سورية: معارك أساسية قبل انعقاد مؤتمر أستانة

19 يناير 2017
قوات "درع الفرات" تتقدم في الشمال الحلبي (حسين نصير/الأناضول)
+ الخط -

تتصدّر ثلاث معارك المشهد الميداني السوري، الأولى في وادي بردى المحاصر بريف دمشق من قوات النظام والمليشيات الموالية. المعركة الثانية في مطار دير الزور العسكري، وما تبقى من أحياء يسيطر عليها النظام، بفعل هجوم تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). المعركة الثالثة في مدينة الباب، التي تشهد تصعيداً جديداً من خلال تعرّضها للقصف للمرة الأولى من التحالف الدولي دعماً لـ"درع الفرات" المدعوم تركياً، كما تواصل القصف في العديد من المناطق السورية بشكل متفرق، تحديداً في تدمر، بعد إعلان وزارة الدفاع الروسية أن "قوات النظام تشنّ هجوماً على المدينة، بغطاء جويّ روسي".

في وادي بردى، تواصل قوات النظام، وبدعم من "حزب الله" ومليشيات طائفية إيرانية وعراقية، هجومها على بلدات وادي بردى المحاصرة وعلى رأسها بلدة عين الفيجة، حيث يوجد نبع الفيجة، المصدر الرئيسي لمياه الشرب لسكان مدينة دمشق ومحيطها، مستخدمة سياسة "الأرض المحروقة"، بفعل القصف العشوائي الكثيف عبر رمي البراميل والحاويات المتفجرة من خلال الطيران المروحي، إضافة إلى المدفعية الثقيلة وصواريخ أرض أرض المسماة بـ"فيل". وهي جميعاً أسلحة شديدة التدمير وغير دقيقة الهدف.

في هذا الإطار، أفاد عضو "الهيئة الإعلامية في وادي بردى" طارق أبو جيب، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "لليوم الثامن والعشرين على التوالي، تستمر الحملة العسكرية لقوات النظام ومليشياته بالإضافة لحزب الله على وادي بردى، الذي شهد قصفاً عنيفاً بالبراميل المتفجرة وقذائف المدفعية الثقيلة وصواريخ فيل، التي تستهدف بشكل مركز قرية عين الفيجة ومرتفعاتها، في وقت حاول النظام التقدم باتجاه البلدة، لكن محاولاته باءت بالفشل".

وذكر ناشطون أن "الأوضاع الإنسانية تزداد سوءاً يوماً بعد آخر، أمام العجز الدولي عن تحييد 100 ألف مدني عن العمليات العسكرية، وفتح ممرات آمنة لدخول المساعدات الإنسانية، إضافة إلى إخلاء الجرحى والحالات الإنسانية".



وتسعى قوات النظام إلى فرض سيطرتها على وادي بردى بالقوة، عقب رفض الأهالي والفصائل تسوية تقضي بإعادة النظام سيطرته على المنطقة، وإعادة الشباب المنشق والمتخلف عن الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية إلى القوات النظامية، في حين يهجر من يرفض هذه التسوية إلى إدلب كما سبق وفرض على داريا وقدسيا والهامة وغيرها بريف دمشق.

ويضغط النظام بدعم روسي لفرض سيطرته على مناطق دمشق وريفها الخارجة على سيطرته عبر تسويات، تعيده إلى تلك المناطق وتهجير من يرفضها، عبر التهديد بتدمير المناطق التي تمتنع عن الرضوخ كما يحدث الآن في وادي بردى. ويعتبر النظام وحلفاؤه تلك المناطق بمثابة "مناطق أمنية" لهم، متغاضين عن اتفاق وقف النار الناتج عن المبادرة التركية الروسية، التي لم تجد طريقها، إلى الآن، للتطبيق، في حين يترقب السوريون مؤتمر أستانة (23 يناير/كانون الثاني الحالي) الذي تقول راعيته روسيا، إن الهدف منه تثبيت وقف إطلاق النار، ويجمع مجموعة من الفصائل المسلحة مع النظام.

في دير الزور، واصل "داعش" محاولاته التقدم باتجاه مطار دير الزور العسكري والأحياء التي ما تزال تحت سيطرة النظام، وهي آخر معاقل النظام في المحافظة، التي يسيطر عليها التنظيم منذ أواخر 2014. أما النظام فاستقدم تعزيزات عبر الطيران المروحي من مطار القامشلي، محاولاً تدارك انهيار مواقعه وتنظيم صفوفه لشن هجوم معاكس.

في هذا الصدد، قال الناشط الإعلامي، عامر هويدي، في حديث لـ "العربي الجديد"، إن "التنظيم استغل، أمس الأربعاء، حالة الطقس، بفعل الضباب في المنطقة لتكثيف هجومه على مواقع النظام، فاستهدف أحياء الجورة والقصور بوابل من قذائف الهاون، ما تسبب بسقوط مزيد من الجرحى المدنيين، بعضهم بحالة خطرة، في ظل نقص حاد بالمعدات والمستلزمات الطبية". ولفت إلى أن "أوضاع المدنيين في الأحياء الخاضعة لسيطرة التنظيم لا تقل سوءاً، إذ يتم استهدافهم عبر الطيران الروسي وطيران النظام".



وأضاف أن "مفخخات داعش لم تهدأ منذ بدء الهجوم، والتي كانت الجزء الأهم بتقدمه، فاستهدف محيط مطار دير الزور العسكري بمفخخة ضربت عناصر النظام وتجمعاً كبيراً لهم دون معرفة الخسائر، في حين دارت اشتباكات عنيفة بين التنظيم والقوات النظامية في منطقة المقابر جنوب المدينة، في محاولات متكررة من الأخيرة لاستعادة ما خسرته، ولكن دون جدوى إلى الآن".

وبيّن هويدي أن "التعزيزات التي يستقدمها النظام غالبيتها من مقاتلي المليشيات، وذلك عبر الطيران المروحي، الذي يهبط باللواء 137 على طريق دمشق ـ دير الزور، آتية من مطار القامشلي، ويتم نشرهم على عدد من الجبهات ومؤسسات الدولة بأحياء الجورة والقصور وأطراف المدينة". وأفاد أن "عناصر داعش دهسوا عدداً من عناصر قوات النظام بالدبابات وسط تجمع كبير، كما قطعوا رؤوس عدد آخر منهم ونشروها في شوارع مدينة الميادين بالريف الشرقي لدير الزور".

من جهتها، أعلنت وكالة "أعماق" التابعة لـ"داعش" أن "التنظيم سيطر على مبنى شركة الكهرباء ومحيطه، عبر مفخخة قادها الانتحاري المسمى أبو علي الشامي، مستهدفاً تجمعَ القوات النظامية بمحيط الشركة، موقعة بينهم قتلى وجرحى، ومن ثم قامت مفارز الاقتحام في التنظيم بمهاجمة الشركة والسيطرة عليها"، مبيّنة أن "عدد قتلى النظام بلغ 15 قتيلاً إضافة إلى عدد من الجرحى".

من جانبها، أفادت مصادر إعلامية تابعة للنظام، أن "الطيران الحربي استهدف بغارات عدة تجمعات لداعش في منطقة المقابر ومحيط البانوراما ومحيط جبل الثردة وسرية جنيد جنوب مدينة دير الزور، بالتزامن مع قصف مدفعي وصاروخي". كما نشرت فيديوهات لجنود قالت، إنه "تصدّي الجيش السوري لهجوم داعش على محاور دير الزور"، ويظهر فيه مجموعة من المقاتلين وهم يقفون خلف ساتر ترابي ويطلقون النار. كما نشرت صورة لقائد قوات النظام في دير الزور، العميد عصام زهر الدين، واضعاً سلاحاً فردياً على ظهره وبيده جهاز اتصال، معلقة "العميد عصام زهر الدين في الصفوف الأمامية خلال التصدي لهجوم إرهابيي داعش".

في ريف حلب، واصل "درع الفرات" محاولته التقدم باتجاه مدينة الباب الخاضعة لسيطرة "داعش"، في حين أعلن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، أمس الأربعاء، أنه "شنّ، للمرة الأولى، أربع غارات في محيط مدينة الباب، دعماً للعمليات العسكرية التي تقودها تركيا ضد داعش"، حسبما أعلن المتحدث العسكري باسم التحالف، الكولونيل جون دوريان. الذي أضاف أنه "رصدنا أهدافاً قرب مدينة الباب، بالتعاون مع تركيا، ونحن نتوقع مواصلة هذا النوع من الغارات الجوية".

وفي وقتٍ جددت الطائرات الحربية التركية غاراتها على مواقع تابعة للتنظيم في الريف الشمالي الشرقي لمحافظة حلب، ذكرت وكالة "سبوتنيك" الروسية، أن "الطائرات الروسية والتركية قامت بأول عملية عسكرية معاً في ضواحي مدينة الباب".


المساهمون