شبح كورونا يخيّم على ليبيا: تراجع وتيرة العمليات العسكرية

17 مارس 2020
تراجعت الأعمال القتالية إلى حد كبير (فرانس برس)
+ الخط -
ألقى خطر تسلّل فيروس كورونا المستجد، بظلاله على مشهد القتال والأعمال العسكرية في ليبيا، فمع تصاعد درجة الخطر، تراجعت الأعمال القتالية التي كانت تدور في شكل قصف مدفعي وصاروخي متبادل، منذ يومين إلى حد كبير.

وشهد محور طريق المطار، أكثر محاور القتال توتراً منذ أسابيع، تبادلاً للقصف المدفعي لأقل من نصف ساعة مساء أمس الاثنين، قبل أن يعود الهدوء الكامل ليخيّم عليه وعلى كلّ المحاور الأخرى.

ويبدو أن الموقف العسكري بدا منحصراً في التصريحات على مستوى قادة طرفَي الصراع، فقد أشار المتحدث الرسمي باسم إدارة التوجيه المعنوي بقوات حفتر، خالد المحجوب، إلى أن العملية العسكرية يجب أن تركز على الجانب الأمني، على الرغم من أنه أكد، في تصريحات صحافية ليل أمس، أن كل الأهداف العسكرية في طرابلس ممكنة، وأن قوات حفتر "يمكنها الدخول إلى ما تبقى من العاصمة، حال استئناف العمليات العسكرية".

من جانبه، أكد المتحدث الرسمي باسم مكتب الإعلام الحربي لعملية "بركان الغضب" التابع لحكومة الوفاق، عبد المالك المدني، استعداد قوات الحكومة لصدّ أي تقدم من قبل قوات حفتر، لافتاً إلى أن كلّ المحاور في أرفع مستويات استعدادها.

وعن الوضع الحالي، أكد في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الهدوء الكامل يسود، على الرغم من بعض محاولات الخرق من قبل قوات حفتر لإحراز تقدم، مؤكداً في المقابل أنها في تراجع كبير في ظل هدوء الأوضاع.

لكن في المقابل يشير قرار حفتر، أمس، بتشكيل "لجنة عسكرية عليا لمكافحة وباء كورونا" برئاسة رئيس الأركان في قواته عبد الرزاق الناظوري، إلى انشغال قيادته الكامل بمواجهة خطر تسلّل الفيروس إلى ليبيا بشكل شبه كامل، إذا تلى قرار حفتر أمس، إعلان من الناظوري، اليوم الثلاثاء، بإقفال المطارات، والإشراف على قرار إغلاق المنافذ البرية، مطالباً المواطنين الليبيين الموجودين بالخارج بسرعة العودة إلى البلاد قبل يوم الخميس المقبل.

ويؤكد الخبير الأمني الليبي عبد الصيد عبد الحفيظ، أن أثر هذا القرار سيكون مباشراً على إدارة المعارك، إذ إنّ إغلاق الأجواء والمنافذ يعني وقف وصول الإمدادات العسكرية والمقاتلين، مضيفاً: "يتوجب على طرفي القتال الحفاظ على عتادهم العسكري ومقاتليهم من خطر تسرّب الفيروس إليهم، خصوصاً من قبل القادمين من الخارج".

ويستقبل معسكر حفتر منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي عشرات الرحلات الجوية التي تسيّرها شركة "أجنحة الشام"، التي أكد قادة حكومة الوفاق في تصريحات سابقة أنها تحوّل على متنها مقاتلين سوريين موالين لنظام الأسد، يسدّ بهم حفتر النقص الكبير في المقاتلين الذي يعانيه معسكره.

ويرجح عبد الحفيظ في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن يكون لأوضاع الطوارئ في الدول الحليفة لحفتر كمصر والامارات على وجه التحديد، أثر كبير على أوضاع معسكره، مشيراً إلى أن قرار حفتر بإنشاء لجنة عسكرية لمواجهة وباء كورونا انعكاس لذلك.

في المقابل، تتهم دول عدة تركيا بنقل عشرات المقاتلين السوريين إلى معسكرات حكومة الوفاق، غرب ليبيا، ما يجعل الحكومة وقواتها في ذات الموقف الذي تعانيه قوات حفتر، بحسب عبد الحفيظ.

ويضيف المحلل السياسي الليبي، مروان ذويب من جهته، أسباباً أخرى لجمود العملية العسكرية، منها الوضع المقلق الذي يعانيه المجتمع الدولي بأسره جراء اتساع رقعة انتشار الفيروس، وإعلان الطوارئ، وصب كل الجهود لمقاومته، معتبراً أن "الفراغ الأممي في ليبيا بعد استقالة غسان سلامة زاد من حدته التهاء الأمم المتحدة نفسها في مواكبة جهود مقاومة خطر الفيروس عالمياً، ما جعل الملفات السياسية في العالم، ومن بينها ليبيا، في الدرجة الثانية من الاهتمام الأممي.

وينقل ذويب عن مصادره الخاصة في حديثه لـ"العربي الجديد"، تأكيدها أن "الهلع يسيطر على المقاتلين في معسكراتهم، سيما القريبة من التمركزات التي يوجد فيها مقاتلون أجانب"، مشيراً إلى أن وحدات صحية أرسلها معسكر حفتر إلى قاعدة الجفرة، جنوب غرب طرابلس، بدأت بعمليات كشف واسعة على المقاتلين الأجانب في القاعدة التي تشكل غرفة العمليات الرئيسة لقوات حفتر باتجاه طرابلس.
وفي طرابلس، شاهد مراسل "العربي الجديد" تراجعاً كبيراً في حركة خطوط سير مقاتلي قوات الحكومة، وتحديداً باتجاه منطقة صلاح الدين وطريق المطار، وهما المحوران الأكثر اشتعالاً في الفترات الماضية.

واتفقت سلطتا حكومة الوفاق في طرابلس والحكومة الموازية المنبثقة عن مجلس النواب الموالية لحفتر في شرق البلاد، على وقف أغلب الأعمال الحكومية، وغلق المدارس، بالإضافة إلى إقفال المقاهي، وصالات الألعاب، والمدن الرياضية، للحدّ من التجمعات التي قد تكون طريقاً لانتشار الفيروس، وقبلها إغلاق كلّ منافذ البلاد البرية والبحرية والجوية، باستثناء المواطنين الراجعين من دول الجوار، والذين حثتهم سلطتا الحكومتين على سرعة الرجوع للبلاد.
المساهمون