اليمن: تعطّل الجهود السياسية يعيد الكلمة للميدان

18 يونيو 2017
طاول التصعيد العسكري محافظة تعز (أحمد الباشا/ فرانس برس)
+ الخط -

ساد التصعيد العسكري مجدداً في أكثر من جبهة في اليمن، في ظل الانسداد الحاصل أمام الجهود السياسية، وبعد بيان مجلس الأمن الدولي الأخير، والذي جدد دعمه للمبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، ودعا جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) وحلفاءها من القوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، إلى وقف الهجمات ضد السعودية.
وأفادت مصادر محلية يمنية لـ"العربي الجديد"، أن مقاتلات التحالف العربي الذي تقوده السعودية، نفذت خلال اليومين الأخيرين، غارات مكثّفة، شملت محافظات تعز وحجة وصعدة بالإضافة إلى العاصمة صنعاء، بالتزامن مع ارتفاع في وتيرة الهجمات التي يتبنّاها الحوثيون وحلفاؤهم في الحدود الشمالية الغربية مع السعودية.

وشملت أبرز مناطق التصعيد، خلال اليومين الأخيرين، منطقة ميدي الساحلية في محافظة حجة غربي البلاد، وإلى جانبها منطقة حرض، وهما منطقتان حدوديتان مع السعودية وتشهدان مواجهات متقطعة بين قوات الشرعية المدعومة من التحالف من جهة، وبين الحوثيين وحلفائهم من جهة أخرى، منذ أكثر من عام ونصف العام. وامتد التصعيد إلى منطقة المخا الساحلية في محافظة تعز، والتي باتت العديد من مناطقها تحت سيطرة التحالف والشرعية. وفي صنعاء عاود التحالف قصف معسكر الصواريخ، والذي تعرض لعشرات الضربات منذ بدء عمليات التحالف.

وجاءت عودة الضربات الجوية بوتيرة مرتفعة مقارنة بالفترة الماضية، بالتزامن مع ارتفاع عدد هجمات الحوثيين وحلفائهم في المناطق الحدودية للسعودية، وتستهدف غالباً (حسبما يعلن الحوثيون) مواقع عسكرية بقذائف الكاتيوشا والمدفعية. ومن جانب آخر، جاء التصعيد بعد تطور ميداني لا يقل أهمية، تمثّل باستهداف الحوثيين سفينة إماراتية قرب باب المندب، قالوا إنها استُهدفت بصاروخ مطور، فيما أكد التحالف إصابتها من دون وقوع أضرار. وتتمحور أهمية هذا التطور، بكونه يعيد تسليط الضوء على معركة الساحل الغربي، والتي تسعى من خلالها دول التحالف (السعودية والإمارات تحديداً)، إلى تقليل خطر تهديد الحوثيين للسفن في البحر الأحمر. ويأتي الاستهداف مجدداً لسفينة إماراتية، ليرفع احتمالات التصعيد مجدداً في الجزء الجنوبي من الساحل الغربي.


سياسياً، يأتي التصعيد الميداني مترافقاً مع استمرار الانسداد السياسي أمام الجهود التي ترعاها الأمم المتحدة، إذ يرفض الحوثيون وحلفاؤهم التعاون مع المبعوث الأممي، الذي يحظى في المقابل بدعم من المجتمع الدولي، جرى تجديده، بالبيان الصادر عن مجلس الأمن الدولي قبل أيام، والذي دعا الأطراف للعمل مع ولد الشيخ أحمد بحسن نية للعودة إلى المفاوضات.

وفي السياق، أثار ما تضمنه البيان من مطالبة للحوثيين والقوات الموالية لصالح، بوقف الهجمات ضد السعودية، ردود فعل الطرفين، إذ رأى المتحدث الرسمي باسم الحوثيين، محمد عبدالسلام، في بيان له، أن البيان الأخير للمجلس يشجع ما سماه "تحالف العدوان"، على "مواصلة شن الغارات، وفرض الحصار، وهو ما يفاقم مأساة الملايين". كذلك اعتبر أن ذلك "يبعد أي أمل بحل سياسي يطوي الحرب"، قائلاً إن "دعوته (أي المجلس) المعتدى عليه ألا يدافع عن نفسه أمر خارج عن العقل والمنطق وخلاف لما تقره الشرائع السماوية والمواثيق الدولية".

وفي السياق ذاته، بالرد على بيان مجلس الأمن، اتهم مصدر في مكتب صالح، مجلس الأمن بـ"تجاهل ما يتعرض له اليمن من عدوان آثم من قِبل السعودية والمتحالفين معها منذ سنتين وثلاثة أشهر متواصلة". وقال المصدر في بيان إن "اليمن على استعداد لإيقاف الهجمات على السعودية مقابل إيقاف السعودية للطلعات والغارات الجوية والبحرية على اليمن، وكذلك إيقاف إمداد التنظيمات الإرهابية"، والعديد من الاتهامات أضاف إليها المطالبة بـ"التوقف عن تقديم الأموال والأسلحة المسنودة بالدعم الإعلامي للانفصاليين الذين يسعون لتمزيق اليمن وتجزئته".

وكان مجلس الأمن قد أصدر بياناً حول الأوضاع اليمن في وقت مبكر من فجر الجمعة، أعرب فيه عن قلقه البالغ إزاء الوضع الإنساني المتفاقم في البلاد وانتشار "الكوليرا"، وأكد دعمه لجهود المبعوث الأممي "الرامية إلى جعل الطرفين يتفاوضان بغية الوصول بسرعة إلى اتفاق نهائي وشامل لإنهاء الصراع". كذلك دعا المجلس الحوثيين والقوات المتحالفة إلى "وقف جميع الهجمات في (اتجاه) السعودية". وجاء البيان في ظل انسداد سياسي أمام الجهود الدولية التي ترعاها الأمم المتحدة، إذ يرفض الحوثيون وحلفاؤهم التعاون مع ولد الشيخ أحمد، ويطالبون بتغييره. ويوجد الأخير في المنطقة منذ أيام، حاملاً مقترحات تتعلق بأزمة مرتبات الموظفين الحكوميين والوضع الإنساني عموماً، إلا أن الجهود فشلت حتى اليوم في جمع الأطراف المعنية على طاولة تفاوض مجدداً، منذ انتهاء مشاورات الكويت التي عقدت العام الماضي، لثلاثة أشهر، ورُفعت من دون الوصول إلى حلول في أغسطس/ آب 2016.