أكدت مصادر عسكرية في وفد المعارضة السورية إلى جنيف، اليوم الأحد، بأن "مساعي روسية مخادعة تبذل لحرف مسار التفاوض عن سكته".
واعتبر العضو المفاوض من "الجبهة الجنوبية"، العقيد زياد الحريري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "التصعيد العسكري الأخير هو محاولة روسية لإعادة إنتاج أستانة لتصبح بديلًا عن جنيف". ويرى الحريري أن لدى الروس أيضًا "عجزًا في ما يبدو عن لجم مليشيات النظام القادمة من الخارج".
ومن جانبه، أكد عضو هيئة التفاوض، وأحد مفاوضي مؤتمر أستانة، عصام الريس، معلومات حصل عليها "العربي الجديد"، أمس، في جنيف، وتتحدث عن "تكتيك روسي للضغط على المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، لتحويل مفاوضات جنيف إلى أستانة، وبالتالي نقل السياسي والعسكري إلى تفاوض وفق أجندات روسيا. وهذا الأمر لن يحصل ولن نسمح به". ويجزم الريس بأن هناك "أخطاء يرتكبها المبعوث الدولي دي ميستورا في طريقة إدارته لعملية التفاوض"، مبينًا أن ثمّة انطباعًا بأن المبعوث الأممي لا يمارس ما تضمنته ورقة دعوته للتفاوض وآلياتها.
ومن جانب آخر، قال مبعوث غربي إلى المفاوضات، وهو متواجد منذ عهد المبعوث الأممي السابق، الأخضر الإبراهيمي، لـ"العربي الجديد": "نعم هناك مشكلة خلقتها الدعوة، ونحن نحاول أن نقول للروس إن القرار 2254، الذي ينص على أن الائتلاف يمثل وفد التفاوض، يضم أيضًا منصتي القاهرة وموسكو ممثلين في هذا الوفد". وهي إشارة إلى أن الروس يمارسون نوعًا من الضغوط على دي ميستورا.
وبالرغم من أن "وفد القاهرة" يبدو مرتاحًا لمباحثاته مع وفد الائتلاف حول آليات التفاوض ونتائجها، المتمثلة في الانتقال السياسي، تبدو "العقدة في وفد موسكو"، وفقًا لمصدر دبلوماسي غربي مرافق في فندق "كراون بلازا"، حيث تقيم المعارضة.
وحول ما جاء في كلام رئيس وفد النظام، بشار الجعفري، وتركيزه في مؤتمره الصحافي، أمس، على مكافحة الإرهاب، قال الدبلوماسي الغربي حرفيًّا: "أؤكد بأن أحدًا من الوفود الغربية لم يعد يصدق كل الهراء الذي يحاول من خلاله وفد النظام حرف المسار بالحديث عن الإرهاب. لقد سبق وقيل للنظام في 2014، وكنت شاهدًا على ذلك: متى إذًا تعتقدون أنه يمكن الدخول في العملية السياسية؟ وكان جوابهم حتى القضاء على آخر إرهابي... وهذا بالنسبة لنا هراء لا يفيد أبدًا. قلنا أيضًا للروس أنتم عقدتم أستانة لوقف إطلاق النار، أين هو وقف إطلاق النار وبناء الثقة اليوم؟".
وأضاف الدبلوماسي، الذي يمثل وزارة خارجية بلده، ويعرف الملف السوري ويتابعه عن كثب: "دعني أقول لك إن تكتيكات النظام السوري أصبحت واضحة لنا جميعًا. وبالمناسبة مجرد إخراج العملية السياسية من عنق الزجاجة سيعني بكل بساطة نهاية النظام في سورية والانتقال إلى نظام آخر. ولهذا نرى تكتيكاته بالقصف هناك، والمراوغة هنا، بدعم روسي للأسف".
وحين طرح "العربي الجديد" على المبعوث الغربي ذاته سؤالًا حول موقف الحكومات الغربية الآن مما يجري، فإنه تحفّظ عن الإجابة قائلًا "ننتظر موقفًا أميركيًّا أوضح".
ويتّفق عصام الريس أيضًا مع رأي الدبلوماسي الغربي بالقول: "أي نقاش حول الانتقال السياسي يعني بالفعل نهاية النظام، لذا لسنا مختلفين، كما يقال، مع وفد القاهرة، بل هم ممثلون بـ9 أشخاص في وفد المعارضة، وجمال سليمان وجهاد مقدسي يعرفان ذلك أيضًا. وعليه هم يريدون انتقالًا سياسيًّا ونحن نريده، وأيًّا كانت الآليات فهي ستؤدي حتمًا بنا جميعًا إلى الهدف نفسه".
لكن كل ذلك لا يعني أبدًا أن الخلافات في وجهات النظر بين أعضاء الوفد المعارض ليست موجودة، وهو ما يلمّح إليه الريس مستدركًا بأنها "خلافات عادية وليست في عمق الأشياء. الشكليات لا تعنينا كثيرًا. ما يعنينا هو أن نباشر في ما يخاف منه النظام، ولذلك يستغل كل الأعمال العسكرية التي يحاول تجييرها لمصلحته. لكنه فشل مرة أخرى".
وفي تأكيد آخر على أن الورقة التي قدمها دي ميستورا تحتوي على بند الانتقال السياسي، قال المستشار الإعلامي لوفد المعارضة، يحيى العريضي، لـ"العربي الجديد": "نعم هي ورقة في مقدمتها الحوكمة، أي بمعنى إيجاد طريقة حكم، وعطفًا عليها تأتي الأمور الأخرى التي تنص عليها (مؤتمرات) جنيف والقرارات الدولية. لذا نرى ما جرى في حمص والتصعيد العسكري أمس واليوم، وغضب الجعفري وتوتره، كانت كلمات نطق بها من شأنها أن ترتد عليه كالسهم لو أن إعلام المعارضة استطاع التعامل معها".