نزيف قادة النظام السوري يتواصل

01 مارس 2017
دمار جراء قصف النظام أخيراً بمحافظة إدلب(عمر قدور/فرانس برس)
+ الخط -
مع وصول المفاوضات السورية الجارية في مدينة جنيف السويسرية لنقطةٍ حرجة، وفي ظل إصرار الروس على دعم موقف النظام المُطالب بجر المفاوضات نحو بحث قضايا "مكافحة الإرهاب" عوضاً عن تركيزها على مسارات الانتقال السياسي، زادت خروقات النظام لوقف إطلاق النار من هشاشة هذا الاتفاق، إذ تواصل قواته تصعيدها العسكري لا سيما في مناطق سيطرة المعارضة شمال شرق دمشق. وتواصل قصف قوات النظام مناطق تسيطر عليها المعارضة المسلحة في حيي القابون وتشرين، شمال شرق العاصمة السورية، بالتوازي مع محاولات تقدم مستمرة لقوات النظام داخل هذه الأحياء منذ أكثر من أسبوع، فيما تؤكد فصائل المعارضة أنها أفشلت جميع هذه الهجمات.


وأكدت مواقع وصفحات موالية للنظام على شبكة الإنترنت، مقتل قائد عمليات النظام العسكرية في حيي برزة والقابون، العميد بلال إبراهيم مبارك، خلال معارك ضد المعارضة في تلك المناطق. وذكرت مصادر موالية للنظام، الأربعاء الماضي، أن القتيل البالغ من العمر 47 عاماً، قُتل في معارك ضد المعارضة بمحيط حي القابون، واصفةً إياه بـ"زعيم المصالحات"، نظراً لدوره في "المصالحات والتسويات" التي قام بها النظام أخيراً، في الريف الغربي لدمشق.


وتخضع أحياء برزة والقابون وتشرين لاتفاقيات هدن مع النظام، كان الأخير أبرمها مع المعارضة في فترات مختلفة اعتباراً من مطلع عام 2013. وتلك الهُدن شكلت خدمة للنظام من خلال تهدئة القتال بهذه المناطق، حيث كان يخوض معارك بمحيط دمشق على جبهات كثيرة. لكن ومنذ أن نجح بإنهاء وجود المعارضة في جبهات داريا وخان الشيح ووادي بردى، بعد عمليات عسكرية فيها، وكذلك معضمية الشام والتل وقدسيا والهامة (وكلها مناطق كانت تسيطر عليها المعارضة بمحيط دمشق)، خرق اتفاقيات برزة والقابون وحي تشرين، في مسعى للسيطرة عليها، الأمر الذي من شأنه أن يساعده على تضييق الخناق على مناطق غوطة دمشق الشرقية القريبة من هذه الأحياء.


ولم تقتصر خروقات النظام على مناطق المعارضة في "حزام دمشق"، إذ واصلت قواته قصف مدن وبلدات أخرى وسط وشمال البلاد. وقتلت امرأة وجرح أربعة مدنيين جراء قصف مدفعي لقوات النظام على مدينة تلبيسة بريف حمص الشمالي، فجر اليوم، والتي تم استهدافها بقذائف الهاون والمدفعية. كما طاول القصف بلدة الغنطو وحي الوعر الذي يُعتبر آخر مناطق سيطرة المعارضة ضمن مدينة حمص.



وقتل أحد عشر مدنياً على الأقل وجرح آخرون في قصف جوي روسي على قرية حطلة في ريف دير الزور شرق سورية، بحسب ما أكدت مصادر محلية لـ"العربي الجديد". والغارة الروسية استهدفت مجموعة من المدنيين خلال محاولتهم عبور نهر الفرات في قرية حطلة بريف دير الزور الشرقي. وأوضحت المصادر، أن الطيران الحربي الروسي استهدف منطقة المعبر المائي عدة مرات سابقة، ما أدى لمقتل وجرح عشرات المدنيين بينهم أطفال ونساء، كما قتل عناصر من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) خلال محاولتهم العبور من المنطقة. ويعتمد المدنيون على المعابر المائية في دير الزور وريفها، بعد استهداف الطيران الروسي وطيران التحالف الدولي معظم الجسور على نهر الفرات والذي أدى لدمارها وخروجها عن العمل.


كذلك، قتل شخصان بقصف من طيران "التحالف الدولي" على منطقة معبر سفيرة تحتاني في ريف دير الزور الغربي، وفقاً لما ذكرته المصادر، فيما تجددت الاشتباكات بشكل متقطع بين تنظيم "داعش" وقوات النظام في محيط مطار دير الزور العسكري ومنطقة المقابر ومحيط سرية جنيد.


وذكرت مصادر محلية، أن قوات النظام السوري أحرزت تقدماً في منطقة جبل هيال، بمواجهة تنظيم "داعش"، وسيطرت على عدة مواقع في المنطقة الواقعة جنوب غرب مدينة تدمر، وتمكنت أيضاً من السيطرة على مواقع في طريق تدمر دمشق، بعد معارك أوقعت قتلى وجرحى في صفوف الطرفين.


وأدى تقدم قوات النظام مع المليشيات المساندة لها في مناطق كانت خاضعة لتنظيم "داعش" بريف حلب الشمالي الشرقي، لنزوح الآلاف من سكان قرى وبلدات هناك، نتيجة القصف الجوي والمدفعي الكثيف الذي تتعرض له مناطقهم. وشهدت عدّة قرى وبلدات عمليات نزوح واسعة إثر تقدّم قوات النظام في عدّة قرى نحو جنوب منبج، وتقدّم "قوات سورية الديمقراطية على المحور ذاته. وقال الناشط الموجود قرب مدينة الباب، عمر الشمالي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "قوات النظام السوري سيطرت، خلال الأيام الماضية، على عدّة قرى في جنوبي غربي منبج، ومنها قرى سكّرية صغيرة وسكّرية كبيرة بعد انسحاب تنظيم داعش منها".

وأوضح أن قوات النظام تمكّنت من الوصول إلى مناطق "قوات سورية الديمقراطية" في جنوب غرب منبج بعد سيطرتها على قرية جب الخفي. وأضاف أن حركة نزوح كبيرة حدثت بين الأهالي، بعد التقاء قوات النظام مع قوات "سورية الديمقراطية" التي تشكّل "وحدات حماية الشعب" الكردية القسم الأكبر منها، وهو ما أدّى أيضاً لقطع طريق "درع الفرات تجاه الرقّة"، بحسب قوله.


وبيّن الشمالي أن أكثر من 30 ألف مدني نزحوا من قرى ريف حلب الشرقي وريف منبج الجنوبي، أبرزها قرى "كريدية وحمران وسكرية كبير وسكرية صغير". وأوضح أن النزوح تم نحو المناطق الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة السورية المسلّحة، مثل مخيّمات سجّو وشمارين ومدينة إعزاز في ريف حلب الشمالي. وأشار إلى أن أوضاع المدنيين النازحين ازدادت سوءاً، لا سيما أن عملية التقدّم جاءت بشكلٍ مفاجئ، ما دفع الأهالي للهروب والسير مسافات بعيدة للوصول إلى مناطق المعارضة السورية.


من جهة أخرى، شهدت مدينة دير حافر في ريف حلب الشرقي، موجة نزوحٍ كبيرة باتجاه مدينة الخفسة وذلك على خلفية القصف المدفعي والجوي الذي شنّته قوات النظام عليها، الأربعاء، والتي أدت إلى مقتل 10 أشخاص بينهم نساء وأطفال. وأوضح الشمالي أن قوات "درع الفرات" تتجه إلى الهجوم على القرى الشمالية والغربية التابعة لمنبج "لتحريرها من قوات سورية الديمقراطية"، على أن "يتم التوجّه من محور ريف جرابلس الجنوبي تجاه شمال منبج، ومن محور ريف الباب الشرقي نحو غرب منبج"، بحسب تأكيده.


وفي جنوب سورية، أعلنت فصائل عسكرية تابعة لـ"الجيش السوري الحر" في مدينة نوى بمحافظة درعا، عن تشكيل "غرفة عمليات نوى" لمحاربة تنظيم "داعش" في منطقة حوض اليرموك، والذي تخوض معارك ضده، منذ أيام، فقدت على أثرها العشرات من مقاتليها.


وفي هذا السياق، ذكرت مصادر محلية أن "جيش خالد" التابع لـ"داعش"، أعدم مقاتلين من فصائل "الجيش الحر" خلال معارك تل الجموع الاستراتيجي في ريف درعا الغربي، موضحة أن التنظيم نفذ عمليات إعدام ميدانية لأسرى من "الجيش الحر" أثناء معركة جرت الثلاثاء الماضي، والتي أخفقت فيها المعارضة في استعادة السيطرة على التل الاستراتيجي.