وكان بارزاً في بيان "مركز المصالحة الروسي"، أمس الخميس، إشارته إلى شن الفصائل المسلحة هجوماً على حلب. وأوضح أن "مجموعة من المسلحين، تضم ما يصل إلى 50 شخصاً، بدعم من أربع شاحنات صغيرة مزودة برشاشات ثقيلة حاولت مهاجمة مواقع القوات الحكومية في مدينة حلب من اتجاهين. وزعم أنه تم صد الهجوم، مشيراً إلى أن "المسلحين تكبدوا خسائر، حيث قتل سبعة وأصيب تسعة، فيما قتل شخصان وأصيب أربعة من القوات السورية".
كذلك نقل موقع "روسيا اليوم" عن مصدر في قوات النظام السوري تأكيده قيام الفصائل المسلحة بهجوم وصفه بـ"العنيف" في جنوب وجنوب شرقي إدلب. واعترف المصدر "باختراق محور التح - أبو حريف- السمكة، عبر استخدام مختلف أنواع الأسلحة ومن ضمنها العربات المفخخة، وتحت غطاء ناري كثيف"، زاعماً أن قوات النظام "أعادت انتشارها، وعملت بكفاءة عالية على امتصاص الهجوم ومنع تطوّره".
لكن هذه الرواية قوبلت بتشكيك واسع وسرعان ما سقطت، إذ أعلن القيادي في فصائل المعارضة السورية العقيد مصطفى البكور، لـ"العربي الجديد"، أن الفصائل استهدفت قاعدة صواريخ مضادة للدروع تابعة للقوات الروسية والنظام على محور قرية التح، ما أدى إلى تدميرها ومقتل وإصابة العناصر الذين كانوا بالقرب منها. وأشار إلى أن الأربعين عنصراً، الذين أعلن الروس مقتلهم، هم حصيلة الأعمال القتالية التي نفذتها الفصائل المسلحة خلال الأيام الماضية، معتبراً أن الروس "يكذبون"، مضيفاً: "خسائرهم أكبر من هذا الرقم. وفق مصادرنا من داخل مستشفيات مدينة حماة هناك 150 قتيلاً، بينهم 4 ضباط روس، بالإضافة إلى مئات الجرحى". وأكد البكور أن قوات النظام تتحضر لشن هجوم، مضيفاً: "نحن نعمل على إفشال خططهم من خلال العمليات النوعية الخاطفة". وتوقع أن "تشن قوات النظام هجوماً الجمعة أو السبت"، مضيفاً: "لدينا معلومات عن أن الروس يضغطون على قوات النظام لزج أعداد كبيرة من المسلحين، وعدم التوقف عن الهجمات، بهدف إنهاك المدافعين وإجبارهم على الانسحاب".
وفي السياق نفسه، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنه "لا صحة للمعلومات التي تتداولها روسيا ووكالة أنباء النظام الرسمية حول هجمات عنيفة للفصائل على مواقع قوات النظام بأرياف إدلب الجنوبية والشرقية والجنوبية الشرقية خلال الـ 24 ساعة الفائتة، لكن حقيقة ما جرى في المنطقة يوم أمس (الأربعاء) تكمن في استهداف أسراب من الطائرات الحربية والمروحية بنحو 400 غارة جوية وبرميل متفجر لعشرات المدن والبلدات والقرى بريفي حلب وإدلب". وأوضح أنه "في الحديث عن الإحصائية الروسية لعدد قتلى قوات النظام بمنطقة خفض التصعيد والذي بلغ 40 قتيلاً وفق الروس، فإن المرصد السوري يؤكد أن الرقم الحقيقي وصل إلى نحو 119 قتيلاً خلال 8 أيام أي نحو ضعفي ما تداوله الروس، فيما يبدو أن روسيا تسعى عبر ما بثته من معلومات وإحصائيات عما تقترفه طائراتها برفقة طائرات النظام للتغطية على قتل 73 مدنياً في حلب وإدلب بينهم 32 طفلاً، وذلك منذ يوم الأربعاء الـ15 من الشهر الحالي، بالإضافة لتهجير نحو 80 ألفاً خلال الفترة نفسها من مناطق بريف حلب الغربي".
وزادت في الأيام الماضية وتيرة القصف الجوي، من قبل الطيران الروسي وقوات النظام على محافظة إدلب ومحيطها. وقتل الطيران، أمس الخميس، عائلة مؤلفة من 5 أشخاص نازحين إلى سراقب كبرى مدن ريف إدلب الشرقي. وقالت مصادر محلية إن "الطائرات الحربية الروسية استهدفت، بعدد من الصواريخ، مزرعة تبعد عن مدينة سراقب قرابة 5 كيلومترات، تؤوي نازحين من أرياف إدلب، ما أسفر عن مقتل خمسة، من بينهم ثلاثة أطفال، وإصابة 15 بجروح". كما استهدفت الطائرات الحربية الروسية محيط مدينة أريحا بإدلب، ومدينة كفرنبل بريف إدلب الجنوبي، وبلدات ومناطق كفرناها والبحوث العلمية والراشدين بريفي حلب الغربي والجنوبي، فيما استهدفت طوافات النظام بالرشاشات الثقيلة خان السبل وبابيلا بريف إدلب. كما قصفت قوات النظام السوري كفرناها والمنصورة وخان العسل بريف حلب الغربي. وطاول القصف المدفعي قرى جب سليمان وجسر بيت الراس والحويجة والحواش، بريف حماة الغربي. وألقت مروحيات النظام براميل متفجرة على قرية الحميرة بحلب.
وذكر موقع "بلدي نيوز" الإخباري المعارض أن الطائرات الحربية الروسية، والمروحية التابعة للنظام، شنت عدة غارات جوية، بالصواريخ الفراغية والبراميل المتفجرة، على قرى وبلدات زيتان، وخلصة، وخان طومان، والحميرة، وإيكادرا بريف حلب الجنوبي. وأشار إلى أن المروحيات قصفت بالبراميل المتفجرة بلدة كفر حمرة ومنطقتي جبل شويحنة والليرمون بريف حلب الشمالي، ما خلف دماراً بالممتلكات. وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان رصد أكثر من 395 ضربة جوية، منذ الأربعاء، استهدفت خلالها طائرات النظام الحربية والمروحية والطائرات الروسية عشرات المدن والبلدات والقرى بريفي حلب وإدلب، وطاولت بشكل خاص بلدات وقرى الدير الشرقي، والدير الغربي، وخان السبل، وبابيلا، ومعصران، والغدفة، والحامدية، وحاس، ومعرشورين، ومعرشمشة، ومعرشمارين، ودير سنبل، والبارة، وسرجة، والدانة، وتل كرسيان، ومعردبسة، وكفروما، والرويحة، وبينين، وحنتوتين، والشيخ ادريس في الريفَين الجنوبي والشرقي لمحافظة إدلب.
ويعتبر القصف الروسي المكثف على ريفي حلب وإدلب تمهيداً لبدء قوات النظام بتقدم بري جديد في الريفين، بعد استكمال الحشد في ريفي حلب الجنوبي والغربي. وحاولت هذه القوات، خلال الأسبوع الحالي، التقدم في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، إلا أنها جوبهت برد من فصائل سورية باتت على أهبة الاستعداد للدفاع عن معاقلها في الشمال الغربي من سورية، وفق قياديين في هذه الفصائل. ويرمي الروس إلى تهجير أهالي ريفي إدلب الشرقي والجنوبي وريفي حلب الجنوبي والغربي، وهو ما تحقق إلى حد بعيد، حيث باتت هذه الأرياف خالية من سكانها الذين نزحوا إلى الشمال السوري. ودعا المتحدث باسم المفوضية الأوروبية بيتر ستانو، أمس الخميس، النظام السوري وداعميه إلى وقف استهداف المدنيين في محافظة إدلب. وأوضح، في بيان، أنه "من غير الممكن قبول الهجمات التي أودت بحياة 35 شخصاً، معظمهم من الأطفال والنساء." وأشار إلى أن "وقف إطلاق النار في إدلب قد تم خرقه، وأن نحو 350 ألف شخص اضطروا لترك ديارهم بسبب الهجمات الجوية". وأكد أن "عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد نظام (بشار) الأسد ستستمر، في حال واصلت قواته هجماتها ضد المدنيين في إدلب".
وكانت الأمم المتحدة أعلنت، الأربعاء الماضي، مقتل أكثر من 1500 مدني، بينهم 430 طفلاً و290 امرأة، في إدلب والمناطق المحيطة بها في الشمال الغربي من سورية منذ إبريل/نيسان الماضي. وقالت نائب المتحدث باسم الأمين العام إيرين كانيكو، في مؤتمر صحافي في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، إن "ما يقدر بنحو 358 ألف شخص في إدلب اضطروا للنزوح خلال الشهرين الماضيين وحدهما". ويشهد ريفا إدلب الجنوبي والشرقي، منذ أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، هجوماً عسكرياً برياً من قبل قوات النظام والمليشيات الموالية له بدعم من روسيا. وارتفعت وتيرة الهجوم أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي، حيث سيطرت خلاله قوات النظام على عشرات القرى والبلدات بالمنطقة، بعد قصف مكثف بمختلف أنواع الأسلحة ما تسبب بمقتل وجرح مئات المدنيين ونزوح مئات الآلاف منهم.