الجزائر: مقاومة سياسية في مناقشة مشروع قانون الموازنة

16 نوفمبر 2016
سلال أكّد أن الجزائر مقبلة على عام صعب(بشير رمزي/الأناضول)
+ الخط -


ضجة كبرى أحدثتها مناقشات مشروع قانون المالية (قانون الميزانية) لسنة 2017، إذ ارتفعت أصوات عارضت بعض بنود القانون واعتبرته أحزاب المعارضة بأنه ماض في "تفقير الشعب الجزائري".

ويرى المتتبعون للشأن الاقتصادي والسياسي في الجزائر أن نواب المعارضة في الجزائر يمارسون "سياسة المقاومة"، من أجل عدم تمرير بعض بنود مشروع قانون المالية، فقد ذكر رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري أن مشروع القانون هو امتداد لقانون 2016، والذي دفع ببروز نخبة مالية أو كما سماه "لوبيات المال" التي تتحكم في الاقتصاد المحلي مقابل إثقال جيوب المواطن الجزائري بالضرائب والرسوم على شتى المواد الاستهلاكية.

وقدم مقري خلال انتقاده المشروع ورقة طريق اقتصادية من شأنها إيجاد حلول للوضعية الصعبة التي يتخبط فيها الاقتصاد الجزائري، لافتا إلى أن الأهم هو الحفاظ على القطاعات الاستراتيجية وخوض ما وصفه بـ"معركة التنمية الاقتصادية" للانتقال من اقتصاد الريع إلى الاقتصاد المنتج الذي يتطلب ما بين خمس إلى ثماني سنوات لتثبيته على الأرض، على حد تعبيره.

اختلفت الآراء داخل قبة البرلمان الجزائري حول مشروع قانون المالية لـ 2017، إذ حاول نواب الموالاة من أحزاب السلطة كحزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي الدفاع عن قرارات الحكومة، وأهمها رفع الضرائب على بعض المواد الاستهلاكية، حيث اعتبرت هذه الأحزاب أنها جاءت بسبب الظرف الاقتصادي الصعب الذي تعرفه الجزائر بالنظر إلى انخفاض أسعار البترول وتراجع مداخيل الجزائر من هذه المادة الحيوية.

ودفعت أحزاب السلطة بأصواتها نحو مطالبة الحكومة بـ"قول الحقيقة للشعب"، فانعكاسات الإجراءات الجبائية ستكون وخيمة على القدرة الشرائية للمواطن الجزائري، وقد دعا نائب عن التجمع الوطني الديمقراطي قادة جليد الحكومة إلى ضرورة الحفاظ على الإعانات الحكومية لحماية الفئات الفقيرة وتعزيز التضامن في الوسط الاجتماعي الجزائري.

كذلك دعت النائب في كتلة حزب جبهة التحرير الوطني (ذات الأغلبية البرلمانية) فاطمة الزهراء بن جدو خلال مناقشات القانون إلى أهمية تطبيق ضرائب أعلى على التبغ والكحول، مستغربة من رفع سعر المازوت الذي يعتمد عليه الفلاحون في أشغالهم في زراعة الأراضي، وهذا برأيها ما سينجر عنه رفع أسعار المواد الغذائية من خضر وفواكه.

أصوات أخرى دعت إلى ضرورة إيجاد حلول لتمويل التنمية والبحث عن مصادر بديلة لتمويل الاقتصاد المتنوع، فيما ارتفع صوت المعارضة في شكل تكتل الجزائر الخضراء (أحزاب التيار الإسلامي) حول عدم إيجاد حلول بديلة للوضعية الاقتصادية المتأزمة التي ستعرفها الجزائر السنة المقبلة.

وانتقد النائب عن التكتل ناصر الدين حمدادوش ما سماه "تجاهل معايير الحكم الراشد في التسيير والتقاعس في مكافحة الفساد والتهرب الضريبي"، كما اقترح تخفيض رواتب الوزراء ونواب البرلمان والكوادر السامية في الدولة كنوع من التضامن الاجتماعي على حد تعبيره.

وقال حمدادوش لـ"العربي الجديد" إن سياسة تفعيل الزيادات في الضرائب ليست هي الحل الأمثل لتغطية عجز الميزانية الحكومية، مبدياً تخوّف الكتلة البرلمانية من لجوء الجزائر للاستدانة الخارجية، بالنظر إلى التراجع الكبير لمداخيل الجزائر من المحروقات.

وتتخوف أحزاب المعارضة في البرلمان الجزائري من توجه الحكومة الجزائرية نحو تقليص ميزانية التجهيز وتجميد العشرات من المشروعات المسطرة، وبالتالي الاستغناء عن الآلاف من مناصب الشغل، وقد طالب نواب (جبهة القوى الاشتراكية) في بيان لهم بضرورة المحافظة على الاستثمار الكومي وتعزيز آليات مكافحة الفساد والتهرب الضريبي واستعادة أموال الدولة التي منحت في شكل قروض لرجال الأعمال في سنوات سابقة.

المقاومة السياسية لأحزاب المعارضة في قبة البرلمان الجزائري تظل ضئيلة بالمقارنة مع أحزاب السلطة التي تدفع نحو المصادقة على القانون والإجهاز على حلم الشعرات من الأصوات التي تعارض بعض بنود قانون المالية لـ 2017، بالرغم من تطمينات الحكومة الجزائرية بأنها لن تلغي الطابع الاجتماعي في عديد من القطاعات الحساسة، حيث حاولت امتصاص غضب الطبقة السياسية (أحزاب المعارضة في الهيئة التشريعية) التي رفضت بشدة بعض بنود القانون، وقد رد وزير المالية حاجي بابا عمي، اليوم الأربعاء، على أن مشروع قانون المالية 2017 سيساهم في "ديمومة" النمو الاقتصادي مع المحافظة على القدرة الشرائية للمواطنين، بالرغم من الزيادات في الرسوم.

واعترف عضو الحكومة بأن القانون يأتي في ظرف صعب تعرفه الجزائر ضمن الظرف العالمي، لكنه "متوازن" لضمان المحافظ على القدرة الشرائية للمواطنين، على حد تعبيره.

وأضاف الوزير بأن "هناك بالطبع زيادات (في الرسوم) على غرار الرسم على القيمة المضافة والرسوم على المنتوجات الطاقوية، ولكن من جهة أخرى، هناك أحكام تهدف إلى تحسين ودفع وتثمين التنمية الاقتصادية التي بقيت في مستوى عالٍ جداً مقارنة بجيراننا أو البلدان النفطية".

سياسياً، أكد الوزير الأول عبد المالك سلال في العديد من المرات أن الجزائر مقبلة على عام "صعب"، داعياً الجزائريين إلى التقشف بعد تراجع المداخيل من البترول، وهو ما انتقده النائب عن حزب العدالة والتنمية، لخضر بن خلاف، قائلا إن "سياسة التقشف مفروضة على الطبقات الفقيرة والمتوسطة لتعويض تراجع الجباية البترولية".

وبخصوص قانون المالية 2017 قال بن خلاف إن "الحكومة تفرض التقشف على الطبقات الفقيرة والمتوسطة لتعويض تراجع الجباية البترولية، وذلك برفع أسعار الوقود والرفع من الرسم على القيمة المضافة وفرض رسوم وضرائب على العقار والوثائق الإدارية والعقارية والسيارات والمواد الكهرومنزلية وتعبئة الهاتف النقال والإنترنت، وغيرها من الضرائب التي حملها المشروع".