مقتدى الصدر في السعودية: زيارة لأهداف غير محصورة بالعراق

31 يوليو 2017
يحظى مقتدى الصدر بشعبية في العوامية (حيدر حمداني/فرانس برس)
+ الخط -

بدعوة رسمية قدمها الديوان الملكي السعودي، وصل زعيم التيار الصدري والقائد الروحي لاثنين من أبرز فصائل مليشيا "الحشد الشعبي" في العراق، هما "سرايا السلام" و"لواء اليوم الموعود"، مقتدى الصدر، إلى السعودية، وسط معلومات مؤكدة تتحدث عن أن زيارته لن تكون محصورة ببحث الشأن العراقي وملف المدن المحررة من تنظيم "داعش" فقط، بل ترتبط بملف سعودي حساس للغاية، وهو تدخله في تهدئة الوضع المشتعل داخل محافظة القطيف، وتحديداً مدينة العوامية التي يحظى الصدر بشعبية واسعة فيها.

وأعلن مكتب الصدر، في بيان مقتضب، عن توجه الأخير إلى السعودية بدعوة رسمية، على رأس وفد من مساعديه، من دون ذكر مزيد من التفاصيل، إلا أن قيادياً في التيار الصدري أكد، لـ"العربي الجديد"، أن كبار مساعدي الصدر، بينهم المعاون الجهادي، كاظم العيساوي، المعروف باسم أبو دعاء العيساوي، ضمن الوفد المرافق للصدر، الذي من المقرر أن يلتقي مع ولي العهد، محمد بن سلمان، ومسؤولين آخرين، فضلاً عن أعضاء في هيئة كبار العلماء. وقال عضو التيار الصدري في محافظة بابل، الشيخ جمال العبيدي، عبر الهاتف، لـ"العربي الجديد"، إن "الزيارة جاءت بدعوة رسمية من السعودية، وتم تأجيلها من قبل الصدر بسبب مهام داخلية تتعلق بالتيار"، مبيناً أنه "سيتم بحث ملفات كثيرة خلال الزيارة"، من دون أن يكشف عنها، لافتاً إلى أن "الزيارة قد تستمر يومين أو ثلاثة، وستكون بالتأكيد هناك ملفات للتحدث بشأنها ضمن أولوية المصلحة العراقية".

ويواجه الصدر، الذي أسس مليشيا "جيش المهدي" ثم "سرايا السلام" و"اليوم الموعود"، اتهامات عديدة بالوقوف وراء عمليات تطهير طائفية في بغداد ومدن أخرى من البلاد. وقال عضو في البرلمان العراقي إن "الزيارة ستتناول ملفات مختلفة، بينها ملف تهجير وطرد السنة من مدن تسيطر عليها مليشيات الحشد بعد تحريرها من داعش، مثل مدن بابل وبيجي وديالى وصلاح الدين، فضلاً عن ملف التوافق الداخلي ودعم مشروع توحيد القوى السنية". وأضاف "بالنسبة لي أملك معلومات عن أن السعودية تسعى من زيارة الصدر هذه إلى دور إيجابي له في ملف الاحتجاجات المتصاعدة بمحافظة القطيف وبلدة العوامية، إذ يحظى الصدر هناك بشعبية جيدة، وهناك مقلدون لحوزة النجف التي يعتبر محمد الصدر، والد مقتدى، المؤسس والمنظر الأول لها"، وفقاً لقوله. وأضاف، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الزيارة مهمة أيضاً بالنسبة للسعودية"، مؤكداً أن دعوات مماثلة وجهت إلى "شخصيات شيعية، سياسية ودينية، من قبل السعودية، مثل عمار الحكيم وجواد الخالصي وهمام حمودي، لكن من غير المعلوم ما إذا كانت ستتم تلبيتها من قبل الآخرين أم لا".




وتأتي زيارة الصدر بعد سلسلة مواقف متشددة منه إزاء السعودية، من بينها مطالبته بإغلاق السفارة السعودية في بغداد احتجاجاً على إعدام نمر النمر، ومهاجمته ما وصفه بتدخل القوات السعودية في قمع الشعب البحريني، وهو ما اعتبر مفاجأة في الخطوة السعودية. وقال مراقبون عراقيون إن السعودية تحاول، ضمن مشروع لها، تحقيق اختراق داخل الأحزاب الشيعية في العراق، والحصول على موقع مؤثر وإنهاء فترة مقاطعتها، وفي الوقت ذاته تركز على الصدر، كون علاقته بإيران تعتبر باردة مقارنة بباقي أحزاب وكتل التحالف الشيعي في العراق. ووفقاً للخبير بالشأن العراقي، الدكتور عبد الحميد الراوي، فإن "التوجه السعودي الحالي في العراق جزء من خطتها لمواجهة إيران من خلال الانفتاح على المكون الشيعي"، مبيناً أنه من غير المستبعد أن تتم دعوة شخصيات أخرى مماثلة للصدر، "خصوصاً أن دعوتها للصدر، رغم كونه قائداً لفصيلين مسلحين ضمن الحشد الشعبي التابع للحرس الثوري الإيراني، وفي هذا الوقت تحديداً، تعتبر مفاجأة من العيار الثقيل". وأضاف أن "مسألة معالجة الطائفية في العراق بمشروع طائفي أيضاً ترسيخ لمأزق المحاصصة الطائفية الذي وقع فيه العراق، والذي أثبت للجميع أنه لا حل له إلا بحكم مدني غير إسلامي بسبب تعدد طوائفه ودياناته".

وشن مناهضو ومنافسو الصدر من الكتل الأخرى داخل التحالف الوطني، فضلاً عن فصائل في مليشيا "الحشد الشعبي"، حملة إعلامية واسعة على الصدر بعد إعلان مكتبه مغادرته العراق إلى السعودية، وذلك من خلال مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر محطات فضائية عراقية. واعتبر أحد أعضاء "حزب الدعوة الإسلامية"، بزعامة نوري المالكي، أن زيارة الصدر إلى السعودية "غير مؤثرة على المشهد السياسي العراقي"، وهي "رهان خاسر في حال رغبت الرياض باستثماره". وأوضح صلاح البطاط، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "هناك من يحاول أن يقسم شيعة العراق سياسياً بين شيعة إيران وروسيا وشيعة الخليج وأميركا، وهو ما نراه واضحاً منذ مدة، ويجب تحذير الجميع منه"، وفقاً لقوله.

المساهمون