بدأت ردود الفعل المرتبطة بشروع المغرب في بسط سيادته القانونية على المياه الإقليمية لسواحل صحرائه الجنوبية في الصدور عن بعض الأطراف المعنية بهذا الموضوع، وهي كل من إسبانيا وجبهة البوليساريو الانفصالية.
وفي خطوة جديدة لبسط سيادته الكاملة على إقليم الصحراء المتنازع عليه مع "جبهة البوليساريو" الانفصالية، أقدم المغرب، الاثنين الماضي، على عرض مشروعَي قانونين يهدفان إلى بسط الولاية القانونية للمملكة على كلّ مجالاتها البحرية، بما فيها تلك الخاصة بسواحل الصحراء.
وصادقت لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج بمجلس النواب، مساء الاثنين، بالإجماع، على مشروعَي القانونين، في خطوة تُعتبر الأخيرة قبل عرضهما على جلسة عامة للتصويت.
أبرز ردود الفعل تلك التي صدرت عن كل من الحكومة المحلية لجزر الكناري، وهي عبارة عن أرخبيل من الجزر المقابلة للصحراء والتابعة للسيادة الإسبانية، وبعض الأحزاب الإسبانية، والتي حذّرت من المساس بمصالح الجزر من خلال الخطوة المغربية.
الحزب الاشتراكي الإسباني، الذي يقود الحكومة حاليا وتصدّر الانتخابات التشريعية الأخيرة تمهيدا لتشكيله حكومة جديدة، أصدر بيانا لأمينه المكلّف بالعلاقات الدولية، قال فيه إن وضع حدود المياه المغربية المجاورة لجزر الكناري أو لمدينتي سبتة ومليلية، ينبغي أن يتم في إطار اتفاق بين الطرفين.
وأضاف البيان، الذي نشره الحزب الاشتراكي الإسباني على موقعه الرسمي اليوم الخميس، أن موقفه في هذا الموضوع سيبقى صارما ولن يقدم فيه أي تنازلات.
وبالرغم من العلاقات الجيّدة التي تجمع بين المغرب وإسبانيا في الوقت الراهن، لم يتردد الحزب الاشتراكي الذي يقود الحكومة في مهاجمة الخطوة المغربية لبسط السيادة القانونية على المياه الإقليمية للصحراء، في غياب اتفاق مع إسبانيا التي تملك أرخبيلا من الجزر قبالة هذا الإقليم.
وعلى منوال الحزب الاشتراكي الإسباني، نسج الفرع التابع للحزب الشعبي (يمين) الإسباني في جزر الكناري، حيث عبّر عن قلقه من الخطوة المغربية، مثله في ذلك مثل رئيس الحكومة المحلية الذي سارع إلى مطالبة مدريد بالتحرك بعد شروع المغرب في مناقشة قوانين تتعلق برسم حدود المياه الإقليمية للصحراء.
جبهة البوليساريو من جانبها، والتي تعقد حاليا مؤتمرها العام رقم 15 في منطقة "تيفاريتي" الواقعة داخل المنطقة الصحراوية المتنازع عليها، أصدرت بيانا عبر ما تسميه "حكومة"، حذّرت فيه من الأعمال التي وصفتها بـ"غير الشرعية"، ومن "انتهاك القانون الدولي عبر تحديد المناطق البحرية للصحراء المتنازع عليها".
ووصفت البوليساريو الخطوة المغربية بأنها "عمل باطل ولاغ وليس له أي شرعية قانونية، ولن يؤثر على طبيعة الصحراء الغربية المصنفة لدى الأمم المتحدة كإقليم غير متمتع بالحكم الذاتي ما زال ينتظر استكمال عملية إنهاء الاستعمار والاستقلال الكامل".
ويتعلق الأمر بمشروعي قانونين عرضتهما الحكومة المغربية بداية هذا الأسبوع أمام البرلمان.
المشروع الأول يتعلق بحدود المياه الإقليمية، والثاني ينشئ المنطقة الاقتصادية الخالصة على مسافة 200 ميل بحري على عرض الشواطئ المغربية.
وقال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، في عرض قدمه أمام اللجنة، إن هناك مجموعة من المحددات وراء إعداد وعرض هذه المشاريع في هذه الظروف بالذات، لكن عمقها يبقى، حسب الوزير، "حرص المغرب على حماية وصون مصالحه العليا، على مستوى ترابه، كما على المستوى الجيو-سياسي للمنطقة".
وشدّد بوريطة على أن هذا الأمر يُعتبر بمثابة خيار استراتيجي وسيادي بالدرجة الأولى، "ينبني على حقوق المغرب المشروعة، ويستند إلى مرتكزات قانونية وجيهة، عملاً بدبلوماسية الوضوح والطموح التي يريدها جلالة الملك محمد السادس".
واستباقاً لأي ردّ فعل محتمل من جانب إسبانيا أو موريتانيا، قال بوريطة إن هذا المستجد القانوني من شأنه أن يشكل "أرضية تفاوضية صلبة لأي تسوية أو اتفاق قد يتم بهذا الخصوص مع الدول التي لها شواطئ متاخمة أو مقابلة لبلادنا"، في إشارة منه إلى أرخبيل جزر الخالدات التابعة للسيادة الإسبانية، والواقعة قبالة سواحل الصحراء المغربية، والجارة الجنوبية للمغرب موريتانيا.