وكتبت فون ديرلاين، في الرسالة التي نشرتها صحيفة "لا ريبوبليكا": "تقف أوروبا اليوم إلى جانب إيطاليا. لكن، للأسف، لم يكن الحال كذلك في الفترة الماضية".
وأضافت: "لا بدّ من الاعتراف بأنه، في بداية الأزمة، وأمام الحاجة إلى استجابة أوروبية مشتركة، لم يفكر أغلب الناس إلا بمشاكلهم الخاصة. لم يكونوا يدركون أنه لا يمكننا التغلب على هذا الوباء إلا باتحادنا. كان ذلك مضراً وكان يمكن تجنبه".
وأوضحت المسؤولة الألمانية الأصل أن "أوروبا غيّرت من إيقاعها خلال هذا الوقت"، قائلة: "لقد بذلنا كل ما في وسعنا لجعل الدول الأوروبية تفكر كفريق، ولضمان استجابة مشتركة تجاه مشكلة مشتركة. وقد رأينا تضامناً هنا في أوروبا أكثر من أي مكان آخر في العالم".
وذكّرت فون ديرلاين بالتدابير التي أخذها الاتحاد الأوروبي لمساعدة إيطاليا، وكذلك إسبانيا، كتزويدها بالمعدات الطبية والدوائية والوقائية اللازمة، وترك بعض النقاط الحدودية مفتوحة لضمان حركة البضائع، إضافة إلى تعليق بعض القوانين الأوروبية "لمنح الحكومة الإيطالية المرونة اللازمة للتصرف بسرعة وبقوة" ضد الأزمة.
كما أشارت إلى اتخاذ المفوضية قراراً، الثلاثاء، بتمويل تدابير"البطالة الجزئية" في إيطاليا وإسبانيا، بهدف تجنب تسريح العمال.
وتأتي رسالة فون ديرلاين في وقت يشعر الإيطاليون بأن الأوروبيين تركوهم وحيدين في أسوأ أزمة يعرفونها منذ عقود. وكان الرئيس الإيطالي، سيرجيو ماتاريلا، قد دعا الأوروبيين إلى التصرف بسرعة "قبل أن يفوت الأوان"، متمنياً أن يفهم الأوروبيون "خطورة التهديد الذي يواجه أوروبا".
وبسبب رفض بلدان الشمال، وخصوصاً ألمانيا وهولندا، لم يتوصل أعضاء الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق على طلب تقدمت به 9 دول، من بينها إيطاليا وفرنسا وإسبانيا، من شأنه إتاحة اقتراض جماعي للبلدان الأكثر تضرراً.
وتكشف رسالة فون ديرلاين عن انفتاح في موقف الأوروبيين يؤكد ما صرح به أخيراً وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، الذي أبدى تفاؤله بـ"نهوض" الاتحاد الأوروبي بعد "تأخره" في مواجهة الأزمة كفريق، آملاً بالتوصل إلى قرارات مشتركة قوية من شأنها مساعدة البلدان المتضررة بعبور الأزمة.
فرنسا تحذر من أن تؤدي "الأنانيات الوطنية" إلى "تلاشي" أوروبا
إلى ذلك، حذّر وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير، اليوم الخميس، من "تلاشي" أوروبا إذا استسلمت "للهلع وللأنانيات الوطنية" في وقت يواجه عدد من بلدان القارة أزمة صحية واقتصادية غير مسبوقة، مع تفشي وباء كورونا الذي أصاب 500 ألف وأودى بحياة 35 ألف أوروبيّ.
وقال لومير، في مؤتمر صحافي، تحدث فيه بالإنكليزية، وتكفلت خلاله صحافية بطرح أسئلة العديد من وسائل الإعلام الأوروبية والعالمية، إنّ لأوروبا "مسؤولية حاسمة أيضاً" خلال أزمة كورونا التي تواجهها، مشيراً إلى أنها أمام خيارين: "إما أن تستعيد جذورها السياسية وتصبح أقوى، وإما أن تستسلم للهلع وللأنانيات الوطنية وتتلاشى".
وذكّر بأن "جذور أوروبا السياسية" هي "التضامن" و"الأمن" و"الكرامة الإنسانية، خصوصاً في أوقات المرض". وقال بالإيطالية والإسبانية والإنكليزية، "كلنا إيطاليون"، "كلنا إسبانيا"، "كلنا أوروبيون".
وأوضح وزير الاقتصاد الفرنسي أن "الاتحاد الأوروبي اتخذ قرارات اقتصادية جيدة"، لكنه دعا إلى "الذهاب أبعد من ذلك والتصرف بقوة أكبر"، معيداً التذكير بمقترح بلاده "إنشاء صندوق استثنائي ومؤقت لإنعاش الاقتصاد الأوروبي بعد عبورنا للأزمة".
وقال: "إن على الاتحاد الأوروبي إعادة التفكير بنموذجه الاقتصادي على ضوء الهدف الاستراتيجي الذي أكده الرئيس (الفرنسي إيمانويل) ماكرون، والمتمثل في السيادة الاقتصادية".
وأضاف: "إن هذه الجائحة مناسبة فريدة لإعادة التفكير بشكل جماعي بكيفية إعادة تنظيم سلسلة القيم الخاصة بنا وإعادة موقعة بعض نشاطاتنا الأساسية. وهي مناسبة فريدة لإعادة التفكير في الاستثمارات الضرورية في قطاع الصحة، وفي الكيفية التي يمكننا من خلالها حماية حدودنا بشكل أكبر"، لافتاً إلى أن كلمة "حماية" تعني "الدفاع الشرعي عن مصالحنا الاقتصادية الأكثر حيوية".
وعن مقترحات فرنسا لحلول أوروبية مشتركة للأزمة، قال لومير إن بلاده تحضر عدداً من الخطط للرد على طلب المجلس الأوروبي لتدابير اقتصادية إضافية للحد من تداعيات كورونا.
وأشار إلى أن مقترحات بلاده تتمثل في تفعيل صندوق الإنقاذ المالي الأوروبي "من دون شروط مفرطة ومن دون تمييز بين بلد وآخر"، والحصول على تسهيلات اقتراض جديدة من قبل بنك الاستثمار الأوروبي، إضافة إلى "فكرة تأمين مشترك للبطالة". ومن المنتظر مناقشة هذه المقترحات يوم الثلاثاء المقبل.
وقال لومير إنّ لأوروبا "مسؤولية في تجنب مأساة في الدول النامية، خصوصاً في أفريقيا"، مقترحاً "تجميد الديون للبلدان الأكثر فقراً خلال الأشهر المقبلة" لمساعدتها في مواجهة الأزمة.