خطب العيد في لبنان: مواقف سياسية حادّة و"دعوة انقلابية"

24 مايو 2020
حضر دياب صلاة العيد في بيروت (فرانس برس)
+ الخط -

طغت المواقف السياسية الحادّة على الخطب التي ألقيت بمناسبة عيد الفطر في مساجد لبنان، وكان أبرزها كلمة المفتي أحمد قبلان التي وجهها إلى اللبنانيين وعرّضته لهجوم واسع من شخصيات سياسية، وناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وأكّد قبلان أنّ "أصل نشأة لبنان تمّ على أساس طائفي واستبدادي بوظيفة خدمة المشروع الاستعماري والاحتكاري وهذه الصيغة قد انتهت، وما قام به بشارة الخوري ورياض الصلح لم يعد يصلح لدولة إنسان ومواطن، بل أيضاً مرحلة وانتهت. وعليه نصر وبكل صرخة مدوية، أننا ولحماية البلد وكسر الوثنية السياسية، ولإنقاذ لبنان، وتأكيد العيش المشترك، والسلم الأهلي فيه، مطالبون بإسقاط الصيغة الطائفية لصالح دولة مواطن، دولة لا طائفية، دولة إنسان، دولة بقانون يلحظ المواطن بما هو مواطن، إلا ما خص شؤونه الشخصية، فكفانا ترقيعاً بهذا البلد، لأن البلد سقط، سقط لأن دستوره فاسد، وآلية الحكم فيه فاسدة، وطائفيته فاسدة، ومشروعه السياسي فاسد، وتسوياته المختلفة فاسدة".

وأضاف: "تداركاً للأزمة غير المسبوقة، المفروض بالحكومة الاندفاع نحو خطوط الاستيراد، وتدشين ورش إنقاذية وحماية الأسواق، واليد العاملة اللبنانية، وفتح خط رسمي مباشر مع دمشق بخصوص النازحين، وعدم الإصغاء للمجتمع الدولي الكاذب، لأن هذا المجتمع الدولي قد ابتزنا، وما زال يتفرج علينا، ويزيد من أعبائنا، ويصر على تحويل النزوح إلى كارثة خدمية ومالية واقتصادية وديمغرافية وسياسية، وهذا يجب أن ينتهي".

واعتبر المحلّل السياسي نوفل ضو في تغريدة على حسابه عبر "تويتر" أن كلام المفتي قبلان هو انقلابٌ على الكيان اللبناني وهويته التاريخية ودوره الحضاري والميثاقية التي قام عليها ويستدعي موقفاً رافضاً وشاجباً ومديناً بحسم وحزم من كل القيادات السياسية والروحية اللبنانية.


بدوره، سأل وزير العمل السابق سجعان قزي المفتي قبلان في تغريدة على حسابه عبر "تويتر"، "هل إذا أضفنا اسم السيد حسن نصرالله (أمين عام حزب الله اللبناني) بيمشي حال الصيغة؟ هذا كلام أخطر من نشاز الفدرالية أو التقسيم، هذا إلغاء لبنان".


من جهة أخرى، قال مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان في خطبة عيد الفطر اليوم الأحد، من جامع محمد الأمين وسط بيروت بحضور رئيس الحكومة حسان دياب، "أيها اللبنانيون، تعمل الحكومة على مكافحة الفساد، واستعادة المال المنهوب، فهذا عمل يسجل لها وتشكر عليه، وعلى ما تقوم به من مجهود لصالح الوطن والشعب، ونتمنى لها ولرئيسها التوفيق والنجاح، للنهوض بلبنان، والخروج به من أزماته المحدقة، ونطالب الحكومة بالإسراع في اتخاذ الإجراءات الحازمة، ووقف نزيف انهيار العملة الوطنية".

وأضاف: "دولة الرئيس، أنت مؤتمن على مصالح الناس، وأنت مسؤول عن قضاياهم وحل أزماتهم، إنهم يعلقون أملهم عليك، فلا تخيب أملهم، والأمر لا يحتمل التأخير". وسأل، "لماذا لم تصدر التشكيلات القضائية التي اقترحها مجلس القضاء الأعلى؟ ثم أين قانون العفو العام الشامل، الذي كان ينبغي أن يصدر قبل سنوات عدة، وتأخير إصدار هذا القانون، يتحمل مسؤوليته جميع السياسيين الذين وعدوا بالإفراج عنه، ولم يتحقق ذلك حتى الآن"؟ وشدد على أننا "لا نقبل الإخلال بالدستور، ولا تهميش رئاسة الحكومة أو المسّ بصلاحيات رئيس الحكومة، لأن الإخلال بالدستور، يصنع أزمة سياسية، تقع في أصل الانهيار الكبير الذي يعانيه لبنان".


بدوره، أكد شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن أنه "إزاء ما تشهده بلادنا في هذه المرحلة الخطيرة من تحديات معيشية حياتية اقتصادية اجتماعية، أملنا من المسؤولين الإقلاع عن استخدام الدولة ومؤسساتها للمصالح الخاصة والفئوية أو لتصفية حسابات أو كيدية أو غيرها. التوقف عن التنابذ وتراشق الاتهامات ورمي المسؤوليات، والانكباب فوراً إلى ورشة إصلاح جذري تطاول كل القطاعات التي يملأها الهدر والفساد، وتقديم رؤية اقتصادية مبنية على تفاهم وتشاور مع كل القطاعات، لكي تكون خطة مدروسة عادلة اجتماعياً وقابلة للتطبيق، وتلقى قبولاً من صندوق النقد الدولي لمساعدة لبنان".

وأمّ مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، المصلين في الجامع المنصوري الكبير، وقال، "صحيح أن الحاجة كبيرة في الشمال ولكن المسؤولية الأولى والأخيرة تقع على كاهل الدولة، فالضمان الصحي العام ينبغي أن تؤمنه الدولة لأبنائها، والتعليم المجاني حتى نهاية المرحلة الجامعية يجب على الدولة أن تؤمنه لكل ابنائها عبر المدارس والجامعات، والنقل المشترك المحلي وعبر المحافظات ومدن الدولة مهمة الدولة".

ورغم إهمال الدولة لطرابلس وارتفاع معدلات الفقر والبطالة فيها والتوقيفات التي طاولت الناشطين والاعتداءات التي تعرض لها هؤلاء من قبل الأجهزة الأمنية، وحجز المصارف لودائع اللبنانيين استنكر المفتي التخريب الذي لحق بالمصارف وبيوت المسؤولين، ودعا المنتفضين "ألا يكونوا صورة سلبية عن مدينتهم ويخرجوا من صفوفهم عناصر الطابور الخامس الذين جاؤوا لتشويه سمعة طرابلس وابنائها".

أما رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، فأدى الصلاة في مسجد الإمام علي في الطريق الجديدة بعد حضوره برفقة موكب، خارقاً إجراءات مكافحة كورونا.


وألقى خطبة العيد المفتش العام المساعد لدار الفتوى الشيخ حسن مرعب الذي تحدث عن إنجازات الرئيس الراحل رفيق الحريري، وانتقد الذين يعملون على محاربة الحريرية السياسية، وقال، "تذكروا وانظروا بأم أعينكم إلى شوارع لبنان ومن بنى هذا البلد. من الذي مهد الطرقات التي تمشون عليها؟ من الذي بنى الجسور التي تقطعونها للوصول إلى مناطقكم؟ من الذي بنى لكم تلك المباني الشامخة في وسط بيروت؟ لذلك، ستبقى بيروت وفية لرفيق الحريري ولمن هو على نهج رفيق الحريري. لا يمكننا أن نتخلى عن رفيق الحريري ولا عن ابن رفيق الحريري. سنحافظ على هذا النهج وسنبقى على هذا الوفاء، الذي من خلاله نمنع الفتنة ونحافظ على لبنان وأمنه وأمانه ووسطيته واعتداله".


من جهته، هنّأ البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي اللبنانيين والمسلمين بعيد الفطر وقال في عظة الأحد، إنّ "الأوضاع الدقيقة في بيئتنا لا تسمح لأحد أن يورط لبنان في صراعات خارجية تقضي على سيادته واستقلاله أو أن يحوّله الى ساحة حرب. وإلا كيف نطرق أبواب العالم دولاً ومؤسسات طالبين إنقاذ لبنان اقتصادياً ومالياً"؟ وهذه رسالة واضحة إلى حزب الله الذي يخرق النأي بالنفس عن صراعات المنطقة الذي يلتزم به لبنان، ويخوض جرائم حرب مع النظام السوري.


وتوجه الرئيس ميشال عون بالتهنئة إلى اللبنانيين في عيد الفطر وقال، "أشاطركم ما تشعرون به من أسى سواء كنتم في الحجر أو في المستشفى وأشد على أياديكم واثقاً أنّ العزم الذي فيكم قادر على التغلب على أقسى الظروف".


في سياق آخر، وبمناسبة عيد "المقاومة والتحرير" في 25 مايو/أيار، تلقى عون اليوم الأحد برقية من نظيره الإيراني حسن روحاني، قال فيها إن "هذا الانتصار التاريخي (على العدو الإسرائيلي) تحقق من خلال صمود مقاومة اللبنانيين، ولا شك أن تلاحم وتكاتف الشعب اللبناني في ظل الحكومة والجيش والمقاومة هو العامل الأساس في استمرار منجزات لبنان في مقارعة العدو والتغلب على مؤامرات الأعداء والذي تجلى في فترة فخامتكم جيداً. إنني على ثقة بأنّ الشعب اللبناني سوف لن ينسى أبداً خياره الاستراتيجي هذا".