أخفق البرلمان العراقي مجدداً، الأربعاء، في تمرير التعديلات المقترحة على قانون الانتخابات بسبب الخلافات الواسعة بين الكتل السياسية، مع رفع الجلسة للإثنين المقبل.
وتسعى قوى سياسية إلى تعديل المادتين الخامسة عشرة والسادسة عشرة، من خلال اعتبار كل محافظة من محافظات العراق دائرة انتخابية واحدة واعتماد آلية تكون فيها نصف مقاعد البرلمان للأفراد بطريقة الانتخاب المباشر والفوز لأعلى الأصوات، والخمسون بالمائة الأخرى تكون للقوائم الانتخابية الحزبية.
في المقابل، يصر المتظاهرون وكتل برلمانية تؤيدهم، أبرزها التيار الصدري، على اعتماد عدة دوائر انتخابية في كل محافظة، بواقع دائرة لكل مائة ألف نسمة، واعتماد الترشيح الفردي بنسبة 100% والفائز هو من يحصل على أعلى عدد من الأصوات.
يشار إلى أن العراق اعتمد خلال 4 دورات انتخابية (2005 و2010 و2014 و2018) نظام التمثيل النسبي الذي كرس سطوة القوائم الحزبية الكبيرة ويعتبر كل محافظة دائرة انتخابية واحدة، ونتج عن ذلك تفرد أحزاب محددة بالسلطة طيلة السنوات الماضية، وهو ما دفع المحتجين للمطالبة بقانون جديد ينهي تفرد الأحزاب وذهاب أصوات الناخبين لأشخاص لم ينتخبوهم من الأساس لكن نظام التمثيل النسبي المعتمد يعطي رئيس الحزب أو الكتلة الحق في مصادرة أصوات المرشحين عن كتله في حال لم يحصل هو على القاسم الانتخابي الذي يؤهله للفوز بمقعد انتخابي، فضلاً عن تقسيم البلاد إلى دوائر انتخابية صغيرة.
وصوّت البرلمان العراقي، في جلسته اليوم الأربعاء، على 14 مادة من القانون الذي يتضمن 50 مادة، وذلك بعد مشادات كلامية بين قوى سياسية وكتل برلمانية مختلفة حول المادتين الخامسة عشرة والسادسة عشرة دفعت النوب الكرد، وهم أبرز المعترضين عليهما، إلى الانسحاب من جلسة البرلمان لترفع الجلسة لنصف ساعة وسط استمرار المشاورات بين قادة الكتل ورئيس البرلمان لإقناعهم بالعودة إلى الجلسة.
وقال مصدر من داخل البرلمان الذي حول جلسته إلى مغلقة، إن المواد التي تم التصويت عليها تتعلق بطريقة التصويت وعمر المرشح والناخب وازدواج الجنسية وتفاصيل أخرى متفق عليها مسبقاً.
وبيّن أن المواد الأهم، وهي 15 و16 و21، ومواد أخرى تتعلق بنظام الانتخابات، والقاسم الانتخابي، ودوائر أم دائرة انتخابية واحدة، وطريقة الاقتراع، ما زالت محل شد وجذب، إذ ثمة كتل سياسية تجدها تهديداً لمستقبلها السياسي.
وقال النائب سركوت شمس الدين إن الخلافات على المادتين 15 و16 هي التي أدت إلى رفع الجلسة، مبيناً أن عدم الاتفاق عليهما مستمر حتى الآن، وفقاً لتصريحات أدلى بها للدائرة الإعلامية بالبرلمان.
وبحسب الحقوقي والناشط في احتجاجات بغداد علاء الشماع، فإن تقسيم العراق إلى عدد من الدوائر الصغيرة يوازي عدد أعضاء البرلمان يعد مكسباً للمتظاهرين في حال تحقيقه، لأن الانتخاب في هذه الحالة سيكون فردياً لمن يحصل على أكثر عدد من الأصوات دون الحاجة إلى دعاية انتخابية كبيرة وفضائيات ومال سياسي.
واعتبر وجود قانون انتخابات عادل يمثل نصراً لساحات التظاهر، لأن القانون العادل سيفرز برلماناً وحكومة يمثلان الشعب بشكل حقيقي.
واختلفت آراء المراقبين والمتخصصين بالشأن الانتخابي تجاه ما يمكن أن يمثله انتقال العراق إلى الدوائر الصغيرة والانتخاب الفردي.
في المقابل، اعتبر الباحث في الشؤون الانتخابية والديمقراطية أحمد نجم، أن الانتقال إلى الانتخاب الفردي والدوائر الصغيرة هو الأنسب للحالة العراقية، مستدركاً "إلا أن ذلك لا يعني أن الأحزاب ستختفي بشكل كامل، بل ستقل سطوتها بالتدريج، لأن المرشح لن يكون مرغماً على الانضمام لتحالف كبير من أجل الحصول على مقعد نيابي".
وبيّن أن النظام الانتخابي الفردي بالدوائر الصغيرة أثبت نجاحه في دول عدة، كبريطانيا وأميركا وفرنسا، موضحاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن إقراره بهذه الصيغة سيمثل جرعة أمل كبيرة للمتظاهرين بحصول تغيير جذري في المشهد السياسي.
وفشل مجلس النواب، الأسبوع الماضي، في التصويت على قانون الانتخابات بسبب خلافات عميقة حول شكل القانون بين نواب التيار الصدري الذين أصروا على الترشيح الفردي والدوائر المتعددة من جهة، وكتل برلمانية أخرى أصرت على أن تكون كل محافظة دائرة انتخابية مع معادلات معقدة لتوزيع المقاعد على المرشحين.