السفير الأميركي في بيروت:حراك في فلك عون وحزب الله

02 أكتوبر 2015
لبنان خامس مستفيد من التمويل العسكري الأميركي (حسين بيضون)
+ الخط -
يستعيد السفير الأميركي في بيروت، دايفيد هيل، بعضاً من عادات السفير الأسبق لبلاده، جيفري فيلتمان، الملقب بـ"المندوب السامي" السوري في فترة الاحتلال السوري للبنان. من يُراقب حركة هيل، يُدرك أن الرجل يؤدي دوراً أبعد بكثير من دور السفير. صار وصيّاً، أو مندوباً سامياً. يُناقش هيل تفاصيل الوضع اللبناني، ويبدو أن السياسيين اللبنانيين لا يُمانعون في ذلك، لا بل، يشعرون بأهمية زائدة عندما يزورهم السفير الأميركي.

يتصدر الجيش اللبناني اهتمامات السفير الأميركي في بيروت، كما اهتمامات واشنطن. فالجيش جزء من التحالف الدولي في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية "داعش". كما أن "الاستثمار الأميركي من المساعدات الأمنية للبنان يفوق 1.3 مليار دولار في السنوات العشر الماضية، وهذا العام، لبنان هو خامس أكبر مستفيد من التمويل العسكري الأجنبي للولايات المتحدة"، كما تُشير البيانات الصحافية الصادرة عن السفارة الأميركيّة في بيروت.

سعى هيل إلى تمديد ولاية قائد الجيش، جان قهوجي. كان هذا السعي مفهوماً، خصوصاً مع عدم قدرة الحكومة على تعيين بديل لقهوجي بسبب الانقسامات داخلها. لكن دور هيل لن يقتصر على تمديد ولاية قهوجي، وبقاء العميد، إدمون فاضل، مديراً لاستخبارات الجيش، بل تعداه، إلى السعي إلى ترقية العميد، شامل روكز، ضمن سلّة تعيينات أمنية.

وبحسب عدد من القوى السياسيّة التي التقاها هيل، فإنه يقوم بزيارات متتالية بهدف إقناع المعارضين لهذه الترقية، بالتراجع عن قرارهم. ويُنقل عن هيل تعهده في هذه الاجتماعات بحصول تغيّر جدي في أداء وزراء التيار الوطني الحرّ، خصوصاً لجهة تفعيل العمل الحكومي، المعطّل بسبب موقف وزراء التيار الوطني الحرّ وحزب الله. ويُبرر هيل موقفه هذا خلال النقاشات، بتخوّفه على الاستقرار الأمني والسياسي في البلد، وهو ما يعني بطريقة غير مباشرة ربط هذا الاستقرار بتلبية مطالب عون.

اقرأ أيضاً: أسبوع لبناني فاشل في النفايات وانعدام الثقة وقيادة الجيش

يأتي عمل هيل متقاطعاً مع الضغوط، التي يمارسها حزب الله على القوى اللبنانيّة بهدف تلبية مطالب التيار الوطني الحرّ، ورئيسه النائب ميشال عون. وتركّزت هذه الضغوط على رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، النائب وليد جنبلاط، الذي قال له مسؤول لجنة الارتباط والتنسيق في حزب الله، وفيق صفا، منذ نحو عدة أسابيع، إن الشرط الأهم لإعادة تفعيل عمل الحكومة هو تلبية مطالب عون في ما يخصّ روكز. ورفض صفا أن يقوم الحزب بدور الوسيط، بل اعتبر أن التواصل يجب أن يكون مباشراً مع عون. على هذا الأساس، تحوّل الوزير، وائل أبو فاعور، إلى موفد جنبلاطي يسعى إلى حلّ هذه الأزمة. فتكثّفت زياراته ولقاءاته مع القوى السياسية المعارضة لهذه الترقيات.

بحسب المعلومات المتوافرة، فإن العقبة الأساسيّة لا تزال مرتبطة بطبيعة المهام التي توكل لروكز في الجيش. فالضابط الذي اشتهر بقيادته فوج المغاوير، وهو أحد أهم الأفواج القتالية في الجيش، يرفض أن تكون مهامه إداريّة، بل يرغب في استحداث منصب جديد في الجيش يتولّى عبره الإشراف وقيادة جميع الأفواج القتالية في الجيش، كما يبلغ مصدر سياسي مطلع على المفاوضات "العربي الجديد". ويُضيف المصدر أن قهوجي يرفض هذا الأمر مطلقاً، كونه يعني وجود قائدين للجيش، واحد صوري وآخر فعلي، وهو ما يضرب المؤسسة العسكريّة.

يُحاول تيار المستقبل، في هذا السياق، الاستفادة سياسياً قدر الإمكان من هذه التسوية خصوصاً لجهة إقرار آلية تصويت داخل مجلس الوزراء، وكان مطلباً قديماً للمستقبل. ويُغطي تيار المستقبل موقفه برفض أية تسوية تتناقض مع الدستور، كما أعلن رئيس كتلة المستقبل، الرئيس فؤاد السنيورة، قبل يومين. فتيار المستقبل يُدرك أنه غير قادر على رفض الرغبة الأميركيّة بترقية روكز، لكنه يحاول الحصول على مكتسبات نتيجة لهذا الأمر. كما أن هناك من يُحاول في تيار المستقبل الرهان على عامل الوقت، خصوصاً وأن أمام روكز مدة أسبوعين، قبل إحالته على التقاعد في 15 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

اقرأ أيضاً: المساعدات العسكرية الأميركية للجيش اللبناني: فورية وليست استثنائية

المساهمون