات الداعمة لهم، وقال النائب عن تحالف "سائرون" علاء الربيعي في تصريح صحافي، إنّ "الفساد رسّخ جذوره بقوة طيلة السنوات السابقة، وهناك من حيتان الفساد من أصبح لديهم أحزاب ومليشيات ومافيات وعصابات".
وأكد أنّ "مواجهة تلك الحيتان أمر صعب لكنّه ليس مستحيلاً، ولا بد أن تكون هناك إرادة قوية لدى الحكومة والبرلمان للوقوف بوجه تلك الحيتان وردعها بكل قوة"، مشيراً إلى أن "الفاسدين معروفون للجميع، وعلى الحكومة التحرّك ضدّهم".
وأضاف أنّ "البرلمان والقوى السياسية الوطنية ماضون بتشريع القوانين التي تحجّم دور الفاسدين وتقطع الطرق عليهم، وصولاً إلى القضاء عليهم بشكل كامل واستعادة جميع الأموال التي نهبت من تلك المافيات الفاسدة"، لافتاً إلى أنّ "الفرصة والوقت مناسبان لرئيس الوزراء للمضيّ بخطوات جريئة بملف مكافحة الفساد وضرب الفاسدين وحيتانهم بكل قوة".
يأتي ذلك فيما أكدت مصادر سياسية لـ"العربي الجديد"، أنّ "الجهات المتورطة بحادثة العبّارة بدأت حراكاً سياسياً ووساطات لتمرير القضية وتسويفها"، مؤكدة أنّ "جهات كبيرة داعمة لهم تتبنى القضية".
وكان رئيس الحكومة قد طالب البرلمان رسمياً بإقالة محافظ نينوى ونائبيه، مبيناً في رسالة وجهها إلى مجلس النواب بهذا الشأن، أن سبب طلب الإقالة هو الإهمال والتقصير الواضحان في أداء الواجب والمسؤولية، ووجود تحقيقات تثبت التسبب بهدر المال العام، واستغلال المنصب الوظيفي.
من جهته، أكد محافظ الموصل نوفل العاكوب أنّه وضع استقالته "أمام المرجعية الدينية، وتحديداً المرجع علي السيستاني"، مؤكداً في بيان "في حال طلب المرجع استقالتي فلن أتردد دقيقة واحدة بتقديمها".
وكانت هيئة السياحة العراقية قد أعلنت في بيان اليوم، أنّ الجزيرة السياحية التي وقعت بها فاجعة العبّارة "غير مرتبطة بالهيئة، بل تعود إلى دائرة عقارات الدولة، وأنها تمارس عملها السياحي من دون الحصول على إجازة رسمية بذلك".
ويوم الجمعة، أصدر عبد المهدي قراراً بتشكيل خلية أزمة برئاسته تقوم بتمشية المهام التنفيذية في المحافظة، موضحاً في بيان أنه "تقرر تشكيل خلية أزمة لمعالجة الأوضاع في محافظة نينوى بناءً على الصلاحيات المخوّلة لنا، وبسبب الأوضاع الاستثنائية التي تمر بها محافظة نينوى، خصوصاً بعد الحادثة المؤلمة لانقلاب العبّارة، ووقوع أعداد كبيرة من الضحايا"، موضحاً أن الخلية سترتبط بشكل مباشر بالقائد العام للقوات المسلحة، رئيس الوزراء.
وبيّن أن الخلية ستضم رئيس جامعة نينوى، وقائد عمليات نينوى، وقائد شرطة نينوى، مؤكداً أن الخلية ستقوم بمهامها لحين اتخاذ مجلس محافظة نينوى قراراته، في ضوء التحقيقات الجارية حالياً.
تزامن ذلك مع عقد الرئاسات العراقية الثلاث (رئاسة البرلمان، رئاسة الوزراء، ورئاسة الجمهورية) اجتماعاً طارئاً لبحث تداعيات غرق عبّارة الموصل، وصدر عن الاجتماع تأكيد على انتهاج جميع السبل الكفيلة بمعالجة سوء الإدارة في نينوى.
وفي بيان صدر عقب الاجتماع، شددت الرئاسات الثلاث على ضرورة معالجة الملف الأمني بالموصل، ومتابعة الإجراءات القضائية لمحاسبة المقصرين، ومعالجة التداعيات التي تسببت بهذه الحادثة للحيلولة دون تكرارها، وتأكيد مسألة تعويض ذوي الضحايا.
من جهته، أكد قائد عمليات نينوى اللواء نجم الجبوري اعتقال 16 شخصاً من المشتبه بهم بالتسبب بغرق العبّارة، موضحاً في تصريح صحافي أن خلية الأزمة التي شكلها عبد المهدي بدأت عملها الجمعة.
وفي السياق، تجددت ليل الجمعة – السبت التظاهرات في الموصل، احتجاجاً على فساد المسؤولين المحليين الذين تسببوا بكارثة العبّارة، بحسب أحد المشاركين في التظاهرة ويدعى همام الحياني، الذي أكد لـ "العربي الجديد" أن المتظاهرين أغلقوا طريق الغابات المؤدي إلى الجزيرة السياحية بالموصل.
وأشار إلى أن المتظاهرين طالبوا بإقالة فورية لجميع المسؤولين في المحافظة وفي مقدمتهم المحافظ نوفل العاكوب، مرددين شعار "شلع قلع كلكم حرامية".