نزاع المغرب والبوليساريو يدخل مرحلة التهديدات العسكرية

20 مايو 2018
تعتزم البوليساريو إجراء مناورات عسكرية في المنطقة العازلة(فرانس برس)
+ الخط -
ما إن تهدأ الأوضاع نسبياً في منطقة الصحراء، حتى تعود إلى التوتّر والاشتعال من جديد، في مسلسل لا ينتهي من الشد والجذب بين المغرب وجبهة البوليساريو، كان آخره إعلان المغرب استعداده للتدخّل عسكرياً ضد الجبهة واتهامه لعناصرها باقتحام المنطقة العازلة، ليَلي ذلك إعلان البوليساريو، يوم الجمعة الفائت، عن عزمها إجراء مناورات عسكرية اليوم الأحد، في المنطقة العازلة نفسها، احتفالاً بذكرى ما تسميه "الكفاح المسلّح ضد المستعمر الإسباني".

وقرّرت جبهة البوليساريو، وفق ما ذكرت وسائل إعلام رسمية تابعة لها، تنظيم احتفالات تخليداً للذكرى 45 لما تسميه "اندلاع الكفاح" في منطقة تيفاريتي، التي تعتبرها من بين مناطقها "المحررة" الواقعة شرق جدار الدفاع الأمني المغربي في الصحراء، ونقل ما تسميه بـ"برلمانها" إلى المنطقة نفسها.

وتأتي هذه التطورات بعد أسابيع قليلة فقط على القرار 2414 الذي اعتمده مجلس الأمن، وطلب فيه من البوليساريو الانسحاب من منطقة الكركرات وعدم القيام بأي خطوات قد تؤدي إلى تأجيج التوتر بين الطرفين. كما عبّر المجلس في الفقرة رقم 8 من القرار، عن قلقه إزاء إعلان البوليساريو نقل جزء من إدارتها إلى منطقة تيفاريتي، داعياً إياها إلى تجنّب اتخاذ أي خطوة من شأنها تهديد استقرار المنطقة.

وبرأي المستشار الدبلوماسي، الخبير في ملف الصحراء، سمير بنيس، فإنه "أخذاً بالدينامية الحالية للعملية السياسية في مجلس الأمن واللهجة القوية التي بدأ المغرب يستعملها في الآونة الأخيرة ضد كل من الجزائر والبوليساريو، فإنه من المؤكد أنّ أي خطوة ستقوم بها الأخيرة في منطقة تيفاريتي ستشكل خرقاً صارخاً لقرار مجلس الأمن، وستضعها في موقف أكثر حرجاً مما كانت عليه السنة الماضية أو في إبريل/نيسان الماضي".

وأضاف بنيس، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "المحاولات التي قامت بها البوليساريو من أجل تغيير الوضع القائم في المنطقة العازلة وفي كل أرجاء المنطقة الواقعة شرق الجدار، باءت بالفشل. وأكثر من ذلك، أصبحت الجبهة بفضل الحركة الدبلوماسية المغربية وتعاملها الحازم مع تحركات البوليساريو، في وضع المدافع والمتهم بزعزعة استقرار المنطقة وعدم احترام مقتضيات قرارات الأمم المتحدة التي اعتمدها مجلس الأمن منذ إبريل 2007". وتابع قائلاً إن "أي تحرك للبوليساريو من هذا النوع، سيكون بمثابة هدية للمغرب، ما سيوفّر له ورقة أخرى لرفض أي مفاوضات مباشرة مع الجبهة من أجل التوصّل لحل سياسي ومتوافق عليه للنزاع، مع التأكيد على أنه لن يكون هناك أي حلّ في الأفق ما دامت الجزائر لا تعتبر طرفاً مباشراً في تلك المفاوضات".

واعتبر بنيس أن السياق الإقليمي والدولي الذي تأتي فيه خطوة البوليساريو "سيزيد من إضعاف موقفها في مجلس الأمن، ويجعلها عرضة لتلقي ضربات سياسية موجعة في الشهور الستة المقبلة، باعتبار أن هذه الخطوة تأتي بعد أقل من شهر على اعتماد مجلس الأمن لقرار استعمل فيه لهجة واضحة، طالب فيها البوليساريو باحترام الوضع القائم في المنطقة الواقعة شرق الجدار". ولفت إلى أنّ "خطوة البوليساريو تأتي بعد أسبوعين، على قطع المغرب علاقاته مع إيران بسبب اتهامه لحزب الله اللبناني بدعم البوليساريو لوجستياً وعسكرياً"، مؤكداً أنّ هذه الاتهامات "تضع البوليساريو في موقف لا تحسد عليه، إذ تثير الشبهات حول تعاونها مع جماعة غير حكومية تعتبرها الولايات المتحدة الأميركية منظمة إرهابية".


واعتبر بنيس أنه "إذا نجح المغرب في إقناع حلفائه بحصول تواطؤ بين البوليساريو وحزب الله اللبناني، وقدّم الحجج التي تؤكّد ذلك، فسيخدش تلك الصورة التي حاولت الجبهة الترويج لها على مرّ عقود، بأنها حركة تحررية مسالمة تنبذ العنف والإرهاب".

وبحسب بنيس "جاءت الاتهامات التي وجهها المغرب للبوليساريو ضمن إطار دولي حالي يتسم بالعداء بين الإدارة الأميركية وحلفائها من جهة، وإيران وحلفائها من جهة أخرى"، موضحاً أنّ "إيران تعتبر الداعم الرئيسي لحزب الله ولكل الأعمال التي يقوم بها في الشرق الأوسط وفي منطقة شمال أفريقيا، من أجل الدفع بالأجندة التوسعية لإيران في المنطقة"، وفق تعبيره.

وقال بنيس إنه "مهما فعلت الجزائر وإيران لدحض الاتهامات التي وجهها لهما المغرب، فإن الرباط ستقوم في شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل بإدراج التواطؤ بين البوليساريو وحزب الله في النقاشات التي ستسبق مداولات أعضاء مجلس الأمن قبل التجديد لبعثة الأمم المتحدة إلى الصحراء، المينورسو"، مستطرداً "إذا أخذنا بعين الاعتبار العداء التي تكنّه الإدارة الأميركية وأعضاء الكونغرس لحزب الله ولإيران، وحرصها على كبح جماح الأخيرة في المنطقة ووضع حد لتهديدها لاستقرار حلفائها، فهناك احتمال كبير أن تأخذ الإدارة الأميركية اتهامات المغرب تجاه حزب الله والبوليساريو على محمل الجد".

وتابع بنيس بأنه "من المؤكد أنّ الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، سيدرج في التقرير الذي سيقدمه حول نزاع الصحراء، قبيل تجديد ولاية البعثة الأممية، كل الخروقات التي قامت بها البوليساريو وستقوم بها"، مشدداً على أن "أي محاولة لتغيير الوضع القائم في المنطقة الواقعة شرق الجدار، تعتبر خرقاً لاتفاق إطلاق النار وللاتفاقية العسكرية رقم 1، كما تعتبر خرقاً لقرار مجلس الأمن 2414".

المساهمون