استدعاء النواب العراقيين إلى بغداد... وحسم الكتلة الكبرى قبل جلسة الاثنين

31 اغسطس 2018
يقود البارزاني حوارات مكثّفة لكسب ودّ الأحزاب الكردية المعارضة(Getty)
+ الخط -
بدأ أعضاء البرلمان العراقي الجديد، الذي من المقرّر أن يجتمع الاثنين المقبل، بالتوافد إلى بغداد من عموم محافظات البلاد الثماني عشرة بما فيها إقليم كردستان العراق، إذ من المقرّر أن يتمّ، اليوم الجمعة وغداً السبت، إكمال مهمة تسليمهم بطاقاتهم التعريفية وإكمال متطلبات دخولهم للمنطقة الخضراء شديدة التحصين، في وقت لا يزال يصرّ قطبا التحالف الشيعي في بغداد، على مواصلة "حرب التصريحات" بشأن الكتلة الكبرى، مع بدء العدّ التنازلي لجلسة البرلمان الأولى التي يجب أن تعلن خلالها الكتلة الأكبر عدداً قبل دخول النواب قاعة البرلمان. ويؤكّد كلا المعسكرين تحقيقهما الرقم المطلوب، وهو ما أرجعه مسؤول عراقي تحدّث عبر الهاتف لـ"العربي الجديد"، إلى أن بعض الكتل والأحزاب السنية والكردية "تلعب على الحبلين"، و"تحاول الحصول على مكاسب عدة من كلا الطرفين وعدم إغلاق الباب مع أي منهم حتى الساعات الأخيرة".

وقال مسؤول في الدائرة الإعلامية في البرلمان العراقي، لـ"العربي الجديد"، إن "الأعضاء الجدد طلب منهم القدوم إلى بغداد والبقاء فيها قبل انعقاد الجلسة بيومين على الأقل، بهدف منحهم البطاقات التعريفية الخاصة بهم وإكمال الجوانب القانونية الفنية الأخرى لحضورهم الجلسة الأولى للبرلمان"، مبيناً أنّ "موعد انعقاد الجلسة سيكون في الساعة العاشرة من صباح الاثنين، بحضور متوقّع لسفراء وممثلي دول غربية وأجنبية وبعثة الأمم المتحدة في بغداد، إضافة إلى الرئيس السابق للدورة السابقة والرئيس الحالي المنتهية ولايته وقضاة ومسؤولين لهيئات مستقلة بالبلاد". ولفت المسؤول إلى أنّ الجيش العراقي "وضع خطة أمنية لتغطية بغداد وتأمينها خلال انعقاد الجلسة".

وتنتظر الأحزاب السياسية في بغداد، قبيل أول جلسة للبرلمان، قرارين مهمين؛ الأوّل من الكتل الكردية والثاني من السنة، إذ لم يُعلن حتى الآن أيّ موقف رسمي بشأن انضمام أيّ من الطرفين إلى الجبهتين الكبريين (سائرون والفتح) لتشكيل الكتلة الكبرى، الممهدة لبناء حكومة جديدة برؤساء جدد. وكشف سكرتير الحزب الشيوعي العراقي، رائد فهمي، أن "الأحزاب السياسية في بغداد، والتحالفين الأبرز (سائرون مع الحكمة، والفتح مع دولة القانون)، بانتظار قرار الفصل في تشكيل الكتلة البرلمانية الكبرى، التي يقع على عاتقها تشكيل الحكومة الجديدة. وحتى الآن الأمور تبدو غامضة، وما زلنا متوقّفين على ما سنصل إليه في الحوار مع الأطراف السنية والكردية".

وأضاف فهمي، وهو عضو في تحالف "سائرون" المدعوم من زعيم "التيار الصدري"، مقتدى الصدر، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "الكتلة الكبرى لا يمكن لها أن تتشكّل من دون وجود الأحزاب الكردية والسنية، لأن التحالفات الجديدة لا تريد أن تعود إلى الأنماط الطائفية السابقة. ولكنّ السنة والكرد حتى الآن لم يعلنوا مواقفهم، ما تسبب بمخاض في ولادة الكتلة الكبرى"، مشيراً إلى أنّ "الأكراد، وبحسب المعلومات وتصريحات بعض قادة الأحزاب الكردستانية، ليس لديهم فيتو على أحد في بغداد، ولكنهم ينتظرون الجهة التي تبادر بالتعهّد بتحقيق مطالبهم، ولكنهم الأقرب لنا (سائرون)".

وتابع فهمي قائلاً "قد ينقسم الكرد إلى أكثر من جزء، منهم من سيأتي إلينا، ومنهم من سيذهب مع الفتح ودولة القانون. والأكراد لديهم ورقة مطالب، ولكنهم يدركون تماماً أنّ الاعتماد على الورقة وحدها في الحوار معنا وتنفيذها سيؤدي إلى تأخّر عجلة تقدّم العراق"، موضحاً أنّ "الأحزاب الكردية والسنية تريد التحالف مع من يمتلك قاعدة شعبية حقيقية، وهذا ما يتوفّر لدينا. ومطالب الأكراد إذا أردنا تنفيذها، فإنها تحتاج إلى وقت وتعاون حقيقي، وليس باختيار رئيس جمهورية كردي".

وأشار إلى أنّ "مقتدى الصدر لديه رغبة بحسم الأمور بأسرع وقت ممكن، لأنه يدرك أنّ البلد بحاجة إلى تشكيل حكومة جديدة، بشرط أن تنبثق بأفضل المواصفات وتواجه التحديات وترضي المطالب الشعبية الغاضبة التي تبحث عن الخدمات وفرص العمل، وهذا الأمر لن يحدث بالصفقات والمساومات السياسية وإعادة توزيع الحقائب الوزارية وغيرها".


من جانبه، يقود زعيم "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، مسعود البارزاني، حملة حوارات مكثّفة من أجل كسب ودّ الأحزاب الكردية المعارضة، منذ إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، الغرض منها زيارة بغداد بتحالف كردي قومي شامل، إلا أنّ القيادي في حركة التغيير، بيستون فائق، نفى التوصّل إلى اتفاق بين المعارضين وأعضاء حزب البارزاني.

وقال فائق في تصريح صحافي، إنّ "التحالف الكردستاني المعارض والمكون من حركة التغيير والجماعة الإسلامية والاتحاد الإسلامي والتحالف من أجل الديمقراطية والعدالة، لا يعارض انضمام أي حزب كردي إليه، لكن من المستبعد الاتفاق على إعلان تحالف كردي يشمل حزبي الاتحاد والديمقراطي". وأضاف أنّ "البرامج التفاوضية لتحالف المعارضة مع الكتل في بغداد مختلفة عن برنامج ومطالب الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني"، مستبعداً "حصول الاتفاق على إرسال وفد كردي مفاوض إلى بغداد". وأشار إلى أنّ "أحزاب المعارضة ستطرح مشروعاً إصلاحياً جديداً مختلفاً تماماً عن القضايا التقليدية للحزبين الحاكمين ضمن مفاوضاتها مع الكتل في بغداد".

مقابل ذلك، تسعى القوى الشيعية المتمثلة بتحالف "الفتح" الذي يقوده زعيم مليشيا "بدر" هادي العامري، وائتلاف "دولة القانون" الذي يقوده رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، إلى تلبية طلبات الأكراد لضمان وجود القوى الكردية ضمن الكتلة الكبرى. ولكن القيادي في "دولة القانون" سعد المطلبي، أكّد أنّ "الكتل الكردية لم تطرح مطالبها بشكل رسمي حتى الآن"، قائلاً إنّ "الكرد لم يطرحوا لغاية الآن أي مطلب من مطالبهم مقابل الانضمام إلى الكتلة الكبرى". ولفت إلى أنّه "ما يتم نقله الآن شفهياً على لسان بعض المحاورين أو بعض المصادر السياسية لا يعتبر شيئاً رسمياً".

وأضاف المطلبي أنّ "مطالب الكرد يجب أن تكون على ورقة رسمية وتتم مناقشتها، وبالتالي يمكن الاتفاق عليها أو عدم الاتفاق"، موضحاً أنّ "الكتل السياسية في بغداد تنتظر الورقة الحقيقية والرسمية للمطالب التي تقدّم من وفد الاتحاد الكردستاني الذي سيأتي إلى بغداد".

وفي السياق ذاته، رجّح مسؤول عراقي في بغداد "أن يتمّ الإعلان عن الكتلة الكبرى مساء اليوم، الجمعة، في حال تمّ التوصّل إلى اتفاق مع الكتل الكردية"، مبيناً أنّه "من المرجح أيضاً ألا تدخل الكتل السنيّة كلها في محور واحد، بحيث تتشظى بين المعسكرين لأسباب مختلفة يطول شرحها". وتابع المسؤول قائلاً إن "مواقف الكتل السنية على وجه الخصوص تتّسم بالنفاق، حيث يعربون لكل طارق لأبوابهم أنهم معه وهم بذلك يحاولون الحصول على أفضل العروض"، على حد تعبيره، مرجحاً أنه في حال فشل السنة بالتوصل إلى اسم مرشحهم لرئاسة البرلمان، "فإنه سيتم إبقاء الجلسة الأولى لمجلس النواب مفتوحة".

في غضون ذلك، قالت القيادية في "تحالف المحور"، ناهدة الدايني، إنّ "الكتل السنية قد تعلن عن تحالفها مع أحد الأطراف، مساء اليوم الجمعة أو قبل ذلك بساعات"، موضحةً في حديث مع "العربي الجديد"، أنّه "تمّ تقديم 23 نقطة يجب أن يراعيها من يرغب بأن نتحالف معه، وهي عبارة عن حقوق يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في الحكومة الجديدة وتنفذ".

وأضافت الدايني "الجمعة سيعلن تحالف المحور مع من يتحالف، وبالتالي ستكون هناك كتلة كبرى كتحصيل حاصل"، مشيرةً إلى أنه "من حقّنا أن نعرف من هو رئيس الوزراء، كما الطرف الآخر يريد معرفة من هو رئيس البرلمان، والموضوع برمته قائم على ما هو البرنامج الحكومي وما الذي سنحققه لجمهورنا". وتابعت "أعتقد أنّ الحديث عن المعارضة استهلاك، فالمعارضة في العراق غير مجدية اطلاقاً".

ورداً على تحفّظ بعض أطراف تحالف "الصدر ـ العبادي" على اسم السياسي السني، خميس الخنجر، قالت الدايني إنّ "خميس جزء لا يتجزأ من المحور، ونرفض استخدام هذه اللغة من قبل الكتل الأخرى".

إلى ذلك، قال القيادي في ائتلاف "دولة القانون"، منصور البعيجي، إنّ "يوم الاثنين موعدنا وسنعلن الكتلة الكبرى"، مضيفاً في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "محورنا هو دولة القانون والفتح والأكراد والمحور، وسنرسل الأسماء والمقاعد للمفوضية من أجل المصادقة على أننا أكبر كتلة، ولسنا بصدد الدخول في مماحكات مع الآخرين أو حرب إعلامية حول من سيعلن كتلته أولاً، لكن هذا هو الواقع".

في موازاة ذلك، من المقرّر أن تشهد مدينة النجف صلاة مليونية، كما وصفها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في بيان دعا من خلاله مناصريه إلى التجمّع في مسجد الكوفة التاريخي. ويعتقد أنّ الدعوة تنطوي على محاولة استعراض للقوة الجماهرية التي يمتلكها الصدريون في الجنوب العراقي، مقابل خصومهم من الكتل السياسية الشيعية، كحزب "الدعوة" و"منظمة بدر" والمجلس الأعلى، وغيرها من الحركات التي لا تتوافق مع توجهات الصدر.