نفذت النائبة المصرية عن دائرة إمبابة بالجيزة، نشوى الديب، عملية اقتحام لمقر "الحزب العربي الناصري" الكائن في شارع طلعت حرب بوسط القاهرة، في وقت متأخر من مساء أمس الخميس، وهو الحزب الذي تمثله تحت قبة البرلمان، على وقع اتهامها لرئيس الحزب، وأعضاء مكتبه السياسي، بفتح أبوابه أمام "الإخوان" و"المعادين للدولة"، رداً على قرار تجميد عضويتها من الحزب.
وبعد ساعات قليلة من عملية الاقتحام، أعلن رئيس الحزب سيد عبد الغني، وهو شقيق عضو البرلمان عن تكتل "25-30" محمد عبد الغني، أن مقر الحزب الرئيسي بات مفتوحاً أمام جميع أعضائه بلا استثناء، بعد تمكن أعضاء الأمانة العامة ومكتبه السياسي من دخول المقر، في أعقاب الاستيلاء عليه بواسطة عدد من "البلطجية" المصاحبين للديب.
واتهم عبد الغني نائبة البرلمان باستئجار مجموعة من الأشخاص من منطقة إمبابة، ممن يحملون الأسلحة البيضاء مثل "السنج والمطاوي"، لتنفيذ عملية الاقتحام بالاشتراك مع ثلاثة آخرين من أعضاء الحزب، بذريعة أن لهم مطالب تتعلق بالأداء داخل الحزب خلال الآونة الأخيرة، وتدشينهم حركة تدعى "الإنقاذ والإصلاح" لتفتيت الحزب.
وكتبت الصحافية الناصرية نور الهدى زكي: "النائبة نشوى الديب التي وافقت على تعديلات الدستور الأخيرة، وتطالب بهدم السيرك القومي ومسرح البالون بالعجوزة، وبيع الأرض بالمتر للمستثمرين، اصطحبت مجموعة من البلطجية من دائرة إمبابة، رفقة البطاطين وأكياس الطعام، لاقتحام مقر الحزب العربي الناصري، والاستيلاء عليه".
وأضافت زكي في تدوينة نشرتها على صفحتها بـ"فيسبوك": "الديب تؤدي دورها في مسيرة هدم الأحزاب الشرعية، التي ما زال بها نفس للإصلاح السياسي، بعد أن قررت الأمانة العامة للحزب تجميد عضويتها بالإجماع، على خلفية موافقتها على التعديلات الدستورية قبل عدة أشهر، وهو الأمر الذي أعادت الأمانة التأكيد عليه مؤخراً".
وتابعت: "أعضاء المكتب السياسي للحزب تجمعوا أمام مقره الرئيسي، بصحبة رئيس الحزب، لإعلان رفضهم لعملية الاقتحام المضادة، أو الاشتباك مع البلطجية المتواجدين داخل المقر"، مشيرة إلى أن أعضاء الحزب أغلقوا الباب على البلطجية من الخارج، إلى حين استدعاء قوات من الشرطة، وإخراجهم من مقر الحزب.
من جهته، أصدر الحزب بياناً قال فيه: "أقدمت مجموعة تخريبية على اقتحام مقر الحزب العربي الناصري، بدعوى تشكيل لجنة لإصلاح الحزب لعدم رضائهم عن مسار الحزب وإدارته، وهنا يتوقف الحزب عند مجموعة من المفاهيم، والتي لا بد من توضيحها احتراماً للجماهير، وأنصار الحزب من الناصريين، وكذلك لدولة القانون".
وأضاف الحزب: "هناك فارق بين العمل الثوري، والبلطجة، إذ يتميز العمل الثوري بالمبادئ والتغيير الجذري، ولا تكون الأمور المطروحة على أجندته شخصية، بينما تتميز البلطجة بممارسات الاقتحام، ومحاولة فرض الرأي بالقوة، وتكون الأمور المطروحة على أجندته شخصية، من خلال محاولة فرض أشخاص بالقوة، وتجاوز كل الأعراف والقيم الديمقراطية".
وواصل الحزب: "أما العمل الإصلاحي فهو قائم على الحوار والتفاهم، وعرض وجهات النظر، واستنفاد السبل القانونية في التغيير"، مستطرداً "يتضح من هذه المفاهيم كذب الدعاية الإصلاحية التي قام بها التخريبيون، ممن اقتحموا مقر الحزب لأسباب شخصية واضحة، حيث كان من بينهم من ترشحوا في الانتخابات الحزبية".
وتابع: "هؤلاء القلة لم ينجحوا في جمع أصوات الناصريين في انتخابات نزيهة أمام القيادة الحالية، وهو ما دفعهم إلى أعمال البلطجة، بما يمثل تجاوزاً خطيراً للقانون، وأطر الدولة المصرية، لا يؤثر فقط على مستقبل الحركة الناصرية، وإرثها، وإنما ما تلاقيه على سمعتها من تشويه"، على حد تعبير البيان.
وزاد قائلاً: "يتعامل الحزب الناصري في الوقت الحالي بنوع من المسؤولية الوطنية، ومسؤولية حمل أمانة العمل الناصري، وحتى اللحظة يمارس رئيسه وقياداته وأعضائه سياسة ضبط النفس، حرصاً على وحدة الصف الناصري، واحتراماً للقانون العام وللدولة المصرية، لا من منطلق ضعف أو قلة عددية".
واستكمل البيان: "هناك أسماء بعينها أشرفت على اقتحام مقر الحزب، ومنهم نائبة البرلمان نشوى الديب، والتي خسرت في انتخابات نزيهة أمام الرئيس الحالي للحزب، وهو أمر مؤسف أن يكون هذا سلوكاً نابعاً من عضوة في مجلس النواب، وهو ما يلقي بالشبهة على شرعية انتخابها بهذا البرلمان، إذا كانت معتادة على استخدام هذه الأساليب".
وختم الحزب بقوله: "نرفض الانسياق لهذا المستوى المتدني من البلطجة، ونخاطب الجهات القانونية بتمكين أعضاء الحزب من دخول مقره، وممارسة عملهم الحزبي، منعاً لأية احتكاكات واشتباكات قد تؤثر على النظام العام، وحرصاً على احترام القانون واللوائح، وعدم تكريس سوابق من شأنها تحويل العمل السياسي إلى عمل من أعمال البلطجة، وتدني مفرداته الديمقراطية إلى مفردات شريعة الغاب".
و"الحزب العربي الديمقراطي الناصري" تأسس على يد السياسي المصري فريد عبد الكريم، وعضو مجلس قيادة الثورة الراحل ضياء الدين داوود، ووزير الحربية في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الفريق محمد فوزي، وظهر إلى النور بحكم من "المحكمة الإدارية العليا" في 19 إبريل/نيسان 1992، بعد رفض لجنة الأحزاب المصرية الموافقة على إشهاره.
وللحزب مواقف باهتة في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، وكان يُصنف آنذاك كأحد "الأحزاب الكارتونية"، وتوارى دوره تماماً في أعقاب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، بعد الفشل في الحصول على أي مقاعد في أول انتخابات نيابية، على أثر انسحابه من "التحالف الديمقراطي من أجل مصر" الذي كان يقوده حزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسية لجماعة "الإخوان".