عدوان الفجر يكسر هدوءاً هشاً في غزة

13 مارس 2016
تشييع أحد شهداء أمس (أشرف عمرة/الأناضول)
+ الخط -

كان يمكن أنّ يمر القصف الإسرائيلي، فجر أمس السبت، على غزة كالمعتاد في مثل هذه الحالات، لولا استشهاد طفلين، والخوف الذي أحدثته قوة الغارات على السكان الذين استيقظوا مرتعبين بسبب القصف، الذي أعاد لأذهان الغزيين مشاهد الحروب السابقة.

تتعمّد إسرائيل قصفها لغزة عقب كل عملية إطلاق صواريخ من القطاع، بعد منتصف الليل، وكانت في السابق تتوخى "الحذر" في إصابة أحد كي لا تتطور الأوضاع إلى حرب، لكنها فعلت هذه المرة عكس ما تتوخّاه. وقد استشهد الطفلان ياسين سليمان أبو خوصة (10 سنوات)، وشقيقته إسراء (6 سنوات)، وفق ما أفاد المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، أشرف القدرة، وأصيب شقيق الشهيدين بجراح متوسطة، في إحدى الغارات التي شنّها طيران الاحتلال الإسرائيلي على مواقع للمقاومة في شمال ووسط القطاع، وشرق مدينة غزة.

واستهدف القصف، الذي قال الاحتلال إنه رداً على 4 صواريخ أطلقت من غزة على "سديروت"، موقعي "فلسطين" و"عسقلان"، شمالاً، بثلاثة صواريخ، ومن ثم استهدف موقع "أبو جراد" العسكري، وسط القطاع، بصاروخين، واستهدف موقعاً شرق مدينة غزة بصاروخ واحد. والمواقع المقصوفة تتبع لـ"كتائب القسام"، الذراع العسكرية لحركة "حماس". وعلى الرغم من أنّ أياً من الفصائل الفلسطينية لم تعلن مسؤوليتها عن الصواريخ الأربعة على "سديروت"، إلا أنّ الاحتلال عادة ما يُحمّل حركة "حماس" المسؤولية عنها، وهو الذي يتوعّدها مع كل صاروخ يطلق من غزة، أو من غيرها، بالرد القاسي والشديد.

وقبل القصف الجوي على القطاع، تعرضت مراكب الصيادين في عرض بحر بيت لاهيا، شمالاً، للاستهداف من قبل الزوارق الحربية الإسرائيلية، التي أطلقت نيران أسلحتها الرشاشة على الصيادين ومراكبهم، ولم يبلّغ عن وقوع إصابات.

اقرأ أيضاً: الخيارات الإسرائيلية تجاه أنفاق غزة

وتريد إسرائيل تثبيت التهدئة في غزة بأي ثمن، وتفرض منذ بدئها برعاية مصرية عقب عدوان 2014، معادلة الرد على ما تسميه الخروق. في المقابل، يجد الفلسطينيون صعوبة في التحرك عسكرياً نتيجة الواقع الإقليمي المعقد، الذي يزداد سوءاً، ويزداد موقفه خذلاناً من غزة وسكانها. لكنّ الهدوء الهش في غزة، مع استمرار الحصار واشتداده، إسرائيلياً ومصرياً، يمكن أنّ يفجّر في أي وقت حرباً جديدة مع إسرائيل، التي لا تريد الحرب في الوقت الراهن، لكنها قد تلجأ إليها كخيار لإخماد الانتفاضة المتصاعدة في الضفة الغربية والقدس المحتلة، رغم محاولات "حماس" ومعها المقاومة في غزة لإبعاد شبح الحرب عن القطاع أيضاً.

ويتجهّز طرفا المعركة في غزة وتل أبيب للمواجهة، عبر مناورات واستعدادات عسكرية. في غزة، تسعى "حماس" لبناء ترسانة صاروخية قوية مع الأنفاق، وتتجهّز لحرب قد تطول، وفي الكيان، يجري التجهيز لحرب ستكون أعنف من ذي قبل وأوسع وأطول.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي، حاتم أبو زايدة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "كلاً من المقاومة والاحتلال يجهّزان لحرب، فالقيادة الأمنية والمستوى السياسي في إسرائيل يجهّزون لمعركة يعتقدون أنها حتمية، في ظل استمرار المقاومة في تطوير قدراتها وعدم قدرة تل أبيب على إخضاعها لا بحرب ولا بحصار مشدد".

ويشير أبو زايدة إلى أنّ "المقاومة في غزة أساس للعمل، وفي حالة الحصار والتضييق فإنّ الأوضاع تضغط بشكل هائل على القطاع". مع ذلك، يستبعد أنّ تتطور الأمور في الوقت القريب إلى حرب واسعة، لوجود أولويات أخرى لكلا الطرفين. والمقاومة، وفق أبو زايدة، لا تزال تعاني من آثار عدوان 2014، تحديداً في مسالة إعادة الإعمار، في ظل الآلية التي يجري فيها العمل على إعادة ما دمرته الحرب الأخيرة، وهي الآلية غير الفعّالة والبطيئة جداً، كما أنها لم تستعد بكامل قواها لمعركة وشيكة.

ويلفت إلى أنّ "لا ظهير إقليمياً للمقاومة في ظلّ الظروف المتقلبة، وستجد نفسها لوحدها في المعركة لو دخلت في حرب جديدة مع الاحتلال، ولن تجد طرفاً إقليمياً يتدخل لصالحها، وربما سيكون هناك نوع من المؤامرة عليها لضربها". ويعتقد أبو زايدة أنه "رغم التأكيد على ألّا حرب في الأفق القريب، لكن هناك قناعات داخلية بأنّ هناك معركة أكثر دموية وعنفاً، وخاصة مع تجهيز إسرائيل نفسها لمواجهة انفجار متوقع في غزة نتيجة للحصار والضغط الاقتصادي الكبير الذي يعاني منه السكان".

اقرأ أيضاً تقديرات إسرائيلية: "حماس" لن ترد على تدمير أنفاق هجومية

المساهمون