المركز العربي يناقش تعامل الحكومات مع الاحتجاجات بجلساته الختامية

10 مارس 2018
تحوّلات تشهدها الاحتجاجات في المنطقة العربية (العربي الجديد)
+ الخط -
اختتمت، اليوم السبت، أشغال جلسات اليوم الثالث من الندوة العلمية الدولية لـ"المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، فرع تونس، تحت شعار: "الحركات الاجتماعية والاحتجاج في سياقات انتقالية"، وقد تم تقديم حالات من احتجاجات تونس والمغرب والسودان وكيفية تعامل الحكومات معها.

وفي اختتام أشغال الندوة العلمية الدولية، أكّد مدير "المركز العربي"، فرع تونس، مهدي مبروك، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن حركات الاحتجاج في الدول العربية تأثّرت بالربيع العربي، مستفيدة من عاملين أساسيين، وهما الانفتاح السياسي في بعض الدول العربية وتحرّك الفضاء العمومي، معتبراً أن ذلك ظهر من خلال نمو الحركات الاجتماعية مثل الكامور والحوض المنجمي في تونس والحسيمة في ريف المغرب.

وأضاف أن كثيراً من التحركات الاجتماعية استندت إلى خلفية مناطقية محلية، وهناك شكل جديد من النضالية خارج الأطر التقليدية، أي الأحزاب والمنظمات والنقابات، ما يعني أن ضعف استقطاب الأحزاب والنقابات نجمت عنه تحركات اجتماعية غير منظمة وغير مهيكلة، وتعتمد على الإنترنت من حيث التعبئة، فالشباب المقصي عن العمل السياسي المهيكل يعبّر عن احتجاجه من خلال هذه الحركات الاجتماعية، وهو ما ظهر في السودان والمغرب وتونس.

وقال الباحث السوداني، محمد خليفة صديق محمد، الذي قدّم اليوم مداخلة بعنوان: "الحركات الاحتجاجية في السودان بعد الربيع العربي: قراءة في المضامين والملامح والمستقبل"، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّه بحث الحركات الاحتجاجية في السودان بعد الربيع العربي وأشكال الاحتجاجات والشعارات التي رفعت وتأثّرها بشعارات الربيع العربي كشعار: "الشعب يريد إسقاط النظام"، وكذلك نوعية المطالب الاجتماعية وأثرها في الحكومة والمجتمع، معتبراً أن دور الحكومة القمعي لم يؤد إلى تراجع الحركات الاحتجاجية في السودان بل حاولت الحكومة إيجاد حلول لكثير من الإشكالات الاقتصادية ولموضوع البطالة.

وأضاف المتحدث ذاته أنه ظهرت في السودان مجموعات منظمة تسمى الـ"كتاحة" وحملت أسماء سودانية جديدة لم تكن معروفة سابقاً، ولكن من الأثر الإيجابي لجوء الحكومة السودانية إلى الحوار الوطني كحل والحيلولة دون احتجاجات أخرى، معتبراً أن الاحتجاجات لو كانت أكثر تنظيماً وقوة ربما لكان تأثيرها أكبر مما حدث.

وأوضح الباحث أن الحركات الاحتجاجية في السودان أغلبها كان مطلبياً، لمقاومة غلاء الأسعار وإقرار إصلاحات اقتصادية، مضيفاً أن التأثير الأساسي لهذه الاحتجاجات هو أنها تدفع الحكومات مرغمة إلى وضع حلول، ولكن للأسف فإن كثيراً من الحكومات تتصدّى أمنياً للاحتجاجات. وفي الحالة السودانية، في كثير من الأحيان كانت هناك استجابة وسعي من الحكومة لإدخال أحزاب معارضة إلى السلطة والمشاركة في الحكومة. وتابع أنه حتى الحركات المسلحة التي كانت تعمل ضد الحكومة تم استيعابها، وكان هناك سعي إلى البحث عن مصادر للرفع من الدخل وزيادة إنتاج الذهب والإنتاج الزراعي.

وأشار إلى أن "من إيجابيات هذه الحركات أنها في كثير من الأحيان كانت سلمية ولم تؤد إلى العنف وكانت قليلة العدد ومتفرقة ولم تستمر على مدى طويل، ولو كانت أكثر عدداً وقوة لأدت إلى نتائج ملموسة. ولكن كان نفسها قصيراً وتنتهي بانتهاء الموضوع المحدد وأغلبها لم تكن لها قيادة واضحة".

واعتبر الباحث المغربي، رشيد الجرموني، في مداخلة بعنوان "حراك الريف بالمغرب من حركة احتجاجية إلى حركة اجتماعية"، أن الحركات الاجتماعية في الريف تجاوزت الأطر التقليدية المتعارف عليها لكي تبدع أشكالاً جديدة من قبيل الفعل الاحتجاجي العفوي في الشارع العام، مبيناً أن القدرة على المفاوضة والتفاوض مع السلطة بكافة أشكالها السياسية والمادية والعسكرية سعت إلى إحداث تغييرات عميقة في البنيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والاقتصادية.

وأوضح الجرموني أن هناك العديد من الأسئلة المطروحة، وهي كيف استطاعت الحركة الاجتماعية في الريف أن تصمد لأكثر من سنة؟ وما هي العوامل التي جعلت الحراك يشكل تحولاً نوعياً في مسار الحركات الاحتجاجية بالمغرب؟ ثم هل يمكن الحديث عن خصوصية مناطقية؟

كذلك اعتبر أن الفعل الجمعي والفاعلين الجمعيين واللذين يعتقد أنهما مطابقين للخصوصية والسياق المغربي يسمحان بقراءة الوضع بشكل مرن وقادر إلى النفاذ إلى عمق الدينامية الاحتجاجية بالمنطقة.


وبين أنه يمكن استنتاج أن الحركات الاجتماعية بمنطقة الريف شمال المغرب استطاعت أن تحدث تغييراً لمجرد وجودها في العلن ومن ابتداع معايير اجتماعية جديدة وممارسات وقيم، وذلك بدون الحاجة إلى تنظيم تكون له قواعده وبدون الحاجة إلى قيادة وأيديولوجيات معينة.

المساهمون