اقتتال جنوب بغداد بين العشائر ومليشيا مسلحة بسبب شركة نفط صينية

10 فبراير 2019
مطالبة الحكومة المركزية بالتدخل (أحمد الربيع/فرانس برس)
+ الخط -
يهدد الصراع في جنوبي بغداد بين فصيل مسلح يتبع مليشيات "الحشد الشعبي"، وعدد من العشائر، بتوقف عمل شركة نفط صينية تجري عمليات تنقيب في المنطقة الممتدة بين قضاء المدائن ومنطقة اليوسفية، الواقعة 20 كم جنوبي العاصمة العراقية. 

ويعود سبب النزاع الحالي إلى قيام مجموعة مسلحة مرتبطة بأحد فصائل "الحشد الشعبي" بالانتشار في محيط عمل شركة "جنهوا" الصينية، وفرض إتاوات على العاملين المحليين من متعاقدين وعمال، وحتى مسؤولي الشركة، تحت مزاعم توفير الأمن لهم ومنع تعرّضهم لأي خطر.

وأدى هذا الانتشار إلى استفزاز العشائر والمسؤولين المحليين في المدينة، حيث اشتبكت عشيرة قائممقام المدينة، فاضل برع جودة، مع مليشيات مسلحة، الأربعاء الماضي، وتسبب ذلك في مقتل اثنين من المدنيين من إحدى العشائر وجرح ستة آخرين، وفقا لآخر إحصائية سجّلتها الشرطة العراقية التي بدت في دور المتفرج، وتارة الوسيط، في حل الموضوع بعيدا عن السلاح. 

والأحد، قال مسؤول محلي عراقي في قضاء المدائن، جنوبي العاصمة بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن "الفصيل المسلح يرتبط بـ"الحشد الشعبي"، وقد خاطبنا الحكومة لكن لا مجيب، وسقوط الضحايا تتحمله الحكومة"، مضيفا أن "المسلحين الذين يزعمون أنهم تابعون لمليشيا "العصائب" خلقوا فتنة كبيرة داخل المدينة، وحاليا هناك دم تفرّق بين عدة عشائر"، وفقا لقوله.

 

وأكد المسؤول المحلي: "مازلنا ننتظر أن يدخل الجيش ويطرد العصابة التي تسيطر على حي الوحدة في المدائن، حيث توجد الشركة الصينية، ويفرض سيطرته، وإلا فإن الاشتباكات ستتجدد مرة أخرى"، لافتا إلى أن المليشيا ابتزّت الشركة الصينية بمبالغ كبيرة بدعوى الأمن، وكذلك كل من تعاقد معها، حتى الحداد والنجار والسائق المحلي، كما "تتدخل في منطقة ذات طبيعة عشائرية بمنطق القوة والتسلط، فيما لم يرِد أي رد من الحكومة حتى الآن". 

وكانت وسائل إعلام محلية عراقية قد نقلت عن قائممقام قضاء المدائن، فاضل جودة، تعرّض شركة (جنهوا) الصينية النفطية المسؤولة عن عمليات التنقيب النفطية في قضاء المدائن لابتزاز وتهديد من قبل مجموعة تطلق على نفسها اللجنة الخاصة.

وأضاف جودة أن "هذه الجماعة تتدخل بشكل مباشر في عمل الشركة، وتفرض على المقاولين والفنيين مبالغ مالية مقابل السماح لهم بالعمل"، مؤكدا "تبليغ محافظ بغداد وقيادة عمليات بغداد والأجهزة الأمنية المحلية والجهات المختصة بهذه المشكلة". 

في غضون ذلك، قال الشيخ علي السويعدي، وهو شيخ إحدى عشائر البلدة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "فصائل المليشيات تفرض، منذ فترة طويلة، قوّتها على الشركة الصينية العاملة في القطاع النفطي، وتأخذ منها إتاوات بمبالغ كبيرة، مقابل السماح لها بمواصلة عملها"، مبينا أنّ "العشائر حاولت الاستعانة بجهات أمنية لفرض سلطة الدولة على البلدة، وإخراج تلك المليشيا منها، الأمر الذي دفع المليشيات إلى الاشتباك مع العشائر وقتلت اثنين من أبنائها وأصابت آخرين مازالوا في المستشفى". 

وأكد السويعدي أنّ "عشائر البلدة اجتمعت لمنع دخول المليشيات إليها، كما اتخذت قرارا بمنع عمل الشركة النفطية في حال لم يتم فرض الأمن والقانون في عموم البلدة"، مطالبا بأن "توفر الحكومة الحماية الكافية للشركة وللبلدة وتمنع عودة المليشيات".



وتسبب وجود المليشيات في البلدة ورغبتها في فرض سلطتها للحصول على الإتاوات، في ارتباك أمني فيها، في وقت تخشى العشائر والأجهزة الأمنية الصدام مع تلك المليشيات المدعومة من جهات سياسية. 

وقال مسؤول أمني في البلدة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "عشائر البلدة تحاول فرض القانون والتخلص من سطوة المليشيات التي تجول في البلدة وتفرض نفسها بالقوة عليها"، مبينا أنّ "تلك الفصائل مرتبطة بجهات سياسية داعمة لها، ومستفيدة من فرض الإتاوات على الشركة النفطية، الأمر الذي وفّر الحماية لتلك الفصائل من أي مساءلة قانونية".

وأشار إلى أنّ "الوضع مرتبك في عموم البلدة، ويحتاج إلى تدخّل حكومي للسيطرة على الوضع".

يشار إلى أنّ الكثير من مناطق البلاد تشكو من هيمنة فصائل المليشيات عليها، فيما تعجز الحكومة عن اتخاذ خطوات لفرض سلطة الدولة فيها.