إيران تهدد بـ"إعادة النظر" في عقيدتها النووية... وروسيا تحذر من انهيار الاتفاق

09 نوفمبر 2019
رفض عراقجي إعادة العقوبات على إيران (فرانس برس)
+ الخط -

صعّدت طهران، اليوم السبت، مواقفها عبر التهديد بـ"إعادة النظر" في عقيدتها النووية إذا تجاوز الشركاء الأوروبيون في الاتفاق النووي المبرم عام 2015 "خطوطها الحمراء" من خلال تفعيل آلية فض النزاع الخاص بالاتفاق، التي تعيد من جديد العقوبات على إيران وتُدرج تحت الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، بحسب تصريحات لمساعد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، خلال مؤتمر منع الانتشار النووي، المنعقد في العاصمة الروسية موسكو.

وأضاف عراقجي أنّه "في حال كانت مكافأة إيران بعد كل هذا التعاون والتعامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية هي إعادتها إلى الفصل السابع، فذلك يعني أن عقيدتنا النووية كانت خاطئة وأنه يجب أن نعيد النظر فيها"، من دون أن يكشف عن طبيعة الخطوات التي ستقدم عليها بلاده في حال تخطت الأطراف الأوروبية "خطوطها الحمراء" بتفعيل آلية فض النزاع، في مواجهة سياسة تقليص إيران تعهداتها النووية باستمرار.

إلا أنّ عراقجي أكد "التزام إيران بعدم إنتاج الأسلحة النووية"، لكنه أشار في الوقت نفسه، إلى أنّ قبولها بقيود على برنامجها النووي بموجب الاتفاق النووي لفترات زمنية تتراوح بين 10 و15 وحتى أحياناً 20 و25 عاماً "كان بدافع بناء الثقة"، ليخاطب الأطراف الأوروبية قائلاً "لا تتوقعوا من أي دولة أن تواصل بناء الثقة للأبد".

وسبق أن هددت أوروبا، في يوليو/ تموز الماضي، باحتمال لجوئها إلى هذه الآلية التي من شأن تفعيلها أن يسفر في نهاية المطاف عن معاودة فرض الأمم المتحدة عقوبات على إيران، قبل أن تلمح مصادر غربية أخيراً إلى احتمال تنحية هذا الإجراء، بعد تنفيذ إيران المرحلة الرابعة لتقليص تعهداتها النووية، وسط استبعاد مراقبين ذلك.

وفي يوليو/ تموز الماضي، طالب وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي، في بيان مشترك، بتحديد موعد لعقد لجنة مشتركة بشأن إيران بغرض تفعيل آلية فض النزاع في الاتفاق النووي، معربين عن قلقهم "البالغ"من زيادة إيران لمستوى تخصيب اليورانيوم.

انهيار الاتفاق بات وشيكاً

وهدد المسؤول الإيراني بأنّ بلاده ستواصل خفض التزاماتها النووية "إلى أن تصل إلى نهاية هذه التعهدات قريباً بحيث لا يبقى أي تعهد لكي توقف تنفيذه"، في إشارة واضحة إلى أنّ انهيار الاتفاق النووي بات وشيكاً على ضوء المعطيات الراهنة، ما لم تحصل مفاجآت من العيار الثقيل، خلال الفترة المقبلة.

وأبرمت إيران الاتفاق مع مجموعة 1+5، لتقطع على نفسها التزامات نووية مقابل امتيازات اقتصادية، تمثلت في إلغاء العقوبات الأميركية والأوروبية والأممية وإخراجها من تحت الفصل السابع للأمم المتحدة، الذي يجيز استخدام القوة ضد الدول التي يدرج اسمها تحت هذا الفصل.

وقدّم عراقجي سردية عن سياسة بلاده تجاه الاتفاق النووي، بعدما أدخلته واشنطن في موت سريري، بفعل انسحابها منه في مايو/ أيار 2018، وإعادة فرض عقوبات مشددة على طهران على مراحل عدة، قائلا إنها أثناء تقليص تعهداتها النووية في أربع مراحل، "كانت تمنح بعد تنفيذ كل مرحلة مهلة الشهرين للدبلوماسية"، مؤكداً أنّ الأطراف الأوروبية لم تغتنم هذه الفرص.

وأوضح مساعد وزير الخارجية الإيراني، أنّ إيقاف إيران تعهداتها النووية "حق لها"، مشيراً إلى أنّ "البند الـ36 ينص على أننا بمقدورنا أن نوقف تعهداتنا كافة أو جزءاً منها، ما لم تنفذ بقية الأطراف التزاماتها".


وعزا عراقجي سبب خفض بلاده تعهداتها النووية بشكل تدريجي إلى سعيها "لإنقاذ الاتفاق النووي وليس تدميره"، عبر منح الوقت للدبلوماسية، معللاً ذلك بأنّها "بدأت من خطوات بسيطة ثم اتجهت نحو خطوات أصعب".

وتابع أنّ طهران "لا تزال تعمل على أساس الاتفاق النووي"، لافتاً إلى أنّ القضية المطروحة اليوم هي "تنفيذ كامل للاتفاق"، معرباً عن استعدادها للعودة إلى ذلك "شريطة ضمان مصالحنا بالاتفاق النووي".

وتأتي تصريحات مساعد وزير الخارجية الإيراني في وقت كشفت فيه الهيئة الإيرانية للطاقة الذرية، اليوم السبت، عن المزيد من تفاصيل خطوات طهران لخفض تعهداتها النووية بمرحلته الرابعة التي بدأت تنفيذها اعتباراً من الخميس الماضي، وهي تشمل تفعيل منشأة "فوردو" النووية، تلك المنشأة الأكثر حساسية بالنسبة للغرب، لتستأنف فيها عملية تخصيب اليورانيوم عند مستوى 5%، في خطوة تكسر الحظر الذي فرضه الاتفاق النووي على نشاط "فوردو" الخاص بالتخصيب، لينص على ضرورة تحويل هذا النشاط إلى بحثي بحت.

روسيا تحذر من انهيار الاتفاق

من جانبه، قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، متحدثاً في مؤتمر حظر الانتشار النووي المنعقد في موسكو، "لن تستفيد إيران، ولا الولايات المتحدة، ولا أوروبا، ولا بقية العالم من انهيار الاتفاقية (خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن البرنامج النووي الإيراني)".

وأضاف: "ستتصاعد موجة التوتر الزائد إلى صراع مفتوح وسيعود بعواقب وخيمة على جميع أنحاء العالم، وسيؤثر على الاقتصاد، ويضرب الأسواق المالية والسلع"، بحسب وكالة "سبوتنيك" المحلية.

وأشار ريابكوف إلى أنّ"موسكو تأمل أن يتم فهم تلك المخاطر في واشنطن".

وحذر المسؤول الروسي من أنّ "الانهيار النهائي الافتراضي لخطة العمل المشتركة الشاملة، سيؤدي إلى أزمة كبرى جديدة في الشرق الأوسط".